فيلم ألماني عن وقائع كراهية الأجانب في سنة 1992
٢٥ يناير ٢٠١٥في 24 أغسطس 1992 تعرض مبنى لإيواء اللاجئين في منطقة ليشتينهاغين في روستوك بشرق ألمانيا إلى هجوم من النازيين الجدد. وأشعل اليمنيون المتطرفون النيران في المبنى وسط تصفيق سكان المنطقة التي يقع فيها المبنى، لكن اللاجئين نجوا بأعجوبة من الموت بعد أن حاصرتهم النيران وطوقهم النازيون الجدد من كل مكان.
هذا الهجوم اعتبر من أبشع الهجمات ضد الأجانب في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. المخرج الألماني الأفغاني برهان قرباني قدم فيلمه الجديد "نحن شباب، نحن أقوياء"، الذي يتحدث عن هذه الهجمات، والذي بدأ عرضه في دور السينما الألمانية اعتبارا من يوم الخميس (22 كانون الثاني/ يناير 2015 ) .
ثلاثة محاور رئيسية للفيلم
يصور الفيلم أجواء الأحداث التي جرت بصورة دراماتيكية ومن زوايا مختلفة تجذب المشاهد وتدفعه لمتابعة لقطاته. وفي المحور الأول تظهر مجموعة من الشبان الضالين العاطلين عن العمل ومثيري الشغب وهي تضرم النيران في المبنى، كانوا شبانا غاضبين يجوبون شوارع منطقة "أوده" السكنية في مدينة روستوك، ويعتريهم ملل من حياتهم يدفعهم للبحث عن إثارة مشكلة تنفس عن خيبتهم وإحباطهم وميولهم للعنف.
يتابع الفيلم في محوره الثاني صباح يوم امرأة فيتنامية حصلت توا على عقد عمل مفتوح وبدأت أولى خطوات حياتها في بلدها الجديد ألمانيا.تبدأ صباحها وهي مليئة بالأحلام والآمال، رغم أجواء العداء ضد الأجانب التي تسود المدينة. وفجأة وجدت المرأة نفسها محاصرة بنيران الحريق الذي أضرم في المبنى.
المحور الثالث في الفيلم يسرد وقائع من حياة أحد ساسة المنطقة وهو يعاني من ضغط العمل المفرط، لدرجة أغفل معها أن ابنه قد انضم إلى إحدى الجماعات اليمينية المتطرفة.
شهادة سياسية حية
بسلاسة دراماتيكية معتمة يروي الفيلم وقائع العداء العنصري العنيف الذي يستهدف طالبي اللجوء بشكل لا يرقى إلى مثله أي فيلم ألماني آخر، وحاول الفلم أن يقدم رسالة سياسية تحرص على تذكير الناس بفضائع كراهية الأجانب في ألمانيا.
المخرج برهان قرباني وفي حديث خاص مع DWأشار إلى أن الأحداث ورغم مرور أكثر من 20 عاما عليها لم تنه صمت المجتمع غير المعلن عنها " . خاصة أن اعتداء روستوك لم يكن الوحيد ضد الأجانب في التاريخ الحديث لألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. ففي مناطق هويرسفيردا وروستوك ومولن وزولينغين شنت هجمات بنفس المستوى" كما يضيف المخرج قرباني..
كان عمر برهان قرباني 12 عاما إبان اعتداءات سنة 1992، وقد شعر هو ألآخر شخصيا بما وصفه ب "بضغط اليمين" في ألمانيا، وراوده شعور بأنه شخص من كوكب أخر يعيش في ألمانيا، وخاصة أن والديه كانوا قد هربوا من بلدهم الأم أفغانستان لأسباب سياسية جاءت بهم إلى ألمانيا .
مبنى اللاجئين في روستوك كان معروفا بألوانه ورسومات الزهور على جدرانه الخارجية وذلك دأب الناس على تسميته "بيت زهور عباد الشمس". وأكثر ما آلم برهان هو أن "حليقو الرؤوس والنازيين الجدد" لم يكونوا وحدهم من أحاطوا بالمبنى وشجعوا على إضرام النار فيه، بل ساندهم أيضا بعض الناس الاعتياديين .
من هنا ، بات برهان قرباني يرى أن عنف الشباب ليس إلا مظهرا لتطور اخطر، ويطرح فيلمه رؤية عن مجتمع لا مبال فشل في تربية أطفاله، كما يؤكد قرباني.
صراع الأب والابن
يلعب الممثل ديفيد شتريسوف دور السياسي بعنوانه إنسانا فشل في تحمل المسؤولية كسياسي وكأب، ويحاول أن يناور بطريقة تكتيكية لحل المشاكل، ولكنه لم يعد يدرك منذ زمن طويل ما يدور أصلا حوله. وفي يوم اندلاع النيران في المبنى يفاجأ الأب بأن ابنه لا يقف في الجانب السياسي المغاير له فحسب، بل انه يتزعم إحدى الخلايا المتطرفة التي تكن العداء للأجانب. وأختار قرباني أن يعرض فيلمه بالأبيض والأسود لكي يقرّب الصورة أكثر إلى المشاهد، كما أوضح هو .
ولا يسرد فيلم "نحن شباب، نحن أقوياء" فقط أحداثا من الماضي، بل يتناول أيضا النقاشات السياسية حول مراكز اللجوء والتعامل الإنساني مع اللاجئين وهي أحداث يدور الحديث حولها حاليا في ألمانيا، والعنف ضد هؤلاء اللاجئين "ما زال يخيم على الأحداث اليومية في ألمانيا"، كما يضيف المخرج برهان قرباني مختتما حديثه .