هل يهدد التغير المناخي وجود دول الخليج؟
٦ أبريل ٢٠١٣DW: تقولين إن دول الخليج وصلت إلى حدود "الاستدامة البيئية". ما الذي يعنيه ذلك بشكل ملموس؟
ماري لومي: هذا يعني أن استهلاك الموارد وحماية البيئة اختلا. فدول الخليج تشعر تدريجياً بالآثار السلبية لنموها الاقتصادي غير المراقَب في العقد الماضي، إذ تم ضخ الكثير من المياه الجوفية وتعرضت التربة والمياه للتلوث، وقلل الرعي الجائر من التنوع البيولوجي. كما أن تلوث الهواء تزايد بسبب عمليات البناء ووسائل النقل والصناعة.
المجتمعات الخليجية اليوم تستند حسب رأيك على "الطبيعة غير المستدامة". كيف توضحين ذلك؟
السبب يكمن في الاعتماد على الوقود الأحفوري. ففي تلك الدول يعتمد كل شيء على مخزون النفط والغاز كعماد الطاقة الوطنية والاقتصاد والرخاء الاجتماعي والاستقرار السياسي. ويتم وضع المكاسب الاقتصادية على الأمد القصير والتوازن الاجتماعي نصب الأعين. كما يتم استغلال الطاقة والماء بكثرة، ولا توجد آلية للحد من أسعار الاستهلاك وليس هناك وعي بهذا الموضوع.
كيف ترين العلاقة بين ذلك والنظام السياسي؟
يعتمد كل من هياكل الدولة والاستقرار السياسي في قطر، مثلاً، إلى جانب دول الخليج الأخرى، على النفط والغاز. المواطنون يستفيدون من عائدات الصادرات في شكل مرتبات تقدم لموظفي الحكومة، إضافة إلى المنح والمساعدات الاجتماعية الأخرى. فالطاقة المدعومة من الدولة هي جزء من "اتفاقية" بين الشعب والحكومة، لأنها أساسية لتحقيق مزيد من التنمية الصناعية.
لماذا تسعى كل من قطر وإمارة أبو ظبي بشكل متزايد إلى تسويق نفسها على أنها مناطق "خضراء" ورفيقة بالبيئة؟
عدد سكان هذه الدول صغير والدخل من صادرات النفط والغاز مرتفع ولديها المزيد من الموارد لتنويع الاقتصاد وتحسين صورتها وتقوية علاقاتها الدبلوماسية.
ما هو الدور الذي يلعبه النقاش العالمي حول المناخ في الخليج؟
ترى دول الخليج أنها ستكون عرضة للتغير المناخي لسببين: أولهما أنها مناطق ذات طقس حار وجاف، وثانيهما هو ارتباطها إلى حد كبير ببيع النفط والغاز. وهذا يعني ضرورة اتخاذ تدابير لتخفيف حدة التغير المناخي، من خلال الابتعاد عن الوقود الأحفوري، مثلاً، مما يمكن أن يكون له أثر سلبي على اقتصادها.
هذا التصور سيكون مطروحاً في مفاوضات المناخ الدولية، التي يُنظر فيها إلى دول الخليج كحجر عثرة. وهذا له علاقة بشكل أساسي مع حقيقة كون البلدان المصدرة للنفط أكثر ثراءاً من معظم البلدان "النامية". فالخليجيون لديهم بالفعل سبب للتخوف، فرغم احتوائها على احتياطيات من النفط تكفي لقرن آخر، إلا أن احتمال تراجع الطلب العالمي قد يحصل مبكراً. لكن دول الخليج ستكون غنية بما فيه الكفاية للتكيّف مع تغير الأسعار. كما ينتظرهم طريق طويل في سبيل بناء الهياكل المؤسساتية والاجتماعية، عندما ينتقل تركيز الصناعة العالمية مستقبلاً بعيداً عن صادرات الغاز والنفط.
هل يمكن للطاقات المتجددة ضمان دخل ثابت لمنطقة الخليج؟
نعم. لكن لا أحد يعرف السرعة التي سيحدث بها ذلك، وكيف ستكون عليه منطقة الخليج مستقبلاً. مستقبل المنطقة هو في الطاقة الشمسية. لكن للأسف، فإن الأرباح التي تجنيها هذه الدول من عائدات البترول والغاز صرفتها عن الاهتمام بموضوع الطاقات المتجددة. إذا أرادت تلك الدول ضمان استمراريتها وضمان الرخاء لمواطنيها، فيجب عليها تنويع اقتصادها. كما يجب عليها بناء مجتمع معرفي وتخفيض كمية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. التحول العالمي في مجال الطاقة الذي سنواجهه مستقبلاً سيغير المنطقة بشكل جذري.
ماري لومي كاتبة وباحثة في المناخ. صدر لها مؤخراً في لندن كتاب بعنوان "إمارات الخليج وتغير المناخ: أبو ظبي وقطر في زمن الطبيعة غير المستدامة".