مبادرة لحماية الدول الفقيرة في مؤتمر منظمة التجارة العالمية
١٦ نوفمبر ٢٠٠٥يعتبر المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية الاجتماع الأساسي لاتخاذ القرارات المتعلقة بآليات عملها، ويقام مرة كل سنتين على الأقل، كما يتم خلاله تحديد الاتجاه السياسي للمنظمة. وبعد فشل المؤتمر السابق في كانكون في المكسيك عام 2003، يعد المؤتمر السادس الذي يقام هذا العام بمثابة نقطة الارتكاز الأساسية في المفاوضات المستمرة منذ أربعة أعوام في نطاق برنامج الدوحة للتنمية. فيجب اتخاذ قرارات لإتمام برنامج الدوحة للتنمية الذي بدأ في عام 2001 وينتظر الأعضاء أن يصل هذا البرنامج إلى نهايته بحلول نهاية عام 2006. ويحتوي برنامج الدوحة للتنمية على مجموعة من المواضيع الأساسية مختصة بالمنتجات الزراعية والتجارة في الخدمات والوصول إلى السوق للمنتجات غير الزراعية والتجارة في حقوق الملكية الفكرية. لكن النقاط التي أثارت الجدل وأدت إلى فشل المؤتمر السابق كانت تتعلق بالمنتجات الزراعية وخاصة القطن.
نبذة عن منظمة التجارة العالمية
أنشئت منظمة التجارة العالمية عام 1995، وهي واحدة من أصغر المنظمات العالمية عمراً حيث أنها وليدة الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة (الجات) التي أنشئت في أعقاب الحرب العالمية الثانية. وبعد سلسلة من المفاوضات والجولات التجارية التي انعقدت تحت راية الجات، تناولت الجولات الأولى بصفة أساسية خفض التعريفات، وشملت المفاوضات التالية مواضيع أخرى مثل مقاومة الإغراق والإجراءات التي لا تخص التعريفات. أما الجولة الأخيرة فأدت إلى إنشاء منظمة التجارة العالمية. وتعتبر هي المنظمة العالمية الوحيدة المختصة بالقوانين الدولية المعنية بالتجارة ما بين الأمم. ومهمتها الأساسية هي ضمان انسياب التجارة بسلاسة وحرية. وفي العادة تتخذ القرارات في منظمة التجارة العالمية بإجماع أصوات الدول الأعضاء، ثم يتم إقرارها لاحقاً من خلال برلمانات الدول. كما تحول أية خلافات تجارية إلى آلية تسوية المنازعات في المنظمات حيث يتم الاحتكام إلى الاتفاقيات والمعاهدات لضمان توافقها مع النظم والسياسات التجارية للدول. وهي تهدف من ذلك إلى خفض مخاطر تحول المنازعات إلى صراعات سياسية أو عسكرية. وفي الإطار نفسه تعتبر المنظمة مسئولة عن إدارة الاتفاقيات الخاصة بالتجارة، والتواجد كمنتدى للمفاوضات المتعلقة بالتجارة وكذلك مسئولة عن فض المنازعات المتعلقة بالتجارة. وتضم المنظمة أكثر من 140 عضو. ويعد المؤتمر الوزاري الذي ينعقد مرة كل سنتين على الأقل الهيئة العليا الخاصة باتخاذ القرارات في المنظمة.
"حرية للكبار، خسارة للصغار"
طالما قامت الصراعات بين المنظمات غير الحكومية ومنظمة التجارة العالمي. وتسبب منتقدو نظام العولمة المعترضين على مؤتمر الوزراء في فشله في عام 1999. وساهموا بآرائهم التي حركت الدول النامية لرفض القرارات التي كان يسعى إليها مؤتمر كانكون. ومازالت المنظمات تعترض على هذا المؤتمر الذي يتسبب في نظرها إلى مزيد من الظلم والفقر للدول الفقيرة، خاصة تلك التي تعتمد في اقتصادها على قطاع الزراعة الصغير. لكن المنظمات الألمانية التي طالما انتقدت هذا النظام تسعى الآن إلى الوصول إلى حلول في المؤتمر القادم بهونج كونج. فالحملة الألمانية للتجارة العالمية (Welthandelskampagne) المسماة "العدالة الآن!"، والمكونة من 36 منظمة غير حكومية من بينها منظمات لحماية البيئة ومنظمات لحقوق الإنسان والهيئة الإنجيلية للخدمات التنموية. وتحت شعار "حرية للكبار تساوي خسارة للصغار" تسعى هذه المبادرة الألمانية إلى توعية الناس إلى أن حرية الأسواق وتقليل التعريفات الجمركية بشكل عام والتي تبدو وكأنها عدالة كاملة، تعني مزيد من الغنى للدول الغنية ومزيد من الفقر للدول النامية. فتلك الدول الفقيرة كانت تسعى عبر هذه الجمارك التي تفرضها أن تحمي منتجاتها المحلية، خاصة فيما يخص صغار المزارعين. وتسعى "العدالة الآن" إلى الوصول إلى عالم تحكمه قوانين تجارية عادلة تنصف الجميع خاصة للفقراء. وهذا يعني أن لا تباع إمدادات المياه ولا الطعام. فالمياه النقية حق لكل إنسان وليست سلع للبيع، فقد جاء في اتفاقية الجات بند يسمح للاتحاد الأوروبي ببيع مياه الشرب للدول النامية وهو ما ترفضه الحملة. كما يعتبر حق التغذية حقاً إنسانيا، فلا يجب أن تهدد منظمة التجارة العالمية الأمن الغذائي لسكان الدول الفقيرة. كذلك تعتبر حماية البيئة من الأولويات التي يجب على المنظمة احترامها.
مؤتمر هونج كونج طاقة أمل للدول النامية
تعمل حملة "العدالة الآن" بمبادرتها على تحويل المؤتمر القادم من خطر يحدق بالدول الفقيرة إلى شباك أمل وفرصة للتقدم، الحملة تسعى إلى نجاح المؤتمر ولكن بشروط كما تؤكد منسقتها، سوزان لويتلن، فهي تتمنى أن تساند بعض الدول النامية مثل الهند والصين والبرازيل مصالح الجنوب في المفاوضات وتقول: "أعتقد أن هذه المجموعة من الدول عليها العمل على حماية الدول النامية، لأن الدول الصغيرة وحدها لن تتمكن من تغيير واسع على النطاق السياسي. لكن إن جاءت دول تهم الغرب مثل الهند والصين والبرازيل على رأس هذه المجموعة، فيمكن أن تؤثر اقتراحاتها ". وترى سوزان لويتلن أن أهم النقاط هي الدفاع عن صغار المزارعين "يجب أن تحمي البلاد الصغيرة المعتمدة على الزراعة صغار المزارعين عبر الجمارك، حتى يتحقق لهم الأمن الغذائي" وتسعى هذه المنظمات إلى أن يتم الاتفاق أيضاً على توفير أسواق لهؤلاء المزارعين في الدول الغنية. وبالرغم من كون منظمة التجارة ليست منظمة شاملة ومسئولة عن كل الجوانب، إلا أنه عليها احترام القواعد الأساسية للأمم المتحدة فيما يخص حماية البيئة والمعايير الاجتماعية كما تؤكد سوزان.
ومن أهم ما تدافع عنه حملة "العدالة الآن" في البنود التي يجب مناقشتها في المؤتمر هو إلغاء التعريفات الضريبية وهو ما تؤكده سوزان بقولها: "للدول الصناعية مصالح كبرى في إلغاء الضرائب على منتجاتها في الدول النامية، وبالتأكيد ستكون بضائعها أرخص من البضائع المحلية وهو ما يعني عدم تمكن هذه الدول من حماية صناعتها المحلية، وهو ما يعني تدميرها".