ملايين العبيد حول العالم- فمن ينقذهم؟
٢٢ أكتوبر ٢٠١٣كان عُمر لويزا أربعة عشر عاماً حينما ضربها سيدها بشكل مبرح كاد أن يصيبها بالعمى. وقد تمكنت فيما بعد من الهرب والتخلص من سيدها، الذي كان قد اغتصبها قبل نحو عام من ذلك. لكن أقاربها في أفريقيا كانوا قد قتلوا، وقد أخبرها سيدها عبر الهاتف أنه هو من دبر العملية.
حين أتت لويزا من أفريقيا إلى ألمانيا كانت تعتقد أنها ستذهب إلى المدرسة، حسبما وعدها رجل أتى إلى قريتها، حيث كان عليها أن تكافح كل يوم من أجل البقاء على قيد الحياة؛ فقبلت المجيء معه. لكن بدل الذهاب إلى المدرسة والتعلم، أجبرت لويزا في ألمانيا على ممارسة الدعارة، وتعهدت بعدم الإدعاء على سيدها، وتقول في لقاء مع إذاعة ألمانيا لقد "أقسمت على أنني لن أذهب إلى الشرطة"، ولكنها تشجعت وفعلت ذلك (ذهبت إلى الشرطة) في وقت لاحق.
30 مليون رقيق
تعيش لويزا الآن حرة متخفية في منطقة بجنوب ألمانيا وذالك بعلم ومراقبة من الشرطة. لكن هناك حوالي 30 مليون شخص في العالم يعيشون في ظروف "كالعبيد" يعانون من الاستغلال والمراقبة والحرمان من حريتهم. وقد نشرت مؤسسة "Walk FreeFoundation" الحقوقية الاسترالية تقريراً تحت عنوان: "المؤشر العالمي للعبودية 2013" تضمن معلومات كثيرة ومفصلة عن العبودية الحديثة في العالم.
عدد الناس الذين يعيشون "كالبعيد" في قارتي أفريقيا وآسيا هو الأكبر في العالم، إذ جاءت الهند والصين وباكستان ونيجيريا على رأس القائمة، لكن روسيا أيضا مازالت بين الدول العشر الأولى من حيث عدد "العبيد" فيها؛ ويؤكد التقرير أنه ليست هناك قارة أو دولة في العالم خالية تماماً من "العبيد". وتعتبر نسبة العبودية في موريتانيا، من حيث عدد السكان، هي الأعلى في العالم، ويليها هايتي ثم باكستان.
أما أشكال العبودية الحديثة وأساليب ممارستها فهي مختلفة ومتعددة، إذ يشير كيفن بيلز، الذي ساهم في كتابة تقرير "المؤشر العالمي للعبودية 2013"، في حوار مع DWإلى الاستغلال الجنسي في روسيا وتجارة البشر في جمهورية مولدافيا واستغلال عاملات البيوت في البرازيل وأعمال الشاقة في الصين والعبودية الوراثية في الهند، ويقول بيلز "ليس هناك حل واحد لكل أشكال العبودية ولكل حالاتها، إذ يجب دراسة كل شكل وفي كل بلد بشكل خاص".
"العبودية كالوباء"
جاء في التقرير أن هناك نحو عشرة آلاف وخمسمائة شخص يعيشون في ألمانيا في ظروف كالعبيد، ويشير بيلز إلى أنه من الصعب معرفة الرقم الحقيقي "لأن الأمر غالياً ما يتعلق بالجريمة المنظمة السرية". والوسائل التي اعتمدتها "WalkFree" في بحثها وإحصائياتها تقوم على استقصاء المعلومات والأرقام من مصادرها مباشرة وتدوين الحالات المعروفة. وصحيح أن الأرقام التي أوردتها ليست دقيقة تماماً ولكنها جيدة بالنسبة لتقرير هو الأول من نوعه عبر العالم، ويشير بيلز إلى صعوبة الإحصاء الدقيق بقوله: "العبودية مثل الوباء، فإذا كنا سننتظر الأرقام الدقيقة، فإنه خلال ذلك سيموت ويعيش أناس في العبودية من دون أن يتلقوا مساعدة من أحد".
وقد أعربت منظمة "Terredes Hommes" الألمانية لحماية الطفولة، عن سعادتها بالتقرير، إذ أثنت باربارا كوبيرس، الخبيرة في حقوق الطفل، في حديث لها مع DWعلى ما جاء في التقرير حول عبودية الأطفال، "إنهم ينظرون إلى كل ما يمارسه الإنسان مكرهاً عبودية، كزواج الأطفال مثلاً. إننا نقيم ذلك بايجابية كبيرة". وتجدر الإشارة إلى أن الأرقام التي أوردها "المؤشر العالمي للعبودية 2013" أكبر من المعتمدة لدى منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة ووزارة الخارجية الأمريكية.
أثرياء العالم مقابل الأمم المتحدة
ومن الإيجابيات الأخرى للتقرير، أنه يمكن أن يكون بمثابة نداء لحكومات العالم وضغط عليها لتقديم أرقام وإحصائيات دقيقة عن العبودية وحالاتها ، فالكثير من الحكومات لا تعرف عن الموضوع وعما يجري في بلدانها، وهو ما ينطبق على الدول الصناعية أيضاً مثل ألمانيا حسب باربارا كوبيرس، الخبيرة في حقوق الأطفال. وترى كوبيرس أن "منظمة العمل الدولية تفتقر إلى قوة الضغط ، لأنها لا تملك الأموال الكافية لتنفيذ مشاريع تساهم في مكافحة الاستغلال". في حين تملك "Walk Free" الأموال الكافية التي تحصل عليها من الدعم الذي يقدمه لها كبار أثرياء العالم مثل مؤسس شركة مايركوسوفت بيل غيتس. لكن رغم ذلك يجب متابعة ومراقبة ما يهدف إليه هؤلاء الأثرياء، حسب كزبيرس التي تقول: "من الصواب تقديم مطالب معينة للحكومات، ولكن يجب عدم نسيان قطاعات اقتصادية مختلفة" مسؤولة عن الاستغلال ونشر "العبودية".
خفض عدد "العبيد" إلى أقصى حد ممكن
ولتحقيق النجاح في مكافحة العبودية، تسعى "Walk Free" إلى إصدار تقرير آخر، ويؤكد ذلك كيفن بيلز بقوله: "أعتقد أنه سيصدر تقرير آخر قريباً، سيتم التوجه به إلى الشركات مباشرة" وتقرير "المؤشر العالمي للعبودية" يجب أن يصدر بشكله الحالي كل عام، وأن يتم تحديثه وتنقيحه باستمرار. والهدف الذي تسعى إليه المؤسسة هو خفض عدد الناس الذين يعيشون في ظروف العبودية، من نحو 30 مليون إلى بضعة آلاف بأسرع ما يمكن، ربما خلال 30 عاماً كما يتمنى بيلز، الذي يضيف "يجب أن تصبح العبودية نادرة مثلما الحال مع أكل لحوم البشر، أمر نادر لكنه مروع دائماً، حتى عندما يتم الكشف عن حالات فردية.