مؤتمر ميونيخ كتب شهادة فشل المجتمع الدولي بالملف السوري
٤ فبراير ٢٠١٤هل سيكون الحل في أولمبياد سوتشي؟ ربما تكون هذه هي بارقة الأمل الوحيدة خلال المناقشات حول الأزمة السورية في مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن،الذي اهتم ببحث الملف السوري.الأمل إذن ينصب على دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي يلتقي فيها رياضيون من مختلف أنحاء العالم، والتي ترتبط بآمال أن تكون فترة خالية من العنف في سوريا حتى ولو لعدة أسابيع فقط ، وفقا للأساطير اليونانية حول تعميم السلام ووقف العنف والبعد عن الخلافات خلال فترة الأولمبياد.
هذا الأمل الذي كشفت عنه وزيرة الخارجية الإيطالية إيما بونينو يوضح قلة حيلة المجتمع الدولي فيما يخص القضية السورية. إذ لم يجرؤ أي سياسي أو دبلوماسي من المشاركين في مؤتمر ميونيخ على التكهن بموعد محتمل لإنهاء الأزمة السورية، أو حتى الحديث عن آمال مستقبلية خاصة وأن المؤتمر جاء بعد فشل الجولة الأولى لمؤتمر "جنيف 2".
وتعليقا على احتفال مؤتمر ميونيخ بمرور 50 عاما على انطلاقه، قال وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو إن ما سيبقى في الذاكرة بعد 50 عاما هو "عام 2013، الذي فشل فيه المجتمع الدولي في وقف تعرض السوريين لهجمات بالغازات السامة" كما تنبأ الوزير التركي بأنه في أحد الأيام سيسافر أحد أمناء الأمم المتحدة إلى حمص ويعتذر عن عدم تحرك الأمم المتحدة.
أسئلة تبحث عن أجوبة
وَجَهَ الأمير تركي الفيصل، مدير المخابرات السعودية السابق اتهامات لكافة أطراف الصراع الدائر في سوريا تقريبا إذ قال:"أتهم نظام بشار الأسد بارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وأتهم إيران بالرضا ومساعدة بشار في ذلك. أتهم كذلك روسيا الاتحادية بمواصلة تقديم السلاح والمشورة إلى بشار. وأتهم الصين باتباع روسيا في مجلس الأمن والاعتراض على أي جهد لإنهاء القتال في سوريا". وأضاف الأمير السعودي وهو رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، اتهاما للغرب بشكل عام باستثناء فرنسا بالتحفظ في تقديم يد العون للشعب السوري. لكن قائمة الاتهامات التي وجهها الأمير لم تشمل السعودية ولا قطر.
أثارت هذه الكلمة بالطبع مناقشات قوية بين الحضور، ليعود ساسة الغرب لتبرير قرارهم بعدم تسليح المعارضة السورية، خوفا من أن تقع هذه الأسلحة في أيد جهاديين. وغالبا ما يتم ذكر اسم السعودية وقطر عند الحديث عن مسألة دعم جماعات جهادية في سوريا.
ودفع الجدل وزير الخارجية القطري خالد العطية للتعقيب على الأمر متسائلا:"هل تدعم قطر متطرفين في سوريا؟" لكن جولة المباحثات لم تخرج بإجابة على هذا السؤال، الذي أردفه العطية بسؤال آخر يسهب من خلاله في وصف الأعمال الإجرامية للنظام السوري :"من هم المتطرفون في سوريا؟ هل هم الذين اخترعوا البراميل المتفجرة؟هل تعرفون ما يمكن وضعه في البراميل؟ أسلحة كيميائية وقنابل عنقودية ومسامير وزجاج".
مسؤولية أمام التاريخ
الملفت للنظر خلال مؤتمر ميونيخ أن الكلمات كانت تتدفق من الجميع، عندما يتعلق الأمر بالاعتراف بالفشل وعدم المعرفة أما عند البحث عن أسباب هذا الفشل، فكان الصمت هو سيد الموقف لاسيما عندما يتعلق الأمر بأطراف دولية. المثال الأبرز على ذلك كان عندما قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن روسيا لا تتمتع بالتأثير الكافي على الأسد وهو تصريح كان من المتوقع أن يثير الكثير من الجدل والاعتراضات، لكن هذا لم يحدث على الأقل أمام الكاميرات. إيران أيضا أدلت بدلوها حول الأزمة السورية خلال مؤتمر ميونيخ، إذ قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن سفارة بلاده في دمشق تفعل كل ما في وسعها من أجل وصول المساعدات الإنسانية إلى سوريا موضحا:"السؤال هو كيف يمكننا إقناع هؤلاء الذين يقاتلون في سوريا ويتحكمون في كل شيء، بوقف إطلاق النار؟ هؤلاء لم يكونوا من جلسوا على طاولة النقاش في سويسرا".
المؤسف أن جلستي النقاش حول سوريا في مؤتمر ميونيخ لم تشهدا مواجهة بين ساسة الدول الغربية وشبه الجزيرة العربية وبين ممثلي إيران وروسيا، وهو أمر كان من الممكن أن يضيف المزيد من السخونة للمناقشات بشكل يتناسب مع سخونة الملف السوري، لتظل قلة الحيلة هي العنصر المسيطر على كل النقاشات. لكن الحكم على جهود المجتمع الدولي تجاه الأزمة السورية سيظل في يد الأجيال القادمة، كما قال وزير الخارجية التركي داوود أوغلو:"سنتحمل جميعا مسؤوليتنا أمام التاريخ".