القطاع الحرفي الألماني يسعى إلى استقطاب الشباب من أصول مهاجرة
٢٩ مارس ٢٠٠٩قرابة نصف مليون شاب داخل ألمانيا، يتلقون حاليا تدريباً مهنياً داخل المصانع والورش الحرفية. ونصيب المتدربين من أصول أجنبية لا يبلغ سوى خمسة بالمائة، وهي نسبة وإن كانت تتجاوز بكثير نسبة المسجلين من المتدربين من أصول أجنبية في قطاعات الخدمات والتجارة والصناعة. إلا أنها تعد الأقل منذ خمسة عشر عاما. فهناك تراجع ملحوظ في معدل الشباب من أصول مهاجرة، ممن يرغبون تعلم المهن الحرفية، وذلك في الوقت الذي تعاني فيه ألمانيا نقصا حاداً في الحرفيين المتخصص.
وأخذ الإتحاد الألماني المركزي للمهن الحرفية مؤخراً يركز وبقوة على الشباب من أصول أجنبية، حتى أن ما وصف بخارطة الاندماج، التي أطلقها الإتحاد، حملت شعارا مفاده أن "حرفيي الغد المؤهلين هم من الأتراك". ولا يعني هذا أن المركز يهتم بشباب أجانب، وإنما بمواطنين من أصول اجنبية مهاجرة. ومن جهته، ذكر رئيس الإتحاد الألماني أوتو كينسلار، أنه يجب معرفة أسباب تراجع اهتمام الشباب ذوي الأصول الأجنبية بتعلم الحرف المهنية، ولذا أضحى من الضروري فتح حوار بين جميع الأطراف المعنية بما فيها المدراس ومكتب العمل وغرف التجارة والصناعة إضافة إلى الآباء.
وعادة ما يشغل المهاجرون في ألمانيا أعمالا من دون الحصول على تأهيل مهني، وبالتالي فلا عجب من أن ما يقرب من 40 بالمائة من الشباب ذوي الأصول المهاجرة لم يتلق تدريبا مهنيا، فيما لا تتعدى النسبة لدى الشباب الألمان 15 بالمائة. ويسعى الإتحاد المركزي الألماني للمهن الحرفية إظهار أهمية التدريب الحرفي للشباب الأجنبي وكيف أن هذا القطاع يقدم عددا كبيرا من الاختصاصات المغرية. كما أنه يساعد على الاندماج داخل المجتمع، مضيفا: "أنهم يعملون ضمن مجموعات صغيرة، وبالتالي تعزز فرصهم في إيجاد عمل ومكان داخل المجتمع"، بحسب توماس كينسلار.
تجربة طيبة مع المتدربين الأجانب
منذ عشرين عاما، وصانع الأسنان دومينك كروشين يقدم أماكن للتدريب للجيل الناشئ داخل معمله، وتوافد عليه عدد كبير من المتدربين من أصول أجنبية، وكانت له معهم تجربة يصفها بالطيبة. وهي تجربة بدأت لديه قبل عشرين عاما بقدوم إحدى الفتيات الإيطاليات إلى معمله، وكانت أولى متدرباته الأجنبيات. ويعلق كروشين عن ذلك قائلاً إنه لم يلحظ إي شيء يجعلها مختلفة عن زملاءها وزميلتها من الألمان.
وبعد ذلك استقبل كرويشن في معمله لصناعة الأسنان مجموعة من الشباب الفيتناميين، وكانوا متميزين باجتهادهم الكبير وحبهم للعمل. وثم لحقهم متدربون من أصول برازيليلة، وقد نجحوا في اجتياز الاختبارات الأولية للفترة التدريبية. أما في الوقت الحالي، فيعمل في مصنعه متدربان من أصول يونانية.
ومن المؤكد، أن اللغة الألمانية تشكل أكبر عائق يقف في وجه هؤلاء الشباب خلال مسيرتهم التعليمية. وهذا ما تؤكده مدربة الحلاقة، السيدة روزماري تيسمان، كونها ترى "أن الشباب المنحدر من عائلات روسية وتركية لا يتقن اللغة الألمانية بشكل جيد". إذ أنهم يتحدثون في معظم الأحيان لغة ذويهم داخل بيوتهم ومع ذويهم. وبالتالي فهم يواجهون مشاكل كبيرة في التواصل باللغة الألمانية.
ضعف المؤهلات المدرسية وتحديات المستقبل
ولا تشكل اللغة الألمانية العقبة الوحيدة فحسب أمام الشباب الصاعد، وإنما يفتقر هؤلاء إلى مؤهلات مدرسية تخول لهم الالتحاق بالمعاهد التدريبية. وهذا ما تؤكده الأرقام المسجلة من قبل غرف التجارة والصناعة. ومن جهة أخرى تشكو مصانع التأهيل من نقص في مؤهلات الشباب وفي رغبتهم في الانضباط.
وتعتبر مدارس التعليم الأساسي الأرضية الأولى لإعداد جيل جديد من الحرفيين. وبحكم أن عدد الطلاب من الأصول أجنبية داخل هذه المدارس يفوق النصف. فإن انتقادات شديدة تواجهها المدارس التعليمية، كونها لم تنجح حسب البعض في إعداد الطلاب لمواجهة سوق العمل. وفي إطار البحث الحثيث عن سبل تشجع الشباب من أصول أجنبية للتوجه إلى التدريب الحرفي، يعمد الإتحاد المركزي الألماني للمهن الحرفية إلى فتح قنوات الحوار مع الأطراف المعنية وعلى رأسها مدارس التعليم الأساسي.
الكاتبة: مونيكا لومولير/ وفاق بنكيران
تحرير: عماد م. غانم