مشاورات دولية مكثفة بشأن حظر جوي فوق ليبيا وتأييد خليجي ـ إسلامي
٨ مارس ٢٠١١قال دبلوماسيون أوروبيون إن دول الإتحاد الأوروبي، توصلت اليوم الثلاثاء (08 مارس /آذار) لاتفاق يقضي بتشديد العقوبات المفروضة على النظام الليبي من خلال استهداف المؤسسات المالية المرتبطة بالعقيد معمر القذافي. ومن المتوقع أن تتم الموافقة على العقوبات المشددة بشكل رسمي قبل اجتماع قمة دول الإتحاد الأوروبي يوم الجمعة المقبل المخصص لمناقشة الأزمة الليبية، وذلك حسب ما أفاد به مصدر من الإتحاد الأوروبي لوكالة الأنباء الألمانية.
وفي السياق نفسه يعقد وزراء خارجية دول الإتحاد الأوروبي الخميس اجتماعا في بروكسيل. واستنادا إلى نفس المصدر فإن توافق الدول الأوروبية تم بعدما أزيلت شكوك أثارتها مالطا في وقت سابق بشأن "التأثير غير المباشر" للعقوبات على الشركات الأوروبية التي تم استهداف شركات ليبية مساهمة فيها. وتشمل العقوبات المشددة تجميد الأرصدة الموجودة لدى الإتحاد الأوروبي الخاصة بمجموعة الشركات المالية، بما في ذلك هيئة الاستثمار الليبية التي لها مصالح في دول الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية. وكان الاتحاد قد قرر الأسبوع الماضي فرض عقوبات ضد ليبيا وشملت حظر التأشيرات وتجميد الأصول ضد القذافي و25 شخصا من المقربين منه.
نفي للتفاوض بشأن تنحي القذافي
وفي طرابلس نفت الحكومة الليبية أن يكون الزعيم معمر القذافي قدم عرضا للتفاوض مع المعارضة. وقال التلفزيون الرسمي الليبي إن اللجنة الشعبية العامة (الحكومة) "تسفه الشائعات التي يروجها الذين تأكدت عمالتهم وتخابرهم مع الاستخبارات الأجنبية وأفادت بان الأخ القائد أرسل وفدا للتفاوض معهم". وأضاف "إن القائد لا يعقل أن يتصل بعملاء تورطوا علانية بالاستقواء بالخارج". ومن جهته أعلن المجلس الوطني الانتقالي أنه رفض عرضا للتفاوض مع القذافي واشترط تنحيه ورحيله أولا، واعدا بالتنازل عن ملاحقته جنائيا في المقابل، كما قال رئيس المجلس مصطفى عبد الجليل في بنغازي. وقال عبد الجليل في اتصال مع قناة الجزيرة "إن غادر القذافي خلال 72 ساعة وتوقف القصف سوف لن نلاحقه" وأشار إلى أن المهلة لن تمدد.
تواصل المعارك
وميدانيا، تعرض موقع يبعد 13 كيلومترا غرب رأس لانوف، ظهر الثلاثاء، لقصف مدفعي مكثف حيث سقطت ست قذائف خلال خمس دقائق، بعضها على مسافة لا تتجاوز مائة متر عن الطريق الساحلي. ومن موقع يبعد تقريبا سبعة كلم غرب رأس لانوف وعلى طريق صحراوية شاهد مراسل فرانس برس العشرات من المقاتلين يسرعون راجلين وفي سيارات وشاحنات صغيرة.
ونقل مراسل فرانس بريس من رأس لانوف أنه شاهد ثلاثة مسلحين ينقلون إلى المستشفى بعد إصابتهم في المنطقة الواقعة بين رأس لانوف وبن جواد التي تقع غربا والتي استعادتها يوم الأحد قوات موالية للقذافي. وأكد الثوار أن قوات القذافي قصفت غرب لانوف بوابل من القذائف المدفعية. كما أغارت طائرة على مبنى سكني من طابقين قرب المرفأ النفطي في رأس لانوف التي يسيطر عليها الثوار منذ يوم الجمعة. ويشن الطيران الليبي غارات يومية على مواقع الثوار في شرق البلاد ولاسيما على خط جبهة القتال، وكذلك في البريقة واجدابيا النقطتين الإستراتيجيتين في الطريق بين بنغازي وسرت التي يقول الثوار إنهم يخططون للهجوم عليها.
وفي غرب العاصمة طرابلس، تحدثت مجموعات ليبية معارضة ووسائل إعلام عن "معارك ضارية" وإطلاق نار بالدبابات في مدينة الزاوية التي تشهد منذ أيام معارك عنيفة بين الثوار والقوات الموالية للقذافي. وفي مدينة زنتان(120 كيلومترا جنوب غرب طرابلس) التي يسيطر عليها الثوار، ذكر الفرنسي فلوران مارسي مخرج الأفلام الوثائقية في زنتان لفرناس بريس أن "المعارضة تسيطر على المدينة، لكن ثمة شاحنات تنقل راجمات صواريخ غراد حول المدينة".
صعوبة إيصال المساعدات الإنسانية
وفي برلين، قالت منظمة أطباء بلا حدود إن المعارك المستمرة في ليبيا تحول بشكل كبير دون وصول المساعدات الطبية. وذكرت المنظمة الثلاثاء أنه خلال مدة أقل من أسبوعين وردت 22 طنا من المساعدات الطبية إلى مدينة بنغازي. وأضافت المنظمة أن طبيبا تابعا لها يعاون في الوقت الراهن قسم العمليات الجراحية في مستشفى مدينة أجدابيا بعد أن أسفرت المصادمات الجديدة غربي مدينة رأ لانوف عن إصابة العديد من الأشخاص. وتشير تقديرات المنظمة، حسب وكالة الأنباء الألمانية، إلى أن أعداد المصابين وصلت بعد مضي خمسة أيام فقط على اندلاع المعارك الشهر الماضي في بنغازي، معقل الثوار، شرقا إلى أكثر من 1800 شخص. وقالت المنظمة إن فريقا تابعا لها لا يزال يحاول الدخول إلى مدينة البريقة التي تتعرض للقصف وكذلك إلى داخل مناطق أخرى في الداخل الليبي لكن المعارك المستمرة تحول حتى الآن دون ذلك. كما أشارت المنظمة إلى صعوبة الوصول إلى مناطق في غرب البلاد كان أطباء هناك طلبوا المساعدة.
مشاورات متواصلة بشأن الحظر الجوي
وتواصلت الثلاثاء المشاورات الدولية بشأن فرض حظر جوي علي ليبيا، وقد ناقش أعضاء مجلس الأمن الدولي الثلاثاء احتمال فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا، وفقا لما صرح به لين باسكو نائب الأمين العام للأمم المتحدة للصحافيين.
ورغم المناقشات في الأمم المتحدة بشان فرض حظر جوي، إلا أن مؤيدي هذه الخطوة قالوا إنه لن يتم التقدم بمشروع قرار بهذا الشأن إلا بعد أن يتم التأكد من أن التهديد الذي يواجهه المدنيون في النزاع في ليبيا خطير لدرجة تستدعي ذلك. وتعكف كل من بريطانيا وفرنسا على صياغة مشروع قرار. ولم يتم التقدم باقتراح رسمي إلا أن دبلوماسيين ذكروا أن محادثات بهذا الشأن تجري خلف أبواب مغلقة بين أعضاء المجلس.
ومن جهته أعرب غيدو فيسترفيله وزير الخارجية الألماني عن معارضته لاتخاذ "قرارات متسرعة" بفرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا. وقال في مقابلة مع صحيفتي "شتراوبينغر تسايتونغ" و "لاندسهوتر تسايتونغ" الألمانيتين الصادرتين غدا الأربعاء، نائب المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، إن من "الضرورة الملحة" لخطوة كتلك أن تكون في إطار مهمة تابعة للأمم المتحدة وبالتنسيق مع الجامعة العربية. وأضاف: "لأننا لا نريد سلوك طريق منحرف يؤدي بنا في النهاية إلى صراع عسكري بمشاركتنا".
حظر بمشاركة دولة إسلامية على الأقل
ومن جهته قال روبريخت بولينتس الذي يرأس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الألماني لوكالة رويترز إنه يتعين كذلك على الجامعة العربية أن تساند تحركا لمنع العقيد معمر القذافي من شن غارات جوية على مقاتلي المعارضة المسلحة. وأبدى بولينتس أكثر حذرا بشأن الفكرة التي تطرحها بريطانيا وفرنسا في الأمم المتحدة من زميله المحافظ فيليب ميسفلدر الذي قال في وقت سابق اليوم إنه يتعين أن تنضم ألمانيا إلى أي مهمة لفرض حظر الطيران.
وقال بولينتس عضو حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تتزعمه المستشارة ميركل "في حال فرض منطقة كهذه لابد على دولة إسلامية واحدة على الأقل أن تشارك...ليس كافيا أن يمنح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تفويضا ملائما."
وقد أعرب مجلس التعاون الخليجي وكذلك الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان اوغلو الثلاثاء عن تأييدهم فرض حظر جوي على ليبيا، لكن أوغلو جدد رفضه التدخل العسكري المباشر، وناشد السلطات الليبية "السماح فورا بدخول المساعدات الإنسانية دون تأخير". ويعقد وزراء خارجية الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية الجمعة اجتماع أزمة لبحث الأزمة الليبية.
(م.س / د ب أ ، أ ف ب ، رويترز)
مراجعة: عبده جميل المخلافي