"الدول العربية تتنصل من مسؤولياتها إزاء العمليات العسكرية ضد ليبيا"
٢٠ مارس ٢٠١١منذ البداية كان واضحاً أن أي عمل عسكري ضد نظام معمر القذافي سيشكل مخاطرة، وأن النجاح لم يكن مضموناً. وهذا ما تم تأكيده الآن، فالدكتاتور الليبي لا يبدو مستعداً للاستسلام، بل بدأ في تعبئة أنصاره لمهاجمة أهداف غربية. القوات الدولية متفوقة عسكرياً، لكنها لن تجازف بنشر قوات برية ضد النظام. لا يمكن لأحد التنبؤ بموعد انتهاء هذا القتال غير المتكافئ، لكن علينا أن نكون مستعدين للأسوأ، وهو أن يتحول هذا القتال إلى حرب طويلة الأمد تخلف عدداً كبيراً من القتلى.
رغم ذلك فإن مجلس الأمن الدولي تصرف بشكل صحيح، إذ أن عواقب عدم التصرف إزاء قمع الدكتاتور للانتفاضة الشعبية في بلاده ستكون وخيمة. يتوجب على المجتمع الدولي أن يثبت أن تضامنه مع حركات التحرر الديمقراطي في العالم العربي ليس ادعاءات جوفاء فقط، وواجه خيارين أخلاقيين مثيرين للجدل كان عليه اختيار أحدهما بسرعة.
لكن عدم إصرار الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على مشاركة الدول العربية، رغم تأكيدات هذه الدول المستمرة، أمر خطير. فعلى الرغم من مطالبة جامعة الدول العربية بفرض منطقة حظر للطيران بشكل عاجل، ومشاركة إمارة قطر الصغيرة فقط بقواتها العسكرية، لا يمكن أن نتجاهل أن الغرب هو من يقود هذا التدخل، وأن القادة العرب نجحوا في التنصل من كل مسؤولية واضحة. وهنا تكمن الخطورة على شرعية هذا التدخل العسكري في المنطقة بأسرها.
مقارنة بالتدخل العسكري في العراق وأفغانستان، فقد لقي التدخل العسكري في ليبيا قبولاً أكبر في العالم العربي، ذلك لأن الكثيرين أعربوا عن تضامنهم مع الثوار وكفاحهم ضد القذافي. لكن هذه المشاعر يمكن أن تتغير بسرعة، كلما بدأت صور ضحايا القصف الأميركي من المدنيين في ليبيا بالظهور على قنوات التلفزيون أو على موقع يوتيوب في الإنترنت.
لقد انتقدت جامعة الدول العربية العمل العسكري الغربي دون أن تقوم بتقديم أي بدائل، وهذه إشارة تبعث على القلق، فالغضب الذي توجهه الشعوب العربية منذ عدة أشهر ضد أنظمتها قد ينقلب بسرعة إلى صورة عدائية للغرب، وهو ما سيكون في صالح حكام المنطقة الذين يواجهون حالياً حركات التغيير.
راينر زوليش
مراجعة: منصف السليمي