الغرب وثورات العالم العربي: صراع بين القيم والأفعال
٢٣ مارس ٢٠١١إن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد شعارات وكلمات غير مكلفة، يرددها صناع القرار السياسي في الغرب، حينما يتحدثون عن الحرية والديمقراطية وضرورة حمايتها كقيم غالية. إلا أنه حين يحاول المضطهدون المحرومون من الحرية الانعتاق من الأنظمة القمعية، فإنه ليس بوسعهم دائما انتظار أن تلي هذه الكلمات الجميلة أفعال ملموسة. ويصعب على المرء فهم كيف، أن نفس السياسيين الذين يدخلون في حرب ضد دكتاتور كصدام حسين، يتعاونون في الوقت نفسه مع طغاة آخرين كالرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي.
بطبيعة الحال هناك قواعد محددة في القانون الدولي تقنن التدخل في شئون دول أخرى، وهي قوانين يتم تجاهلها والاستخفاف بها أحيانا. والوضع الحالي في ليبيا يشهد على ذلك. الولايات المتحدة "المشتبه به المعتاد" لا يمكن عتابها هذه المرة، فبراك أوباما تردد في البداية قبل أن يستدرجه ساركوزي إلى الحرب، ربما تعمل على نسيان التعاون المحرج بين ساركوزي والقذافي خلال السنوات الماضية.
في واشنطن وفي بعض العواصم الأخرى يسود إحساس بالامتنان للتونسيين والمصريين الذين قادوا الثورة بأنفسهم دون طلب مساعدة خارجية. وهكذا تم دعم القيادات الجديدة وبدا وكأن الغرب كان يدعم التغيير دائما. الوضع مغاير تماما في ليبيا لأن المعارضة ضعيفة جدا و الثروة النفطية كبيرة جدا. فمن جهة،لا يجوز دعم المعارضة للانتصار، وإلا اعتبر ذلك تدخلا خارجيا ، ولكن في الوقت ذاته لا أحد يريد التخلي عن النفط الليبي. وهذا ما يفسر موقفا غربيا، مشكوكا في بنيته، لتدخل عسكري إنساني.
في السعودية والبحرين وباقي دول الخليج يلعب البترول والمصالح الاقتصادية إضافة إلى الصراع مع إيران دورا أهم من دعم الحركات الديمقراطية فيها. في اليمن لعب الرئيس صالح دور محارب تنظيم القاعدة، وبالتالي فرجل كهذا حسب هذا المنطق لا يجوز إضعافه.
وكلما طال اتباع هذا النهج، إلا وابتعد الناس في هذه البلدان عن الغرب وقيمه المزعومة. وسيبتعدون أكثر في اليوم الذي سينتزعون فيه حريتهم بكفاحهم. قد يتفاوت زمن تحقق هذا الهدف هنا وهناك، إلا أن العملية تبدو وكأنه لا رجعة فيها. فبعد التحرر من الاستعمار حان وقت التحرر من الطغاة.
بيتر فيليب
مراجعة:هبة الله إسماعيل