مشاورات لتشكيل حكومة ائتلافية وميركل تقول إن التونسيين نفذ صبرهم
١٤ يناير ٢٠١١أعلن الوزير الأول التونسي محمد الغنوشي أنه سيبدأ غدا السبت (15 يناير /كانون الثاني) مشاورات لتشكيل حكومة إئتلافية وأنه سيجتمع مع ممثلين عن الأحزاب السياسية لتشكيل حكومة. وكان الغنوشي قد أعلن عن توليه مهام رئاسة الجمهورية التونسية بعدما تعذر على زين العابدين بن علي "ممارسة مهامه"حسب بيان قرأه الغنوشي عبر التلفزيون مساء اليوم الجمعة، وتعهد الغنوشي باحترام الدستور وبتنفيذ كل الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي سبق وأن أعلن عنها.
ويتولى الجيش منذ إعلان الرئيس المتنحي فرض حالة الطوارئ في البلاد، الأمن زهو يتمركز في المناطق الحساسة كما أعلن حظرا على المجال الجوي التونسي. وفي اتصال هاتفي مع مراسلة دويتشه فيله في تونس، أفادت أن حالة من الانفلات الأمني سجلت في عدد من أحياء العاصمة تونس ومدن أخرى داخل البلاد، وذكرت تقارير أن مواطنين يوجهون استغاثات لحمايتهم.
ميركل: التونسيون نفذ صبرهم
أعربت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل عن قلقها من تطورات الأوضاع في تونس وقالت قبل اجتماع مع اعضاء من حزبها الحاكم "المسيحي الديمقراطي" في ماينتس "الوضع في تونس خطير للغاية ويكشف أن الركود جعل صبر الناس ينفد تماما". وأضافت ميركل "سنعمل على استخدام نفوذنا للتأكد من أن الأمور ستسير هناك بصورة سلمية وتجنب وقوع عدد كبير من القتلى بقدر الإمكان".
وفي سياق متصل قال وزير الخارجية الألماني ونائب المستشارة غيدو فسترفيله انه تم تشكيل خلية أزمة لمساعدة السياح الألمان الذين يقضون عطلاتهم في تونس.
وفي أولى ردود الفعل على تنحي بن علي عن السلطة أشاد الرئيس الاميركي باراك أوباما ب"شجاعة وكرامة" الشعب التونسي داعيا إلى إجراء انتخابات نزيهة وحرة عقب الإطاحة بالرئيس بن علي. وقال البيت الأبيض في بيان له إن "الشعب التونسي لديه الحق في اختيار زعمائه" وان الولايات المتحدة ستتابع احدث التطورات عن كثب. كما دعا البيان إلى تنفيذ وعود بن علي ومنها احترام حقوق الإنسان والقيام بإصلاحات سياسية. أما الخارجية الألمانية فقد أعربت عن قلقها إزاء تطور الأوضاع في تونس. وجاء في بيانها اليوم الجمعة أن وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله يتابع تطورات الأوضاع في تونس بـ"قلق بالغ". ونصح البيان المواطنين الألمان بالعدول عن السفر إلى تونس في الوقت الراهن.
وفي أول رد فعل له قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اليوم الجمعة ان الحوار وحده يمكن ان يحقق تغييرا ديمقراطيا ودائما في تونس. واضاف في بيان "الحوار وحده يمكن ان يحقق حلا دائما وديمقراطيا للازمة الحالية." وقال ان فرنسا تقف جنبا الى جنب مع التونسيين في هذه "الفترة الحاسمة" وانه يعترف بالانتقال الدستوري.
ومن جهته دعا الإتحاد الأوروبي إلى"حلول ديمقراطية دائمة " في تونس كما دعا إلى الهدوء بعد الإطاحة بالرئيس بن علي. وقالت وزيرة خارجية الإتحاد الأوروبي كاثرين آشتون والمفوض الأوروبي لتوسيع الإتحاد، سيتفان فولي، "نود أن نعرب عن دعمنا للشعب التونسي واعترافنا بتطلعاته الديمقراطية التي يجب تحقيقها بالطرق السلمية". وجاء في بيان مشترك دعوتهما جميع الأطراف لضبط النفس والهدوء.
أما الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فقد دعا جميع الأطراف في تونس إلى "ضبط النفس" وسط الاضطرابات الدامية التي تجتاح البلاد. وقال بان كي مون في مؤتمر صحافي "أتابع عن كثب وبقلق الوضع في تونس". وأضاف "لقد أحزنني فقدان الأرواح وأدعو مرة أخرى إلى ضبط النفس في استخدام القوة والى الاحترام التام لحرية التعبير والانتماء".
تطورات متلاحقة
وكانت وكالة تونس إفريقيا للأنباء الحكومية التونسية قد أعلنت في وقت سابق ان السلطات التونسية قررت بعد ظهر اليوم الجمعة (14 يناير/ كانون الثاني 2011) فرض"حالة الطوارئ في كامل أنحاء الجمهورية حفاظا على سلامة الأشخاص والممتلكات من الشغب". وأضاف المصدر نفسه انه بموجب ذلك "يمنع تجمع أكثر من ثلاثة أشخاص في كامل البلاد بالطريق العام والساحات العامة". كما "يمنع تجول الأشخاص والعربات من الساعة السادسة مساء إلى غاية السادسة صباحا بالتوقيت المحلي. ويمكن حسب القرار "استخدام السلاح من طرف أعوان الأمن او الحرس الوطني ضد كل شخص مشتبه فيه ولم يمتثل لأمر الوقوف أو حاول الفرار ولم يبق مجال لإجباره على الوقوف".
وذكر شهود عيان أن وحدات من الجيش التونسي تمركزت في المواقع الحساسة في العاصمة تونس مثل مقر الإذاعة والتلفزيون ومطار تونس قرطاج ومداخل بعض الأحياء التي توجد بها مقرات حكومية وأيضا قصر الرئاسة في قرطاج بالضاحية الشمالية للعاصمة تونس، كما ذكر مصدر في الملاحة الجوية التونسية أن المجال الجوي التونسي قد أغلق، ولم يرد مزيد من التفاصيل.
وجاء إعلان فرض حالة الطوارئ ساعة واحدة إثر الإعلان عن قرار الرئيس زين العابدين بن علي بإقالة الحكومة ودعا إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة خلال فترة ستة أشهر. وكلف رئيس الوزير الأول محمد الغنوشي بتشكيل الحكومة الجديدة. ويذكر أن وزير الخارجية كمال مرجان أشار في مقابلة مع إذاعة أوروبا 1 الفرنسية اليوم ا ان من" الممكن تماما" تشكيل حكومة اقتسام للسلطة. وأضاف "بسلوك أشخاص مثل نجيب الشابي، اعتقد أن الأمر ممكن وحتى طبيعي جدا". ومحمد نجيب الشابي هو الزعيم التاريخي للحزب الديمقراطي التقدمي المعارض المرخص له لكنه غير ممثل في البرلمان.
وتزامنت هذه القرارات مع أنباء عن الإفراج عن عدد من المعتقلين في الاحتجاجات وضمنهم حمة الهمامي زعيم الحزب العمال الشيوعي المحظور.
مزيد من الضحايا وتضارب الأنباء حول وجهة بن علي
وتضاربت الأنباء حول الوجهة النهائية لابن علي، بعدما حطت طائرته في إحدى المطارات الإيطالية، قبل أن ذكرت أنباء أنها توجهت لإحدى الدول الخليجية مرجحة أن تكون الإمارات أو السعودية. كما ذكرت مصادر قريبة من الحكومة الفرنسية أن الرئيس ساركوزي رفض استقبال الرئيس المخلوع على الأراضي الفرنسية، وعزا ذلك إلى عدم رغبة فرنسا في إثارة إستياء الجالية التونسية في فرنسا والتي تعد أكبر جالية في الخارج.
وقد ذكرت مصادر طبية وشهود عيان اليوم مقتل ما لا يقل عن 13 شخصا في اشتباكات الليلة الماضية في العاصمة التونسية ومدينة رأس الجبل في شمال البلاد. كما تواصل دوي أصوات أعيرة نارية، في مواجهات عنيفة استخدمت فيها الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق محتجين يطالبون بتنحي الرئيس التونسي زين العابدين بن علي رغم الخطاب تطميني ألقاه يوم أمس ووعد فيه بإصلاحات جذرية، منها عدم سعيه للبقاء لفترة رئاسية سادسة كما كان متوقعا في عام 2014. كما وعد بوقف استعمال الرصاص الحي من قبل قوات الأمن وبتحرير الحياة السياسية والمجال الإعلامي.
وتميز اليوم بتجمع ما لا يقل عن ثمانية آلاف أمام مبنى وزارة الداخلية في العاصمة مرددين شعارت تطالب بتنحي الرئيس بن علي. ورشق المحتجون الشبان المبنى وبدأوا في قذف الشرطة بالحجارة فردت باستخدام المزيد من قنابل الغاز المسيل للدموع.
واستمرت المظاهرات اليوم في سيدي بوزيد المدينة التي بدأت فيها موجة الاضطرابات وقال شهود عيان ان مسيرة تضم عدة آلاف طالبت بتنحي الرئيس فورا. وذكر سليمان الرويسي الناشط النقابي لرويترز في اتصال هاتفي أن "هناك آلاف منا هنا، جئنا بالآلاف لنقول لابن علي ارحل." وفي سياق متصل دعا الاتحاد العام التونسي للشغل لإضراب عام قال محللون انه سيكون أول اختبار لمدى نجاح الرئيس في تهدئة الغضب العام بخطابه.
(ح.ز/ رويترز، د.ب.أ، أ.ف.ب)
مراجعة: منصف السليمي