ويمبلي في انتظار ساوثغيت و"توأما التهديف" مانشيني وفيالي
٩ يوليو ٢٠٢١عندما سيقود الإيطالي روبرتو مانشيني منتخب "أتزوري" يوم الأحد في نهائي كأس أوروبا لكرة القدم على ملعب "ويمبلي" أمام انكلترا الدولة المضيفة، إلى جانب صديقه جانلوكا فيالي، سيستعيد المهاجمان الدوليان السابقان الذكريات الأليمة لخسارة على الملعب الشهير في نهائي دوري أبطال أوروبا.
وُلد مانشيني وفيالي بفارق أشهر قليلة واشتهرا بـ "توأما التهديف" بعدما أمضيا ثمانية أعوام معاً بقميص نادي سمبدوريا. لعبا معاً بفضل أهدافهما، دوراً بارزاً في فوز سمبدوريا بلقب كأس الكؤوس الأوروبية موسم 1989-1990، كما رفعا كأس إيطاليا 3 مرات قبل التتويج بلقب الـ "سكوديتو" في عام 1991، وهو اللقب الوحيد في تاريخ هذا النادي في "سيري أي" حتّى الآن.
كان من الممكن أن تزخر مسيرة اللاعبين بألقاب أكثر، غير أن سمبدوريا خسر نهائي دوري أبطال أوروبا في عام 1992 أمام برشلونة الاسباني صفر-1، في مباراة أقيمت على ملعب .. ويمبلي !
غادر فيالي، المتوج هدافاً للدوري الإيطالي في موسم الفوز باللقب (19 هدفاً في 26 مباراة)، إلى يوفنتوس ليسدل الستار على شراكة هجومية تاريخية في ملاعب الكرة المستديرة.
القدر والدوري الانكليزي يجمعان مانشيني وفيالي
غير أن قدر اللاعبين قادهما معاً إلى الدوري الانكليزي الممتاز وهما على شفير الإعتزال: مانشيني مع ليستر سيتي على سبيل الإعارة من لاتسيو عام 2001، وفيالي بقميص تشلسي بين عامي 1996 و1999.
حافظ المهاجمان السابقان على روابط صداقتهما، قبل أن يجتمعا مجدداً بزي قميص المنتخب ويقودا "سكوادرا أتزورا" إلى نهائي البطولة القارية بمواجهة "الأسود الثلاثة". تم تعيين مانشيني مدرباً لإيطاليا في عام 2018 مع مهمة إعادة إحياء وترميم منتخب فشل في التصفيات المؤهلة لمونديال روسيا ولم يشارك في العرس الكروي، بعدما توّج بطلاً أربع مرات.
وبالفعل، حمل مهاجم بولونيا ولاتسيو السابق منتخب بلاده على كاهله مع أسلوب أعاد البريق لتشكيلة باتت اليوم تحمل الرقم القياسي المحلي لسلسلة من المباريات لم تذق خلالها طعم الخسارة، وصلت إلى 33 مباراة عقب الفوز على اسبانيا بركلات الترجيح 4-2 بعد التعادل 1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي في الدور نصف النهائي.
من ناحيته، عاد فيالي إلى المنتخب لقيادته رئيساً للوفد في عام 2019، وباتت صورة العناق بينه وبين مانشيني إثر فوز "أتزوري" على النمسا 2-1 بعد التمديد على ملعب "ويمبلي" في دور ثمن النهائي، أيقونة أمة تسعى إلى التتويج باللقب القاري للمرة الثانية في تاريخها والأول منذ 1968 بعد حملتين فاشلتين في نهائي 2000 و2012.
هناك ناحية عاطفية أخرى في رواية فيالي، فالمهاجم والمدرب السابق لتشلسي الانكليزي، الذي احتفل بعيد ميلاده الـ 57 الجمعة، كان يقود معركة خارج المستطيل الأخضر حين خضع للعلاج من سرطان البنكرياس في الفترة التي تسلم خلالها مانشيني مهامه الفنية مع "ناتسيونالي".
لم يحصل فيالي على الضوء الأخضر من الأطباء لاستعادة حياته الطبيعية إلاّ في نيسان/أبريل من العام الماضي، بعد معركة ثانية مع المرض الخبيث.
قال المهاجم صاحب 16 هدفاً دولياً في 59 مباراة في مقابلة مع "لا ريبوبليكا" خلال فترة علاجه "استعادة عافيتي تعني أني أنظر إلى نفسي مجدداً في المرآة، أن أرى شعري ينمو مجدداً وعدم الاضطرار إلى رسم حاجبيّ بقلم رصاص. أنا محظوظ جداً مقارنة مع العديد من الاشخاص الآخرين".
ساوثغيت.. محاولات لتجاوز نهاية مشوار محبطة
قبل خمس سنوات، رُميت كرة تدريب منتخب إنكلترا لكرة القدم في حضن غاريث ساوثغيت، إثر نهاية محبطة لمشوار قصير مع سام ألاردايس. يقف المدرب الأنيق على بُعد مباراة واحدة يوم الأحد، ضد إيطاليا في نهائي كأس أوروبا في كرة القدم، لقيادة بلاده إلى أول لقب كبير منذ مونديال 1966.
في البداية، عُيّن ساوثغيت موقتا، على أنه نموذج يحتذى به بالنسبة لاتحاد اللعبة، بعد سقوط ألاردايس في فخ صحيفة كشفت أنه قدم نصائح حول "الالتفاف" على القواعد الخاصة بانتقالات اللاعبين.
انتهى مشوار دام ثلاث سنوات لساوثغيت مع ميدلزبره بالهبوط إلى المستوى الثاني، فيما كانت رحلته متذبذبة مع منتخب ما دون 21 سنة، ليصل مع "الأسود الثلاثة" بسيرة ذاتية متواضعة.
برغم ذلك، قاد إنكلترا أول نصف نهائي للمونديال في 28 سنة، وذلك في أولى بطولاته الكبرى قبل ثلاث سنوات في روسيا. والآن قطع أبعد شوط لمدرب إنكليزي في البطولة القارية، عندما يستضيف إيطاليا في النهائي الأحد على ملعب ويمبلي الشهير.
ساوثغيت .. مدرب انكليزي مختلف
لعقود، رضخ مدربو منتخب إنكلترا لرغبات وسائل الإعلام والجماهير، للدفع باللاعبين الموهوبين في التشكيلة الأساسية، حتى لو كان ذلك على حساب الهيكلية العامة للفريق.
على النقيض من ذلك، ارتضى ساوثغيت بترك مهاجميه الموهوبين على مقاعد البدلاء. بقي وفياً لهاري كاين ورحيم سترلينغ، ما يعني بقاء موقع وحيد لكل من بوكايو ساكا، جاك غريليش، فيل فودن، جايدون سانشو وماركوس راشفورد.
وفيما يُعدّ معشوق الجماهير، تحسّر غريليش على استبداله بعد 36 دقيقة فقط من نزوله في نصف النهائي ضد الدنمارك (2-1 بعد التمديد). قال الهداف الدولي السابق ألن شيرر "هناك جانب سيء لغاريث، وهو في المكان المناسب للقيام بذلك".
أما ساوثغيت فشرح قراره "احتجنا إلى مدافع إضافي والتأكد من صلابتنا. أردت الابقاء على سرعة رحيم (سترلينغ)، ما يعني اضطرارنا إلى سحب أحد الشبان الذين نزلوا".
ويعوّل لاعب كريستال بالاس وأستون فيلا وميدلزبره السابق على خط دفاعي صلب اهتزت شباكه مرة يتيمة في ست مباريات، وذلك من ضربة حرة ضد الدنمارك في نصف النهائي، بالاضافة إلى لاعبي الارتكاز ديكلان رايس (وست هام) وكالفين فيليبس (ليدز يونايتد).
يحظى ساوثغيت (50 عاماً) بتقدير كبير من نظرائه، وتبيّن ذلك في المؤتمر الصحافي لمدرب الدنمارك كاسبر هيولماند الذي قال: "تابعت استراتيجية الاتحاد الانكليزي خصوصاً كيف قاد غاريث المنتخب في السنوات الأخيرة. طريقته في تمثيل بلاده وتواصله رائعة. تهانينا غاريث، أعتقد انك تقوم بعمل رائع في زمن صعب".
يشرح ساوثغيت "أحبّ أن يتكلم اللاعبون أثناء الاجتماعات، أحبّ أن يكون لديهم رأي في المباراة، لأنه في الدقيقة 85، عندما يكون لديهم قرار لاتخاذه لحسم الفوز من عدمه، لن نكون قادرين على اتخاذ هذا القرار من مقاعد البدلاء".
كان ساوثغيت القائد المثالي لفريق يتمتع بوعي اجتماعي، ولم يوصل الرسائل فقط من خلال كرة القدم. وفي ولايته، اضطر لاعبو إنكلترا للتعامل مع اساءات عنصرية في مونتينيغرو وبلغاريا. كما استهلوا البطولة الحالية تحت صيحات استهجان بعض جماهيرهم، بسبب ركوعهم احتجاجاً على الظلم العنصري.
قال ساوثغيت آنذاك "الأهم بالنسبة للاعبينا أن يدركوا أننا متحدون تماماً بشأن ذلك، نحن ملتزمون تماماً بدعم بعضنا البعض".
ع.ح./ع.ش. (أ ف ب)