وقف العنف يحتاج إلى إرادة سياسية
٣٠ يوليو ٢٠١٤تستمر الجهود الدبلوماسية الإقليمية والدولية منذ أيام وعلى أعلى المستويات الرامية إلى إنهاء العنف والمواجهة المسلحة في الشرق الأوسط. وأخيرا ظهرت مقترحات ملموسة لإنهاء الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة ولوقف إطلاق الصواريخ من القطاع. فالهجوم الإسرائيلي قد تحول عمليا إلى حرب شعواء ضد المدنيين الفلسطينيين. ويتضح الأمر جليا بإلقاء نظرة سريعة على حصيلة الضحايا: فحوالي ثلثي القتلى الفلسطينيين الذين وصل عددهم إلى 1000 شخص هم من النساء والأطفال.
وطبعا لا بد من الإشارة إلى حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها إزاء الصواريخ التي تطلقها حماس وذلك لأن الصواريخ البدائية الصنع لا يمكن لها الوصول إلى أهداف عسكرية، بل تستهدف المدنيين الإسرائيليين. استهداف المدنيين بالصواريخ يشكل دوما جريمة يجب محاسبة المسؤولين عنها.
بيد أن رد فعل إسرائيل يجب أن يكون نسبيا ويتفق مع مبادئ القانون الدولي. ومن الواضح أن قصف الجيش الإسرائيلي لمناطق سكنية وللمستشفيات وحتى لمدارس تابعة للأمم المتحدة لا يمكن اعتبارها نسبية ومن الصعب أيضا أن تتناغم مع روح ومبادئ القانون الدولي. من جانب آخر أظهرت التجارب الماضية من أن الهجمات العسكرية الإسرائيلية المتتالية الموجهة ضد مسلحي حماس لم تجلب الأمن والأمان للمواطنين الإسرائيليين.
عملية سياسية ضرورية
من دون شك يجب أن يكون على رأس أولويات الجهود الدبلوماسية الحالية هو وقف العنف. مع ذلك فأن وقفا مؤقتا لإطلاق النار لن يكون كافيا هذه المرة لوقف العنف أو أي مواجهات مستقبلية.
إذ يجب العودة إلى إرساء عملية سياسية قابلة للحياة. ورغم أن الأمر يبدو للوهلة الأولى، مع كل العنف المصاحب للمواجهات حاليا، غير قابل للتصور، لكنه الوحيد الواقعي لتجاوز حالة الحرب. وهذا يعني أن على إسرائيل ومصر والأطراف الدولية إيجاد حزمة حلول لوقف دائم لوقف إطلاق النار.
وعلى هذا الأساس يجب أخذ مطالب حماس بإنهاء الحصار المزدوج عن قطاع غزة من قبل إسرائيل ومصر على محمل الجد، وكذلك البحث عن حلول وبدائل اقتصادية وسياسية لسكان القطاع المحاصر. وبالنسبة لقادة حماس فأن العودة إلى حالة الوضع الراهن التي سبقت العمليات العسكرية أمر غير قابل للطرح بعد اليوم، فاستمرار الحياة على الصورة الحالية في الشريط الساحلي لقطاع غزة الفقير يعني موتا بطيئا. وهذه المطالب ستحصل بالتأكيد على دعم من قبل كل الفلسطينيين ومن الرئيس محمود عباس أيضا.
وفي الوقت الحالي تبدو شروط كل من حماس وإسرائيل لوقف دائم لإطلاق النار مختلفة جدا. إذ يبدي الطرفان رغبة بالاستمرار في القتال. ومع ذلك فانه لا مهرب من تحقيق خطة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ليس فقط بإرساء وقف دائم لإطلاق النار والعودة إلى اتفاق الهدنة لعام 2012، بل بتحقيق ذلك من خلال ضمانات دولية من قبل الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، كي يمكن الالتزام بتطبيق مثل هذا الاتفاق.
ومن دون هذا الحل السياسي البديل، فأن كل المحاولات لوقف العنف ستنتهي بالفشل، أو لن تستمر وقتا طويلا.