هل يمكن أن تصبح سيارتك جاسوساً عليك؟
٢٤ نوفمبر ٢٠٢٣أفادت دراسة أجراها مركز حماية بيانات ساكسونيا السفلى في جامعة أوسنابروك للعلوم التطبيقية بألمانيا أن البرمجيات الملحقة بالسيارات الحديثة تقوم بشكل مستمر بقياس سلوك القيادة، ومدى شغل المقاعد، والسرعة.
وتعرف السيارات الحديثة أيضاً ذوق السائق في الموسيقى، كما تكتشف الأخطاء في القيادة وتقوم بتسجيل موقع السيارة. مع هذه الثروة من البيانات.
في هذا السياق، يقول فولكر لودمان، المدير العلمي للمركز إنه "من حيث المبدأ، فإن السيارات الحديثة تعرف تقريباً كل شيء عن سائقيها"، مشيراً إلى أن هذه السيارات المتطورة قد يصل عدد أجهزة الاستشعار بها إلى نحو 150 جهازاً، بحسب ما نشر موقع تاغس شاو الألماني.
ماذا يحدث لهذه البيانات؟
بهذا الشكل الذي يتم به جمع البيانات، يمتلك مصنعو السيارات ثروة من المعرفة حول السائقين والمركبات. فهل يمكن أن تصبح السيارة جاسوساً يمكن أن يستخدم لكسب المال؟
تفيد الدراسة بأنه تم استخدام بعض البيانات المتحصل عليها من السيارات داخل ورش العمل والإصلاح وذلك بهدف مراجعة الأخطاء التي وقعت خلال القيادة. في بعض الحالات، قد يكون جمع هذه البيانات مطلوباً بموجب القانون - على سبيل المثال - للتحقق من الامتثال للوائح الانبعاثات والعوادم عن طريق تسجيل كمية الوقود التي تستهلكها السيارة.
ومنذ صيف 2022، أصبح يتعين تجهيز السيارات المسجلة حديثاً بذاكرة بيانات الحوادث. يوضح لودمان: "قد تكون الملاحظات الفردية وحدها غير ضارة، ولكن إذا تم دمج البيانات وتقييمها، فقد يؤدي ذلك إلى انتهاكات خطيرة للخصوصية"، وذلك في إشارة منه إلى عملية دمج البيانات المتعلقة بشغل المقاعد مع وجهات القيادة.
يضيف لودمان: "إذا زاد الوزن على المقعد بشكل مستمر على مدى تسعة أشهر وتم زيارة متجر متخصص للأطفال بشكل متكرر، فإن كل من لديه حق الوصول إلى هذه البيانات يعرف أن السائق أو الأسرة يواجهون تغييرات جذرية في حياتهم كاستقبال طفل جديد."
الاستفادة من البيانات اقتصادياً
لا يعرف السائقون عادة من الذي تصل إليه بياناتهم وماذا يحدث لها، لكن وفقاً للودمان فإنه يتم تخزين معظمها على خوادم الشركة المصنعة، مما يلقي بعض الضوء على حماية خصوصية البيانات.
ويشير الخبير الألماني إلى أن الشركات "يمكنها أن تقرر من يحصل على البيانات في النهاية"، مضيفاً أنه "حتى الآن، يمكن فقط لمصنعي السيارات الوصول إلى هذه البيانات واستخدامها. وهم يفعلون ذلك لأن كل من لديه حق الوصول إلى البيانات يقوم بالاستفادة منها".
وبحسب لودمان، لا يتعلق الأمر فقط ببيانات ركاب السيارة، "فنظام مكالمات الطوارئ في الاتحاد الأوروبي، أو ما يسمى بالمكالمة الإلكترونية، يقوم تلقائياً بإجراء مكالمة طوارئ إذا فتحت وسادة هوائية في السيارة."
ومع ذلك، إذا كانت المركبات متصلة بنظام المكالمة الإلكترونية، فلن يتم إرسال مكالمة الطوارئ إلى رقم الإنقاذ 110 أو 112، ولكن إلى الشركة المصنعة أو مزود الخدمة بتكليف من الشركة المصنعة." ثم يقرر مزود الخدمة إرسال خدمة القطر التي يتم تكليفها وأي مرآب آخر يتلقى أمر الإصلاح.
ومن المعروف أن هناك صراعا بين شركات صناعة السيارات، وخدمات الطوارئ، وشركات البرمجيات، وورش العمل، والمستشفيات، وشركات التأمين، حيث أدركوا جميعاً ما أثبته الخبراء بالأرقام وهو أنه من الممكن جني الأموال بسبب عدم معرفة العملاء بما يحدث لبياناتهم.
ووفقا لشركة ماكينزي الاستشارية، فإن ربط المركبات واستخدام البيانات من السيارة ينطوي على إمكانات اقتصادية كبيرة، ففي الإجمال، يمكن للمصنعين والموردين ومقدمي الخدمات تحقيق نحو 400 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030، عندما تكون 95% من جميع المركبات متصلة بالانترنت.
يقول لودمان: "في الواقع، فإن هوية من يمتلك كل هذه البيانات تبقى غير محددة"، لكن قانوناً أوروبياً جديداً سيتيح للمستخدمين لأول مرة تحديد ما إذا كان بإمكان أطراف ثالثة الوصول إلى بياناتهم وإلى أي مدى ولأي غرض. ومن المقرر أن يدخل القانون حيز التنفيذ في عام 2025.
ع.ح/ ا.ح