إسبانيا تشيد بـ"تعاون" المغرب في "الدفاع" عن حدودها
٢٧ يونيو ٢٠٢٢أشادت إسبانيا الإثنين (27 يونيو/حزيران 2022) بـ"تعاون" المغرب في "الدفاع" عن حدودها، فيما ترتفع أصوات متزايدة للمطالبة بفتح تحقيق في وفاة ما لا يقل عن 23 مهاجراً إفريقياً الجمعة أثناء محاولتهم دخول جيب مليلية الإسباني.
وقالت المتحدثة باسم الحكومة الإسبانية إيزابيل رودريغيز في مؤتمر صحافي إن "الحكومة تشكر السلطات المغربية على تعاونها في الدفاع عن حدودنا". وأضافت أن "الحكومة تأسف بشدة للخسارة في الأرواح البشرية"، وحملت مسؤولية الوفيات إلى "المافيا الدولية المتورطة في الاتجار بالبشر"، مكررة بذلك تصريحات أدلت بها حكومة رئيس الوزراء الاشتراكي الأحد.
وقضى ما لا يقل عن 23 مهاجراً إفريقياً الجمعة وفق السلطات المغربية عندما حاول حوالي ألفي مهاجر تجاوز سياج يفصل بين المغرب وجيب مليلية الإسباني، حيث تمكن قرابة 100 من العبور.
ومحاولة الدخول الجماعية إلى مليلية هي الأولى منذ تطبيع العلاقات في آذار/مارس بين مدريد والرباط بعد نزاع دبلوماسي دام نحو عام. والهدف الرئيسي من هذا التطبيع بالنسبة لمدريد هو ضمان "تعاون" الرباط في التصدي للهجرة غير النظامية.
وفي تسجيل مصور نشرته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في أعقاب واقعة يوم الجمعة، يظهر عشرات الرجال الأفارقة ممددين إلى جانب بعضهم بعضاً والعديد منهم فقدوا الحياة على ما يبدو، فيما كان بعضهم ينزف والبعض الآخر يأتي بحركات ضعيفة بينما وقفت الشرطة المغربية فوقهم.
تبادل للاتهامات
وقال مهاجرون قابلتهم وكالة فرانس برس في مليلية إنهم تعرضوا للضرب على أيدي قوات الأمن المغربية وكذلك على أيدي أفراد من قوات الأمن الإسبانية بعد عبورهم السياج الحديدي الفاصل بين مليلية والمغرب. من جهتها أكدت سلطات البلدين أن المهاجرين استخدموا "العنف".
وقال مصدر رسمي إن السلطات المغربية أطلعت السفراء الأفارقة على لقطاتها الخاصة لاقتحام الحدود، بما في ذلك جهود الشرطة لتطهير مخيمات المهاجرين من مناطق الغابات القريبة من الجيب قبل المداهمة. وقال المصدر إن الرباط لم تنشر التسجيل المصور لكنه أكد أنه نُشر على موقع إخباري محلي باللغة الفرنسية.
وظهرت في التسجيل مجموعة كبيرة للغاية من المهاجرين تقتحم السياج باستخدام العصي وتلقي الحجارة على حراس الأمن الذين استخدموا الغاز المسيل للدموع في محاولة لتفريقها.
وفي إحدى مراحل الاقتحام، انهار جزء من السياج جراء محاولة مجموعة كبيرة التسلق فوقه ليسقط العديد منهم من ارتفاع عدة أمتار. وقال المصدر الرسمي إن سبب التدافع هو تزاحم المهاجرين لدى محاولتهم اقتحام بوابة ضيقة للغاية عند المعبر الحدودي.
وقال دبلوماسيان لرويترز إن إسبانيا ستستغل قمة لحلف شمال الأطلسي في مدريد هذا الأسبوع للسعي لزيادة تبادل معلومات المخابرات بشأن القضايا المتعلقة بالهجرة.
وترتفع أصوات متزايدة منذ الجمعة للمطالبة بإجراء تحقيق لتحديد المسؤوليات.
انتقادات حقوقية ودولية
واستنكر رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي التشادي موسى فقي محمد مساء الأحد "المعاملة العنيفة والمهينة للمهاجرين الأفارقة" ودعا إلى "تحقيق فوري في هذه القضية". وانضمت إليه حوالي خمسين منظمة تدافع عن المهاجرين بينها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنظمة الإسبانية غير الحكومية كاميناندو فرونتيراس.
وغرد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي محمد مساء الأحد قائلاً "أعبر عن مشاعري العميقة وقلقي في وجه المعاملة العنيفة والمهينة للمهاجرين الأفارقة الذين كانوا يحاولون عبور حدود دولية بين المغرب واسبانيا". وأضاف "أدعو إلى إجراء تحقيق فوري في هذه القضية وأذكر جميع الدول بالتزاماتها بموجب القانون الدولي معاملة جميع المهاجرين بكرامة ووضع سلامتهم وحقوقهم الإنسانية في المقام الأول، مع الحد من أيّ استخدام مفرط للقوة".
وقالت المنظمات في بيان مشترك "موت هؤلاء الشباب الأفارقة... ينبهنا إلى الطابع المميت للتعاون الأمني بشأن الهجرة بين المغرب وإسبانيا".
وقالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إن الجرحى تُركوا دون رعاية لساعات، مما زاد عدد القتلى. وفي لقطات أخرى، ظهر ضباط أمن مغاربة يضربون رجالا على الأرض.
وعبر الاتحاد الإفريقي يوم الأحد عن صدمته مما وصفها بالمعاملة العنيفة للمهاجرين التي أدت إلى سقوط قتلى وجرحى، وطالب بإجراء تحقيق فوري. ونفى المغرب وإسبانيا استخدام القوة المفرطة. وأفادت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بأن ثلاثة من محاميها سيساعدون في تمثيل المهاجرين في المحكمة.
ويبحث مجلس الأمن الدولي الإثنين في الوقائع ، وذلك غداة تنديد مفوضية الاتحاد الافريقي بـ"المعاملة العنيفة والمهينة للمهاجرين الأفارقة".
وأعلن سفير كينيا لدى الأمم المتحدة مارتن كيماني في تغريدة أنه بمبادرة من بلاده والغابون وغانا الدولتين الإفريقيتين الأخريين العضوين في مجلس الأمن، سيعقد المجلس جلسة مغلقة مساء الاثنين لبحث القمع العنيف للمهاجرين الجمعة.
وقال الدبلوماسي الكيني إن الجلسة ستركز على "أعمال العنف المميتة التي واجهها المهاجرون الأفارقة أثناء دخولهم" إلى جيب مليلية الإسباني من الأراضي المغربية. وأضاف مارتن كيماني "المهاجرون هم نفسهم سواء قدموا من إفريقيا أو أوروبا، وهم لا يستحقون أن تتم معاملتهم بوحشية".
ولدى سؤاله خلال مؤتمره الصحافي اليومي حول المأساة التي وقعت الجمعة، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن المنظمة "تستنكر هذا الحدث المأساوي والخسائر في الأرواح" التي تسببت فيها.
بدء استجواب المهاجرين
في سياق متصل، قال مصدر قضائي اليوم إن السلطات المغربية بدأت استجواب 65 مهاجراً شاركوا في محاولة العبور إلى جيب مليلية.
وقال المصدر القضائي إن معظم الخاضعين للاستجواب من السودان وإنهم يواجهون تهم "تسهيل دخول وخروج أجانب بصفة سرية وإضرام النار في الغابة (لإلهاء السلطات عن محاولة الاقتحام) والاعتداء على السلطات العمومية".
وقالت السلطات المغربية إن العديد من المهاجرين الآخرين الذين احتجزتهم السلطات يوم الجمعة نُقلوا بالحافلات إلى جنوب المغرب وأُفرج عنهم هناك، وهي ممارسة بدأت الرباط في 2018 لردع محاولات الهجرة غير النظامية.
ع.ح./خ.س. (أ ف ب، رويترز)