1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

معارك حلب: تصفية حسابات إقليمية وتغير في المعادلة السورية

محمد فرحان
٢ ديسمبر ٢٠٢٤

تجدد القتال في سوريا عقب فقد الحكومة السيطرة على حلب، ثاني كبرى المدن السورية. وأثار ذلك تساؤلات حيال هل لعبت الحسابات الإقليمية دورا في تجدد المعارك؟ وما تأثير ذلك على مستقبل الأزمة السورية؟

https://p.dw.com/p/4netD
مقاتلو المعارضة السورية خارج مطار حلب الدولي، 2 ديسمبر/كانون الأول عام 2024
أصبحت حلب خارج سيطرة الحكومة السورية للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع عام 2011صورة من: Aaref Watad/AFP/Getty Images

لم يكن ليطوي عام 2024 آخر صفحاته دون أن تعود الأزمة السورية إلى الواجهة لتتصدر عناوين الأخبار مرة أخرى عقب تجدد القتال في حلب، ثاني أكبر مدن سوريا.

ففي الأيام القليلة الماضية أصبحت حلب خارج سيطرة الحكومة السورية للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع، عقب سيطرة ما تُعرف بـ "هيئة تحرير الشام" وفصائل مدعومة من تركيا.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن السيطرة على حلب جاءت عقب هجوم مباغت يُعدّ الأعنف منذ سنوات؛ إذ تمكن مسلحو "هيئة تحرير الشام"، ( جبهة النصرة سابقًا قبل فكّ ارتباطها بتنظيم القاعدة)، من التقدّم صوب حلب بالتوازي مع سيطرتهم على عشرات البلدات في محافظتي إدلب وحماة.

ونقلت فرانس برس عن مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، يوم الاثنين (2 ديسمبر/كانون الأول) قوله إن "هيئة تحرير الشام" وفصائل معارضة "باتت تسيطر على مدينة حلب بالكامل، باستثناء الأحياء الخاضعة لسيطرة القوات الكردية" في شمالها.

تزامنت التطورات الأخيرة في حلب مع أحداث متسارعة تشهدها منطقة الشرق الأوسط، خاصة اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل الذي أنهى حربًا استمرت لعام في جنوب لبنان.

وتعتبر دول عديدة حزب الله اللبناني، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـ "منظمة إرهابية".

أسباب التصعيد في حلب

يرى حايد حايد، الباحث في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز "تشاتام هاوس" البحثي في لندن، أن "التقارير تشير إلى أن قوات المعارضة قررت بشكل كبير شن هجماتها ضد النظام بشكل مستقل، دون دعم خارجي كبير أو تدخل، بما في ذلك من تركيا."

وفي مقابلة مع DW عربية، أضاف حايد أنه في الوقت الذي يسعى "فيه الفاعلون الخارجيون إلى استغلال الصراع لتصفية الحسابات أو تحقيق مصالحهم الخاصة، يبدو أن القتال الحالي مدفوع بشكل أساسي بالديناميكيات المحلية بما في ذلك الهجمات المستمرة من النظام وغياب الحل السياسي للصراع الطويل الأمد."

ويتفق في هذا الرأي أيمن جواد التميمي، الباحث المتخصص في الشأن السوري في "منتدى الشرق الأوسط" البحثي ومقره واشنطن، قائلاً: "الهجوم الذي يشنه (مسلحو المعارضة) مدفوع بشكل أساسي بقراراتهم الخاصة، خاصة قرارات هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني، فضلاً عن الرغبة في ردع هجمات المسيرات المتزايدة على مناطق سيطرتهم."

وتتشكل قوات المعارضة من تحالف يضم جماعات مسلحة جهادية مدعومة من تركيا إلى جانب "هيئة تحرير الشام"، وهي جماعة إسلاموية تمثل أكبر قوة عسكرية للمعارضة.

وتصنف الولايات المتحدة وروسيا وتركيا ودول أخرى "هيئة تحرير" الشام جماعة إرهابية. وكانت القوات الحكومية قد استعادت السيطرة على كامل مدينة حلب نهاية عام 2016 بدعم جوي روسي، بعد معارك وجولات قصف وسنوات من الحصار للأحياء الشرقية فيها والتي شكلت معقلاً للفصائل المعارضة منذ صيف 2012.

ويعتقد المحلل السوري المستقل، منهل باريش، أن سوريا "ظلت ساحة لتصفية الحسابات والصراعات الإقليمية والدولية حتى في ظل تنفيذ اتفاقيات أستانا خلال الأربع سنوات الماضية."

وفي مقابلة مع DW عربية، قال باريش، المقيم في لندن، إن سوريا "عادت لتصبح ساحة لتصفية الصراعات، لكن مع توجه دولي وإقليمي لطرد إيران من سوريا. المعارك الحالية تصب في هذا الإطار، فهي ضد نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد، لكنها تهدف أيضًا إلى إخراج إيران وتحجيم حزب الله وطرد الميليشيات المدعومة من إيران من الأراضي السورية".

ومنذ انطلاقها عام 2017، ظلت  عملية أستانا  بمثابة ما يشبه محادثات سلام بين ممثلي الحكومة السورية وفصائل معارضة سواء أكانت سياسية أم عسكرية. ورعت عملية أستانا روسيا وتركيا وإيران. وهدفت عملية أستانا إلى وقف إطلاق النار في سوريا من خلال إنشاء مناطق منزوعة السلاح.

لقاء الاسد مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في دمشق، الأول من ديسمبر/كانون الأول عام 2024
أكدت إيران على أن "وجود المستشارين العسكريين الإيرانيين في سوريا سيستمر، بناءً على طلب دمشق". صورة من: Sana via REUTERS

حلب.. "ساحة لتصفية الحسابات"

ويحذر مراقبون من أن أي تصعيد طويل الأمد في سوريا من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الاضطرابات في الشرق الأوسط الذي ما زال يئن تحت وطاة حربين في غزة ولبنان فضلاً عن استمرار نزوح ملايين السوريين.

وفي ذلك، قال فيكتور تريكود، المحلل البارز في شركة الاستشارات البريطانية "كونترول ريسكس"، إن "الهجوم الذي بدأ في السابع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني، أندلع في ظل بيئة أمنية إقليمية غير مستقرة للغاية، حيث تصاعدت المواجهة بين إسرائيل من جهة وإيران والجماعات التي تدعمها من جهة أخرى، على مدار العام الماضي."

ومتحدثًا إلى DW عربية، أضاف تريكود أن "استهداف إسرائيل لأصول إيران وحزب الله في سوريا أضعف بلا شك القدرات التشغيلية لاثنين من الداعمين الرئيسيين لنظام بشار الأسد. في الوقت نفسه، اضطرت روسيا خلال العامين والنصف الماضيين إلى التركيز على حربها الخاصة في أوكرانيا. ويتوقع الفاعلون الإقليميون مثل تركيا وإسرائيل مكاسب جيوستراتيجية قصيرة الأجل كنتيجة للهجوم المباغت الأخير."

ومع تجدد القتال، حثت الأمم المتحدة والعديد من دول العالم على وقف فوري للأعمال العدائية في مدينة حلب، حيث شدد المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا، آدم عبد المولى، "على أنه لا ينبغي لشعب سوريا أن يتحمل المزيد من المعاناة".

وذكر بأن الأزمة السورية لا تزال واحدة من أشد الأزمات الإنسانية حدة في العالم، مشيرا إلى أنه قبل تدفق أكثر من نصف مليون عائد ولاجئ من لبنان منذ سبتمبر/أيلول الماضي، كان هناك أكثر من 16.7 مليون شخص في حاجة إلى المساعدة الإنسانية.

حلب.. مستقبل المعادلة السورية!

يعقد مجلس الأمن الدولي الثلاثاء (3 ديسمبر/كانون الأول) جلسة طارئة بشأن الوضع في سوريا.

ويبدو أن هجوم المعارضة المباغت قد دفع الأسد للحصول على دعم حلفائه؛ إذ نقلت الرئاسة السورية عنه تشديده خلال استقباله وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بدمشق الأحد (الأول من ديسمبر/كانون الأول 2025)، على "أهمية دعم الحلفاء والأصدقاء في التصدي للهجمات الإرهابية المدعومة من الخارج"، على حد وصفه.

وتلا ذلك تأكيد الخارجية الإيرانية على لسان الناطق باسمها، إسماعيل بقائي، على أن "وجود المستشارين العسكريين الإيرانيين في سوريا سيستمر، بناءً على طلب دمشق".

تزامن هذا مع إعلان روسيا أن قواتها الجوية تساعد الجيش السوري في "صد" فصائل معارضة بمحافظات إدلب وحماة وحلب.

أما تركيا، فقد نوه وزير خارجيتها هاكان فيدان خلال اجتماع مع نظيره الإيراني على أنه لا يمكن تفسير أحدث التطورات في سوريا باعتبارها "تدخلاً أجنبياً"، داعياً الحكومة السورية إلى "التصالح مع الشعب والمعارضة".

ورغم ذلك، يعتقد الباحث في الشأن السوري، أيمن جواد التميمي، أن "تركيا قد وافقت ضمنياً على الهجوم كوسيلة للضغط على الحكومة السورية للتفاوض وأيضاً للرد على قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد في محافظة حلب".

هل سيؤدي تجدد القتال في سوريا إلى انهيار اتفاقيات أستانا التي ترعاها روسيا وإيران وتركيا؟
هل سيؤدي تجدد القتال في سوريا إلى انهيار اتفاقيات أستانا التي ترعاها روسيا وإيران وتركيا؟صورة من: Yevgeny Biyatov/ITAR-TASS/Imago Images

بيد أن السؤال الأكثر إلحاحاً في الوقت الراهن يتمثل في تأثير التصعيد في حلب على الوضع السوري العام.

وفي هذا السياق، قال حايد حايد، الباحث في مركز "تشاتام هاوس"، إن "التأثير الأوسع للقتال على المشهد السياسي والعسكري في سوريا سوف يصبح أكثر وضوحاً في حال استمر القتال طويلا وأيضاً الوقوف على حجم المكاسب والخسائر لجميع الأطراف بشكل معمق".

وفي حديثه إلى DW عربية، أشار حايد إلى أن "نتائج جولة القتال الحالية غير مؤكدة في الوقت الراهن".

يُشار إلى أن التصعيد الميداني الحالي لم تشهد له سوريا مثيلا منذ سنوات؛ إذ أتاح وقف للنار رعته موسكو وأنقرة عام 2020 هدوءا إلى حد كبير في إدلب، حيث كانت "هيئة تحرير الشام" تسيطر على نحو نصف مساحة المحافظة وعلى أجزاء ملاصقة لها من محافظات  حلب وحماة واللاذقية.

وفي ذلك، يعتقد أيمن جواد التميمي، الباحث في "منتدى الشرق الأوسط"، أن مرحلة "الصراع المجمد التي استمرت منذ 2020 قد انتهت الآن. تسعى الحكومة السورية وحلفاؤها الروس والإيرانيون إلى الرد على هجوم المعارضة خاصة في ضوء خسارة مدينة حلب".

وأضاف "اشك في حدوث تسوية سياسية شاملة وشيكة."

 

محمد فرحان كاتب ومحرر في القسم العربي لمؤسسة DW
تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات