هل اليونان أكثر بلدان أوروبا معاداة للسامية؟
٢٥ أكتوبر ٢٠٢٠لا يوجد سوى استطلاع رأي واحد حول معاداة السامية في اليونان، أجري قبل حوالي ست سنوات. الاستطلاع أجرته المنظمة الحقوقية الأمريكية، رابطة مكافحة التشهير (ADL) والذي صدمت نتائجه المجتمع اليوناني بشدة. إذ أن 69 بالمائة من سكان الدولة الأوروبية لديهم أحكام مسبقة معادية للسامية. هذا ما قد يجعل من اليونانيين أكثر الشعوب معاداة للسامية في أوروبا، لأنه في عام 2014، كان لدى26 في المائة "فقط" من الأوروبيين أحكام مسبقة ضد اليهود في المتوسط. صحيح أن المسح الذي أجرته رابطة مكافحة التشهير (ADL) قد يُوضع موضع شك من قبل كثيرين، لكن نظراً لعدم إجراء مسح إضافي، لا يزال من غير المعروف ما إذا كان ذلك الرقم المخيف، الذي تم التوصل إليه، صحيحاً بالفعل.
يبقى شيئا واحد مؤكدا وهو أنه لا توجد حالات عنف معروفة ضد اليهود في اليونان. ما يقرب من خمسة آلاف فرد من الجاليات اليهودية في البلاد، التي كانت صغيرة للغاية منذ القتل الجماعي في الحرب العالمية الثانية أثناء الاحتلال النازي في ألمانيا في الفترة ما بين (1941-44)، لا يخشون التعرض للاعتداء.
في مدينة يوانينا اليونانية الواقعة شمال غرب البلاد، تم انتخاب موسى إليساف، أول عمدة بلدية يهودي في اليونان في عام 2019. اليونان تمجد أيضاً ذكرى رئيس أساقفة أثينا، داماسكينوس باباندريو (1891-1949)، الذي أنقذ أرواح الآلاف من اليهود اليونانيين البالغ عددهم مائة ألف خلال الاحتلال النازي. لكن ليس من السهل أيضاً نسيان تخاذل اليونانيين عند ترحيل يهود مدينة سالونيكي اليونانية. فقد قُتل 95 بالمائة من حوالي 53 ألف مواطن يهودي ينحدرون من أكبر مدينة يهودية في أوروبا، والتي كانت تعرف باسم "القدس الثانية" أثناء المحرقة. كما استولى النازيون على عقاراتهم بمساعدة مواطنين يونانيين.
انتشار الشعارات النازية
إلى جانب عمليات التخريب المتعمد التي تستهدف المقابر اليهودية والنصب التذكارية للمحرقة، باتت الشعارات المعادية للسامية أو رسوم الغرافيتي التي تحمل شعارات نازية أكثر انتشاراً في اليونان. في الآونة الأخيرة، تم تدنيس المقابر اليهودية في أثينا وفي جزيرة رودوس والنصب التذكاري للهولوكوست في مدينة سالونيكي اليونانية. يأتي هذا، بعد أسبوع واحد بالتحديد من اتخاذ القضاء اليوناني قراراً تاريخياً وغير مسبوق. إذ حُكم على قيادة حزب النازي الجديد اليوناني "الفجر الذهبي" بالسجن مدة طويلة، ليس فقط بسبب جرائم القتل والإيذاء الجسدي و الحيازة غير القانونية للأسلحة، ولكن أيضا بسبب تشكيل منظمة إجرامية.
منذ ذلك الحين لا يُسمح لأي شخص في اليونان أن يقول "لم أكن أعرف"، بالأخص أولئك 9.93 بالمائة أو 536.910 ناخبا منحوا أصواتهم للحزب النازي "الفجر الذهبي" في الانتخابات الأوروبية لعام 2014. النازيون الجدد باتوا الآن في نظر القضاء اليوناني "مجرمون“ وهم أيضاً المسؤولون الرئيسيون عن معاداة السامية وبالتالي يمكن اعتبار عمليات التدنيس الحالية "عملاً تضامنياً" من قبل مؤيديهم.
الحزب النازي الجديد "المعتدل"
لا يزال لدى النازيين الجدد في اليونان ما يكفي من المؤيدين المحتملين. أظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة "Prorata" لصحيفة "Efimerida ton Syntakton" في الـ16أكتوبر/ تشرين الأول أن 21 بالمائة من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أن الفجر الذهبي "المعتدل" سيكون ميزة للبلاد. هذا الرقم مروع للغاية لأنه ظهر مباشرة بعد إدانة حزب النازيين الجدد. رئيس الجالية اليهودية في مدينة سالونيكي والمجلس المركزي للجاليات اليهودية في اليونان، ديفيد سالتييل، يرى أنهم مقتنعون بأن الحكم ضد الحزب النازي اليوناني "الفجر الذهبي" لن يقلل من الأيديولوجية المعادية للسامية في اليونان. وأضاف أن معاداة السامية كانت موجودة قبل وقت طويل من تأسيس حزب النازيين الجدد، وستستمر في التواجد. يرى سالتييل أنه من المطمئن أن معاداة السامية اليونانية لم تتسبب على الأقل في أي وفيات كما هو الحال في البلدان الأخرى.
ضحايا مناهضة الفاشية
ضحايا التطرف اليميني في يونان القرن الحادي والعشرين هم مهاجرون ومناهضون للفاشية ونشطاء من مجتمع الميم.على مدى سنوات، يطارد أنصار "الفجر الذهبي" اللاجئين ويتلقون التصفيق من "المواطنين القلقين" بشأن بلادهم و"التفهم" من العديد من وسائل الإعلام وسلطة الدولة التي كانت تغض الطرف عن خطر اليمين. العديد من السياسيين من الحزب المحافظ الحاكم، الديموقراطية الجديدة (ND) هيمنت الشعارات ضد اللاجئين على مسارهم السياسي. الشعارات المعادية للسامية لا تحظى بالقبول داخل المجتمع، على الأقل في الوقت الحالي. في سبتمبر/ أيلول من عام 2013، طعن أحد أنصار "الفجرالذهبي" مغني الهيب هوب المناهض للفاشية، بافلوس فيساس، وقد حُكم على الجاني بالسجن مدى الحياة قبل أيام.
إعدام ناشط مثلي الجنس
انطلقت يوم الأربعاء الماضي، محاكمة قضائية أخرى كبرى في أثينا. القضية تتعلق بجريمة قتل، الناشط المثلي، زاك كوستوبولوس، الذي تعرض للضرب المبرح حتى الموت في وضح النهار في وسط أثينا قبل عامين. أصابع الاتهام وُجهت إلى صائغ وسمسار وأربعة من رجال شرطة. مستشارهم القانوني هو عضو البرلمان في حزب الديموقراطية الجديدة (ND)، أثناسيوس بليفريس، نجل أحد منظري النازية في اليونان.
في عام 2018 ، تحدثت الشرطة اليونانية عن"إيذاء جسدي مفترض أدى إلى قتل أحد اللصوص“. معظم وسائل الإعلام تبنت هذه الرواية كما هي ومن دون النظر لها من زاوية نقدية، إلى أن ظهر مقطع فيديو لأحد المارة أثناء وجوع الجريمة، يُظهر أن كوستوبولوس كان ضحية للإعدام خارج نطاق القانون.
كاكي بالي/ إ.م