انتخابات مصر- أكثرية برلمانية بنكهة الحزب الواحد!
٢٧ نوفمبر ٢٠١٥اختتمت المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية المصرية دون مفاجآت تذكر، بعد فوز متوقع لقائمة تحالف "في حب مصر" - التي أعلنت تأييدها للنظام الحاكم، حتى سماها البعض "قائمة الدولة"- بحوالي ربع مقاعد البرلمان. نسبة المشاركة جاءت ضعيفة حيث قاربت، حسب إحصائات مبدئية في المرحلة الأولى 26.56% وفي المرحلة الثانية 29.83، لتكون النسبة 28% إجماليًا للمرحلتين، بناءً على ما أعلنته اللجنة العليا للانتخابات من نسب مشاركة.
ويطرح فوز قائمة "في حب مصر" العديد من الأسئلة عما ينتظره المصريون من البرلمان القادم، وفيما إذا كان فوز ما أطلق عليها "قائمة الدولة" قد يعيد مجددًا نموذجا مشابها لبرلمانات عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك التي اشتهرت بكلمة "موافقون"، كما تثير النتائج أسئلة عمن يمثل المعارضة في البرلمان القادم، وإذا ما سيكون البرلمان الجديد عاملا مساعدا للرئيس عبد الفتاح السيسي أم سيمثل له شوكة في الحلق،كما ينبغي للبرلمانات الديمقراطية أن تكون. DWعربية بحثت عن إجابات هذه الأسئلة لدى الخبراء السياسيين .
"أكثرية وليست أغلبية"
"فوز قائمة في حب مصر بالأكثرية، وهي ليست أغلبية، يمثل نقطة بداية جيدة من وجهة نظر الدولة، فعلى الأقل هناك نواة يستطيعون البناء عليها، أغلبية أو على الأقل أكثرية مريحة، تقود البرلمان القادم، وحتى وإن كان ذلك غير مضمون"، يقول الدكتور معتز عبدالفتاح، أستاذ العلوم السياسية لـDWعربية.
وأرجع المحلل السياسي المصري عدم ضمان حدوث هذا الأمر إلى كون قائمة "في حب مصر" تمثل تحالفًا انتخابيًا، متسائلًا: "هل ينفضّ بمجرد الوصول للبرلمان، أم سيمكن الاعتماد عليه كنواة لدعم السياسات التي تتبناها الحكومة؟".
من جانبه، يرى الدكتور يسري العزباوي، رئيس منتدى الانتخابات والبرلمان بمركز الأهرام للدراسات السياسية، أنه "واضح تمامًا أن القائمة فكرت الآن في تشكيل قائمة جديدة داخل البرلمان لتشكيل الحكومة، ربما يساعدهم فوزهم بالأغلبية على ذلك، كذلك بدءوا يتحالفون مع بعض الأحزاب السياسية الأخرى، لتشكيل هذا التحالف ليأخذوا الأغلبية، بدءوا الحديث مع المستقلين، بشكل أو بآخر، كل هذا يساعدهم على فكرة تشكيل الحكومة"، كاشفًا أن المحاولة الوحيدة الواضحة، حتى الآن، بين الفائزين في الانتخابات لتشكيل تحالفات داخل المجلس تعود لقائمة "في حب مصر" والتي تسعى لعمل تحالفات تحت اسم جديد هو "ائتلاف الدولة المصرية".
"هذه هي القائمة الوطنية الموحدة، تلبية لدعوة الرئيس"!
وعن تسمية القائمة الفائزة بـ"قائمة الدولة"، أعاد عبدالفتاح ذلك إلى كونها تحتوي على "أسماء وطنية كثيرة ليس لها انتمائات حزبية مسبقة، وما دخلت السياسة إلا باعتبارها محسوبة على مؤسسات الدولة، وهو ما أعطى الانطباع بأنها قائمة الدولة"، مضيفًا أن "الرئيس السيسي في أكثر من مناسبة طلب فكرة قائمة وطنية موحدة، وبدا أن هذه هي القائمة الوطنية الموحدة، تلبية لدعوة الرئيس ".
فيما أوضح العزباوي أن "في حب مصر" تتحدث الآن على هذه الفكرة بالتحديد، أنهم قادمون من أجل مساندة الدولة ومساندة الرئيس، "وهذا ليس عيبًا، وحتى الحديث الذي أثير قبل الانتخابات بأنّ لهم علاقة بالدولة أفادهم، وجعلها تنجح".
صحيفة الشروق في عددها الصادر يوم( 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015) نقلت عن ممدوح رياض رئيس غرفة عمليات حزب الوفد القول "إن الانتخابات البرلمانية في المرحلة الثانية أسوأ من المرحلة الأولى بكثير، لافتًا إلى انتشار ظاهرة المال السياسي والرشاوى الانتخابية أمام اللجان بشكل فج.
وأضاف رياض خلال مداخلة هاتفية لبرنامج هنا العاصمة المذاع عبر فضائية سي بي سي، الأحد، أن عملية الرشاوى الانتخابية كانت تتم في المرحلة الأولى على استحياء بعض الشيء، على عكس الوضع في المرحلة الثانية التي يتم خرق الصمت الانتخابي فيها أمام مرأى ومسمع من الجميع.
ووصف دور اللجنة العليا الانتخابية، في التصدي لهذه الخروقات بأنها "شاهد ما شفش حاجة"، مؤكدًا على أن اللجنة العليا لم تأخذ أي قرارات للتصدي للرشاوى الانتخابية أو عمليات الخرق للصمت الانتخابي والدعاية المباشرة التي تتم أمام أبواب اللجان.
"لن يكون كبرلمان موافقون"
واستبعد الدكتور معتز عبد الفتاح الدكتور يسري العزباوي في حديثهما لمراسل DWفي القاهرة، أن تحوّل مساندة القائمة لسياسات الدولة علنيا البرلمان إلى نسخة أخرى من "برلمان موافقون" سيء الصيت المعروف في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، حيث قال عبدالفتاح: "لن يكون كبرلمان موافقون، لأنه مفتت لصالح تكتلات كثيرة، حتى مع قائمة حب مصر، مهما بلغ عدد المنتمين إليها، فلا يبدو أنه سيكون مثل أغلبية الثلثين على الأقل، كما كان في عهد مبارك، فقطعًا سيكون هناك مستقلين يرتدون ثوب المعارضة، أو معارضين يرتدون ثوب الاستقلال"، وأضاف العزباوي: "سيكون هناك معارضة لبعض التشريعات، وسيكون هناك تعديل في بعض التشريعات، فضلًا أنك لأول مرة لديك الرئيس نفسه منتخب، وله شعبية كبيرة، يريد إنجاز مجموعة من المشروعات، أنجز البعض ويسعى لإنجاز الباقي، لديه برنامج عمل يريد تنفيذه كي ينتخبه الناس مجددًا".
"التوافق سيكون السمة السائدة للبرلمان والرئيس"
كما استبعد كليهما أن يكون البرلمان القادم عبئًا على الرئيس، فبينما يرى عبدالفتاح أن الرئيس سيتجنب الدخول في معارك مع البرلمان، يرى العزباوي أن الأمر "متوقف على أداء كليهما ومدى التزام كل منهما بسلطاته الممنوحة له في البرلمان، والشيء الأخر المهم هو أن الطرفين يعلمان تمامًا أن أي تصادم بينهما سيعيدهما لاستفتائات شعبية وسيقول الشعب كلمته فليس من مصلحتهما أي تصادمات، لكن التوافق سيكون السمة السائدة للبرلمان والرئيس".
"ضعف المشاركة سببه تراجع الحزب الوطني والأخوان عن التنافس"
وتحدث كل من عبدالفتاح والعزباوي عن نسبة المشاركة الضئيلة في الانتخابات، حيث أرجعها المحللان السياسيان إلى ثقافة الشعب المصري، حيث فسرها الأول قائلًا: "هم أنفسهم نفس الناس الذين شاركوا من قبل لم يشاركوا هذه المرة لأن هناك إحساس عام بأن الدولة ليست في موضع خطر، وأن رئاسة الجمهورية من ناحية والدستور القائم من ناحية أخرى سيحميان البلاد ضد أي مخاطر محتملة".
وأضاف: "كذلك اللاعبان التاريخيان الذين كانا يقومان بحشد الناس، الحزب الوطني والإخوان، تراجعا عن التنافس وأصبحت المنافسة بين بعض الأفراد المنتسبين للحزب الوطني تاريخيًا، لكن لا يوجد الحشد التقليدي الذي كان يتم باسم الدين أو باسم التأييد ودعم السلطة".
أما العزباوي ففسر الأمر قائلًا: "نسبة المشاركة الضعيفة نتيجة ثقافة الناخب المصري، وهو دائمًا ما اعتاد أن أحدًا "يشحنه" لينزل، تم استنزاف الناس في انتخابات قبل ذلك أكثر من مرة، ما أثير أن البرلمان يمكن أن يؤجَل أكثر من مرة "