النفوذ الإيراني.. أكبر تحد للكاظمي في زيارته الأولى لواشنطن!
١٨ أغسطس ٢٠٢٠اغتيالات لشخصيات بارزة واختطاف في وضح النهار.. عمليات تكررت مؤخراً في العراق، وجه في الكثير منها أصابع الاتهام إلى الميليشيات التي تدعمها إيران.
في هذه الأجواء يقوم رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بزيارته الأولى إلى الولايات المتحدة الأمريكية، إذ من المقرر أن يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخميس (20 آب/ أغسطس 2020) لمناقشة الكثير من الملفات الحساسة التي تهم البلدين معه.
خطر على الأمة
وفي هذا الإطار يرى الدكتور غسان العطية، رئيس المعهد العراقي للتنمية والديمقراطية في لندن، إن مشكلة هذه الميليشيات الأساسية تكمن في "الولاء"، إذ يدين كثير من قادتها بالولاء لإيران وخامنئي، مضيفاً أن "أزمة هذا الطرح المذهبي هو أنه لا يعترف بالأوطان بقدر ما يعترف بالأمة الإسلامية ويقلل من دور الوطن والدولة بشدة، ما يمثل تحدياً كبيراً للعراقيين وللمنطقة ويهدد كيان أي دولة قائمة"، حسب وصف العطية.
وكانت تلك الفصائل قد تعهدت بالثأر لأبو مهدي المهندس، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي الذي قُتل مع قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني في هجوم بطائرة أمريكية مسيرة في بغداد في يناير/كانون الثاني.
ويرى مراقبون أن هذه الميليشيات تقف من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي موقفاً معارضاً وترى أن علاقاته القوية بواشنطن تمثل تهديداً وتحدياً لنفوذها.
جدية في المواجهة
في المقابل يرى متظاهرون عراقيون أن الكاظمي يساند موقفهم ومطالبهم سواء المتعلقة بضرورة إنهاء التدخلات الإيرانية في الشأن العراقي أو تطهير مفاصل الدولة ممن يدينون بالولاء لإيران أو التصدي للفساد. وهو ما استدلوا عليه، حسب مراقبين للشأن العراقي، بطلبه مساندة الشباب له عقب توليه رئاسة الحكومة والعمل على استعادة هيبة الدولة العراقية، وهي ما تبدو مهمة صعبة.
ويبدو أن معالم تصميم الكاظمي على التصدي لهذا الملف قد اتضحت مع اتخاذ الحكومة العراقية في تموز/ يوليو من هذا العام قراراً بنزع سلاح الأحزاب السياسية وزعماء العشائر في بعض المحافظات العراقية، كما في محاولة الكاظمي بسط سيطرته على المنافذ الحدودية مع إيران بشكل فعال.
وبحسب الباحث العراقي الراحل هشام الهاشمي، فإن الميلشيات المسلحة تمثل دولة داخل الدولة، كما تعمل بتوجيهات مباشرة من الحرس الثوري الإيراني.
وباغتيال الهاشمي اعتبر البعض أن تلك رسالة مباشرة للكاظمي بعدم التعامل مع هذا الملف خاصة وأن الهاشمي كان صديقا مقرباً لرئيس الحكومة ويعتبر أحد أكثر الخبراء العراقيين معرفة ودراية بتشعبات وارتباطات تلك الميليشيات في الداخل والخارج العراقي.
في هذا الإطار يعتقد الدكتور غسان العطية الخبير السياسي العراقي أن "الكاظمي راغب بالفعل في إنهاء دور الميلشيات المنفلتة أو كما يسميها الصدر ’ الوقحة‘ أو ’الذيول‘، لكن على أرض الواقع لم يستطع تحقيق ذلك إلى الآن فالرغبة شي والإرادة والقدرة شيء آخر".
ويحذر العطية من عدم اتخاذ رئيس الحكومة لقرارات حاسمة قائلا إذا استمر الكاظمي في مسك العصا من المنتصف أو عمل توازنات فسيجد نفسه عملياً في حالة شلل تام أمام تلك الميليشيات.
على الجانب الآخر، يرى خبراء ومتابعون للمشهد العراقي أن الأزمة الاقتصادية التي تعصف بإيران نتيجة للحصار المفروض عليها قد أثرت كثيراً على إمدادات الأموال لهذه الميلشيات وهو ما يمكن أن يسهل مهمة تقليم أظافرها لاحقاً.
زيارة حساسة لواشنطن
يخيم توتر شديد على المشهد العراقي، فرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي رئيس المخابرات العراقية السابق لديه رغبة حقيقية في حل المشكلات المؤرقة مثل العلاقة مع إيران وأزمة الميليشيات والمخاوف من عودة تنظيم "داعش" وأزمة الطاقة وتصاعد الإصابات بفيروس كورونا وملاحقة قتلة المتظاهرين والهجمات المستمرة على القواعد الأمريكية.
ووفق مراقبين للشأن العراقي، تسعى طهران ومعها حلفاؤها في العراق إلى أن يكون محور محادثات الكاظمي في واشنطن هو خروج كافة القوات الأجنبية بدلاً من الحديث عن سبل التصدي للميليشيات المدعومة إيرانياً، إذ يتصاعد القلق من أن تتسبب زيارة الكاظمي لواشنطن في تلقي مزيد من الدعم الأمريكي في هذا الشأن.
ويرى الدكتور غسان العطية، الخبير السياسي العراقي في لندن، أن زيارة الكاظمي سيكون لها بالفعل نتائج كبيرة على المنطقة وعلى العراق. بيد أنه أثار في الوقت نفسه أثار مخاوف من أن تتسبب لقاءاته السابقة مع مسؤولين إيرانيين قبيل الزيارة في تحويل بوصلة الموضوعات المطروحة للنقاش مع الأمريكيين.
ويستدرك الخبير السياسي العراقي قائلاً إنه مها تكن أهمية الموضوعات المطروحة للنقاش في زيارة الكاظمي لواشنطن فإن المؤكد هو أن "ترامب مشغول للغاية بالانتخابات الرئاسية وهو ليس بوارد القيام بأي عمل كبير في الملف العراقي"، مضيفاً أن "الإدارة الأمريكية الآن تقوم فقط بإدارة ملف الأزمة والعمل على إضعاف النفوذ الإيراني ومثال ذلك سيطرة الكاظمي على المنافذ الحدودية".
سلاح الاقتصاد "الحاسم"
من ناحية أخرى، ونظراً لأزمة إيران الاقتصادية فإنها تعتمد كثيراً على مبادلاتها مع العراق بحجم تجارة يصل إلى 12 مليار دولار سنوياً. كما تنوي إيران رفعها إلى 20 مليار دولار إلى جانب تصدير الكهرباء إلى العراق، وهو الملف الذي تخشى إيران بشدة أن يكون باباً خلفياً لمزيد من الضغوط الأمريكية عليها عبر العراق.
ويرى الدكتور غسان العطية أن إيران ستدافع بشدة عن هذه المكتسبات وهو ما فعلته من قبل "حين أراد العراق توقيع اتفاق مع السعودية للربط الكهربائي لكن المشروع أوقف نتيجة الضغط الإيراني؛ والآن هناك مسعى حقيقي للعودة إلى هذا الاتفاق وتنفيذه، خاصة مع تردي الخدمات الكهربية في العراق".
ويختتم العطية كلماته بالقول إن الأمريكيين وإن كانوا يريدون من الكاظمي أن يكون حاسماً بشأن إيران وميليشياتها في العراق، عليهم، هم والاتحاد الأوروبي، أن يتفهموا أن الرجل عليه ضغوط يستحيل معها أن يتصدى بشكل كامل وبنسبة 100% لمسألة التدخل الإيراني والتفهم بأن "هذه المعركة بما أنها لن تحسم عسكرياً فستحسم اقتصادياً ودبلوماسياً واستخباراتياً ولكن على المدى الطويل".
ويرى الخبير العراقي أن "إطالة أمد هذه المعركة لا يعني بالضرورة أنها ستنتهي لصالح استقرار العراق بل قد تؤدي لحالة من الفوضى".
عماد حسن