"مدينتنا" - مشروع سوري ألماني مستدام من أجل تطوير حلب الشهباء
٢٨ فبراير ٢٠١١هل تعرف مشروع "مدينتنا" الخاص بمدينة حلب؟ سؤال وجهناه إلى عدد من مواطني ثاني أكبر مدينة في سوريا. وجاءت الأجوبة متباينة لكنها أكدت لنا أن المشروع معروف لدى العديد منهم، فشباب المدينة نظموا حملات تطوعية لتنظيفها. من هنا يقول الشاب سعيد العلي ردا على سؤالنا "قصدك المشروع الألماني الذي يعمل على نظافة حلب"؟.
أما المتطوع الشاب أحمد غنام فيؤكد بأن التراكم العشوائي للأوساخ، ومنظرها القبيح في هذه المدينة الجميلة والتاريخية "كانا وراء تطوعه للمشاركة في المشروع الذي يشارك فيه خبراء ألمان". ورغم أن الكثيرين يعرفون المشروع الذي بدأ العمل به عام 2008 بتمويل من الوكالة الألمانية للتعاون التقني من خلال حملات التنظيف، فإن أهدافه تتجاوز ذلك بكثير.
وحسب ما جاء في خطط المشروع فإنه لا يهدف فقط إلى المساعدة في تحسين التخطيط العمراني ووضع القوانين، بل أيضا إلى حماية الموارد الطبيعية وتعزيز الأنشطة الثقافية والاجتماعية، وتوفير ظروف معيشية جيدة لسكان المدينة، لاسيما سكان الأحياء الفقيرة فيها بشكل يستند على مشاركتهم في اتخاذ القرار وفي حماية تراث المدينة وهويتها". وفي هذا الإطار تم تنفيذ عشرات المشاريع الصغيرة والمتوسطة في إطاره مثل الحملات الإعلامية المتكررة حول التوعية بأهمية الحفاظ على نظافة وتراث المدينة، وتنفيذ دورات عديدة من برنامج "مهارات" الخاص بتدريب الشباب على مهن مختلفة في مناطق السكن العشوائي بهدف فتح فرص الوظيفة والعمل الحر أمامهم. كما تم في الإطار المذكور تنفيذ العشرات من المشاريع الأخرى وورش العمل الخاصة بتطوير السياحة والبيئة وتأهيل المدينة القديمة وتحسين مجرى نهر قويق وتجميله.
مشروع يثير التفاؤل رغم تهم بالفساد
تناقل الناس ووسائل إعلامية سورية بينها موقع "عكس السير" مؤخرا خبرا يفيد بتوقيف مدير "مشروع مدينتنا" عن الجانب السوري محمود نبيل رمضان بتهم تتعلق بالفساد. ويأتي ذلك في إطار سلسلة توقيفات طالت مؤخرا موظفين كبارا في مجلس إدارة مدينة حلب وإدارتها الأخرى. دويتشه فيله حاولت مرارا الحصول على مزيد من المعلومات بهذا الشأن، أيضا عن طريق مدير المشروع عن الجانب الألماني توماس برتزكات، غير أن الأخير اعتذر على أساس أن التحقيقات ما تزال جارية بخصوص تهم الفساد التي طالبت المشروع، وبناء عليه لا يمكنه تقديم معلومات في الوقت الحاضر.
المعلومات المتناقلة تثير خشية الكثير من الحلبيين الذين يرون بأن المشروع ساهم حتى الآن في أعمال ترميم وتجميل وتأهيل وتدريب طالت أحياء عديدة في المدينة على حد قول الطالبة الجامعية سامية أزهري. ومما يعجب سامية في المشروع كونه طويل الأجل أو مستدام ليس فقط على مدار سنة أو سنتين، بل حتى عام 2025. وهذا يعني حسب رأيها أن الأمر لا يتعلق على سبيل المثال بحملة نظافة أو تنفيذ ورشة عمل لمرة واحدة، بل بالقيام بعمليات توعية وتأهيل مواكبة للمشاريع المختلفة على مدى 17 سنة بهدف جعل اهتمام الناس وإدارات حلب المختلفة بنظافة وتطور مدينتهم كأمر طبيعي ليس بحاجة إلى مشروع خاص كهذا في المستقبل. وفي السياق ذاته ترى مها الحصري، مدرسة لغة إنكليزية أن المشروع مهم جداً "كونه يجمل المدينة بقالب طبيعي أو تاريخي وعصري في نفس الوقت على غرار دول متقدمة مثل ألمانيا، "وتضيف" أعرف أناسا كانوا يرمون القمامة من شرفات المنازل، غير أن جهود المشروع جعلت ضمائرهم تؤنبهم".
تحديات تواجه المشروع
غير أن البعض لا يشاطر المتفائلين رأيهم بقدرة المشروع على التحسين، فمهندس المعلوماتية عادل طعمه يرى بأن مشروع مدينتنا لن يقدر على تغير عقول الناس"، لأنهم حسب رأيه اعتادوا على الأمور الأسهل بغض النظر عن مضارها. وفي هذا السياق يقول: "هناك من يفضل رمي الأوساخ من شرفة منزله على أن ينزل ويضعها بسلة المهملات في الشارع، حتى ولو وضعها في الحاوية يرميها بشكل مقزز".
وفي السياق ذاته ترى سميرة س. العاملة في إحدى دوائر الدولة بأن مشكلة النظافة في عدم وجود عقوبات قانونية رادعة ينبغي على المشروع أخذها بعين الاعتبار على أن تنفذ بحق الجميع سواء أكانوا من أصحاب المناصب أم لا". وترى الطالبة الجامعية فاطمة ع. إن أبرز المشاكل التي تعاني منها حلب تكمن في تجاوزات كثيرة يقوم بها حتى أولئك الذين ينبغي أن يكونوا قدوة، وهذه مسألة ليس من الواضح كيف سيتعامل معها المشروع إذا أراد القائمين عليه تحقيق أهدافهم.
مشروع بدعم وتمويل ألماني
مشروع "مدينتنا" الذي يسمى أيضا "إستراتيجية تنمية مدينة حلب حتى عام 2025"، تقوم بتمويله الوكالة الألمانية للتعاون الفني والتقني/ GTZ بالتعاون مع مجلس مدينة حلب ومجلس تحالف المدن العالمية. وينبثق عن المشروع مشاريع كثيرة في مجالات متنوعة تهدف إلى تحسين مدينة حلب التي تعد العاصمة الاقتصادية لسوريا بعدد سكان يقدر بحوالي 2.1 مليون نسمة. ويركز المشروع بشكل خاص على تطوير مناطق السكن العشوائي التي تعاني من الفقر ومن ضعف كبير في البنية التحتية، والتي تضم نحو 45 بالمائة من سكان المدينة. وإضافة إلى المشاريع والورش والحملات ينبثق عن المشروع أيضا تحالفات وشراكات محلية وعالمية واتفاقيات تعاون تهدف إلى تبادل المعلومات والخبرة. ومن هذه الجهات على سبيل المثال نقابة المهندسين في حلب، ومركز الأعمال السوري، وصندوق الأمم المتحدة للأطفال، ووكالة وكالة غوث اللاجئين من الأمم المتحدة.
عفراء محمد - حلب
مراجعة: عبده جميل المخلافي