هل تدفع تركيا ثمن "تغاضيها" عن المتشددين الإسلاميين؟
١٠ أغسطس ٢٠١٤منذ شهر يونيو/ حزيران يحتجز الإرهابيون التابعون لتنظيم "الدولة الإسلامية" القنصل التركي في مدينة الموصل بشمال العراق ونحو 50 مواطنا تركيا. وتقدم ميليشيا "الدولة الإسلامية" في العراق يدفع بلاجئين جدد نحو تركيا. ووفقا لتقارير لوسائل الإعلام فإن عشرات الآلاف من اللاجئين من العراق قد وصلوا بالفعل إلى جنوب شرق الأناضول. في بعض المناطق على طول الحدود السورية التركية، أصبح الأمر بالفعل في قبضة مقاتلي "الدولة الإسلامية". ويقول سرهات إركمن، أستاذ العلوم السياسية بجامعة آهي إفران في مدينة كيرسهير بوسط الأناضول، في حديث مع DWإن "ميليشيا "الدولة الإسلامية" متواجدة بالفعل على الجانب السوري من الحدود مع محافظات كيليس وغازي عنتاب التركية."
اتهامات لحكومة أنقرة
ووجه سياسيون من المعارضة التركية اتهامات إلى حكومة أردوغان والمخابرات التركية (MIT) بإمداد الإسلاميين المتطرفين في سوريا بالأسلحة، بل وصل الأمر إلى حصول متطرفي "الدولة الإسلامية" على أموال طائلة عن طريق بيع النفط في تركيا (بعد الاستيلاء عليه) من منطقة نفوذها في سوريا والعراق، حسب ما أعلنه النائب محمد علي إديبوغلو من حزب الشعب الجمهوري المعارض. وتنفي الحكومة هذه المزاعم. وقال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو مؤخرا في مقابلة مع قناة إن تي في التلفزيونية التركية، إن أي شخص يتحدث عن تعاون بين تركيا و"الدولة الإسلامية" هو "خائن لبلاده"
رحلات استطلاعية على الحدود
"الحكومة في أنقرة لا يمكنها فعل الكثير ضد متطرفي "الدولة الإسلامية"، كما يقول إركمن أستاذ العلوم السياسية. فقد هدد المتطرفون بتنفيذ أعمال عنف في تركيا، لكن الأهم هو أن أي إجراءات جذرية تقوم بها أنقرة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" تشكل خطرا على حياة الرهائن الأتراك في العراق، فهؤلاء الرهائن يشكلون درع حماية للمتشددين، حسب رأي إركمن. وقد برهن تنظيم "الدولة الإسلامية" مرارا أنه لا تتورع عن قتل الأبرياء.
رد الفعل العسكري التركي على التطورات في البلدان المجاورة أقتصر حتى الآن على رحلات استطلاع لطائرات مقاتلة على طول الحدود العراقية. والأخبار التي تزعم أن الطائرات التركية هاجمت مواقع لـتنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق جرى نفيها من قبل هيئة أركان الجيش التركي في أنقرة.
وحتى الآن كان كل من أردوغان وداوود أوغلو متحفظين في اختيارهما للكلمات ولم يصفا تنظيم "الدولة الإسلامية" بالمنظمة الإرهابية. ووفقا لتقارير صحفية تركية، سمح لأتباع الميليشيا السنية الراديكالية مؤخرا في اسطنبول بأداء صلاة العيد (علنا) في الخلاء وزعمت التقارير أنهم كانوا خلال ذلك يرددون هتافات تدعو "للجهاد".
ارتياح للضربات الجوية الأمريكية
وقال أيضا أورهان أويتون من مركز دراسات الشرق الأوسط الإستراتيجية (Orsam) في مقابلة مع DW: "كبلد معرض للتأثير المباشر يجب أن تتصرف تركيا بحذر، فالخطر كبير". وتابع "الجهاديون متورطون الآن في معارك مع الأكراد في شمال العراق، الحليف الرئيسي لتركيا في المنطقة." كما أن خطوط الأنابيب التي تجلب النفط العراقي إلى تركيا مهددة أيضا، حسب ما ذكر أورهان أويتون.
لذلك استقبلت تركيا بارتياح بداية الضربات الجوية الأمريكية ضد مواقع تنظيم "الدولة الإسلامية". وقالت صحيفة "حريت" التركية إن العالم كله انتظر هذا القرار من الرئيس الأمريكي باراك أوباما. وعقد أردوغان يوم الجمعة (8 أغسطس/ آب 2014) لقاءً لمناقشة الوضع مع وزير الخارجية داود أوغلو، ورئيس المخابرات هاكان فيدان، ورئيس الأركان نجدت أوزيل وغيرهم من المستشارين العسكريين والمدنيين.
محادثات حول تبادل للأسرى؟
ولم يكن هناك إعلان رسمي بشأن مضمون ذلك الاجتماع. في الماضي، كانت تركيا تضع قاعدة انغرليك التركية في جنوب البلاد تحت تصرف الولايات المتحدة من أجل تنفيذ مهام في العراق. كما أن مسألة استخدام انغرليك الآن كقاعدة لشن هجمات على مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" لم تحسم في لقاء يوم الجمعة. فالحرص على الرهائن له أولوية، يقولها أردوغان بشكل شبه يومي في خطاباته أثناء حملته الانتخابية الرئاسية.
وفي غضون ذلك أوضح زعيم المعارضة وزعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليشدارأوغلو أن مقاتلي "الدولة الإسلامية" يحتجزون الرهائن الأتراك في ثلاثة مواقع منفصلة. ويطالب الجهاديون تركيا بالإفراج عن رفقائهم المحتجزين في السجون التركية. من بينهم ثلاثة أوروبيين أعضاء في تنظيم "الدولة الإسلامية" اعتقلتهم السلطات التركية في مارس/ آذار في وسط الأناضول في تبادل لإطلاق النار أوقع قتلى. ولم تصدر الحكومة تعقيبا على تصريحات كيليشدارأوغلو.
وأعلنت تركيا أنها ستسمح لطائرات هليكوبتر بإلقاء مساعدات فوق المنطقة التي لجأ إليها الإيزيدون في شمال العراق هروبا من مطاردة مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية". وقد وصف وزير خارجية تركيا داود أوغلو هجمات الإرهابيين على هذه الأقلية الدينية بأنها "مأساة إنسانية".