"مساعدة اللاجئين السوريين في الأردن ليست بحجم الكارثة"
٧ سبتمبر ٢٠١٢يشكو بعض اللاجئين السوريين في محافظة المفرق شمال شرقي الأردن من "تردي أوضاعهم المعيشية" فيما تؤكد منظمات الإغاثة المحلية أن المساعدات المقدمة من الجهات الدولية ليست "بحجم الكارثة"، وقد حاولت DW عربية تسليط الضوء على أوضاع اللاجئين في المفرق على بعد نحو 70 كيلو مترا إلى الشمال الشرقي من العاصمة عمّان.
يبدو أن هول المعاناة التي يتعرض لها اللاجئون السوريون حالت دون مقدرتهم على التعبير عنها، ولكن هذه المعاناة كانت ظاهرة على ملامحهم وفي نبرات أصواتهم ، وتقول اللاجئة السورية وداد الراشد لـ DW عربية إن مخيم الزعتري الذي يبعد 15 كيلو مترا شرقي مدينة المفرق في حالة يرثى لها وإنها لا تستطيع دخول المخيم لرؤية ابنتها المريضة التي لجأت مع زوجها الى هذا المخيم الذي يحتاج من يدخله إلى تصريح أمني ومن يخرج منه الى كفالة، في حين يطالب شقيقها محمد الجهات الدولية المسؤولة والأمم المتحدة بالاهتمام باللاجئين في هذا المخيم ويقول "نحن شعب يعاني وينزف ويطالب بالحرية".
معاناة "فوق طاقة" المفرق
وتقدر منظمات الإغاثة عدد اللاجئين السوريين في محافظة المفرق بنحو 40 ألفاً منهم قرابة 25 ألفا في مخيم الزعتري، الذي يؤكد الناشطون السوريون عدم وجود مرافق صحية مناسبة فيه مما دفع بعض اللاجئين إلى القيام باحتجاجات في الفترة الأخيرة.
ويقول المتطوع السوري في المجال الطبي "الأسمر" من ريف دمشق، والذي رفض الكشف عن اسمه الحقيقي، إن هناك معاناة بسبب الإصابات التي تأتي من سوريا وخاصة داخل مخيم الزعتري ويشير إلى صعوبة إخراجهم من المخيم بسبب عدم سهولة تأمين الكفالات.
ويضيف الناشط لـ DW عربية أن العائلات التي خرجت من المخيم تعاني من عدم وجود سكن وهناك محاولات من قبل المتطوعين لمساعدتهم بمساكن عبر الايجار، ولكن "على البلاط" دون أي أثاث. ويقول " نحن لا نلوم الجمعيات الخيرية في المفرق لأن المساعدات محدودة وتوزع بصعوبة على العائلات التي أصبحت بأعداد كبيرة للغاية ويخلص الى القول بأن "الوضع سيئ جداً".
"معاناة اللاجئ السوري تتفاقم"
ويؤكد الناشط السوري في مجال حقوق الإنسان المحامي أحمد سعيد الطالب لـ DW عربية إن معاناة اللاجئين السوريين في محافظة المفرق فيما يتعلق بغلاء أجور السكن تفاقمت"حتى بات اللاجئ لا يفكر في الأكل والشرب وإنما في تأمين مبلغ ايجار السكن المنزل الذي كان يبلغ قبل قدوم اللاجئين 80 دينارا وأصبح الآن 200 دينار أردني (285 دولارا)" بالإضافة إلى معاناة اللاجئين السوريين من شح المياه بعد أن كانوا معتادين على كثرة المياه في بلدهم.
ويشير الطالب إلى وجود معاناة جديدة تتعلق بظروف تعليم الأطفال السوريين مع بدء العام الدراسي، ويوضح أن وزارة التربية والتعليم لم تحدد إلى الآن ماذا سيفعل السوريين بأطفالهم في المدارس "لم تحدد لهم طريقة التعليم ولا اللباس ولا الكتب".
إلى ذلك يقول الطفل السوري زين العابدين محمد ناصر، الذي لجأ مع أهله إلى المفرق قادما من حمص منذ ثمانية أشهر، لـ DW عربية إن إجراءات استقبال الطلبة السوريين في المدارس الحكومية لم تكتمل بعد ويشير إلى أن الجمعيات الخيرية لديها مدارس خاصة ولكن بأقساط مرتفعة لا يستطيع احد من السوريين تحملها ويقول "أنا أتمنى الدراسة ولو داخل خيمة".
"الأزمة كشفت عقم النظام الإغاثي الإنساني"
ويقول الدكتور صلاح قازان مدير مراكز إغاثة اللاجئين السوريين في جمعية المركز الإسلامي الخيرية في محافظة المفرق لـ DW عربية إن المساعدات التي تقدمها الهيئات الدولية والمنظمات الإنسانية ليست بحجم الحدث ويرى أن الأزمة السورية كشفت "عقم النظام الإغاثي الإنساني وتأثره بالموقف السياسي".
ويضيف قازان أن بعض لاجئي مخيم الزعتري الذين تمكنوا من الخروج من المخيم بكفالة يأتون يوميا للتسجيل في الجمعيات، الأمر الذي أضاف عبئا جديدا على المفرق وعلى الجمعيات الخيرية التي تتشارك مع بعضها لتقديم المساعدة ويقول "أصبحنا غير قادرين على تأمين الإغاثة بالشكل المطلوب بسبب زيادة أعداد الأسر".
وكانت الحكومة الأردنية وجهت نداء إغاثة عاجلا لمساعدتها في تحمل التكاليف الناجمة عن استضافة اللاجئين السوريين.
"موجات اللجوء وصلت الى درجة كارثية"
بدوره يقول علي شديفات رئيس جمعية الهلال الأحمر الأردني في محافظة المفرق في حوار معDW عربية ان المحافظة تنبهت الى خطورة الوضع وجهزت كوادرها ومتطوعيها من خلال دورات سريعة للتعامل مع حالات النزوح واللجوء، ولكن موجات اللجوء تزايدت إلى أن وصلت إلى درجة كارثية نعيشها الآن في الأردن المعروف بمحدودية دخله وموارده ومياهه مما شكل عبئاً كبيراً على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
ويضيف شديفات أن مشاكل اللاجئين السوريين بدأت تتفاقم خلال الأشهر الأخيرة من خلال موجات اللجوء الهائلة التي وصلت أحيانا إلى ثلاثة آلاف في اليوم الواحد. ويؤكد ان المساعدات التي تصل غير كافية وغير موجهة بطريقة صحيحة كما أنها غير مدروسة "فأغلب المساعدات هي طرود تموينية" وحاجات اللاجئ لا تتوقف عند طرد غذائي فهو بحاجة أيضا إلى الكساء والملبس والفراش ومستلزمات الحياة الاخرى ، ويوضح أن هيئات الإغاثة والمفوضية الدولية والدول الأجنبية لم تقدم سوى "النذر اليسير" للاجئين السوريين وهي "مقصرة مع هذه الكارثة الإنسانية".
وبالنسبة لمخيم الزعتري يقول شديفات إن منطقة المخيم تم ترتيبها على عجل عندما ازدادت موجات اللجوء وأصبحت بالآلاف. ويضيف أن الأشقاء السوريين لم يعتادوا على المخيم وعلى مثل هذه المعيشة وبالتالي يحاول البعض الخروج من المخيم لأنه يريد العيش كما يعيش اللاجئ في المدن والقرى ولكن هذه المدن والقرى لا تستطيع استيعاب هذه الأعداد الكبيرة.