لندن تفوز باستضافة ألعاب عام 2012 الاولمبية
أعلنت اللجنة الاولمبية اليوم في سنغافورة عن فوز مدينة لندن بحق استضافة الألعاب الاولمبية لعام 2012. وجاء قرار اللجنة بعد جلسة تصويت تمت على مراحل، حيث استُبعدت المدن تباعاً، حتى انحصرت المنافسة بين مدينتين هما لندن وباريس. وشهد السباق تنافسا حامي الوطيس بين خمس مدن عالمية هي لندن، وباريس، وموسكو، ونيويورك، ومدريد. وحشدت كل مدينة ألمع سياسييها ورموزها وراءها لانتزاع حق استضافة الاولمبياد. وهو ما يمثل تعزيزا لمكانة المدينة الفائزة على الساحة الدولية، كما يعود بأرباح مادية هائلة على المدينة وساكنيها، حيث تشهد المرافق العامة تطويراً هائلاً، وتنشط حركة السياحة فيها.
وحاولت كل مدينة إقناع اللجنة الاوليمبية بجدارتها باستضافة الألعاب عن طريق تقديم ملف متكامل يبرز الأماكن الجذابة فيها والأسباب التي تجعل منها مكانا مثاليا لاستضافة الألعاب. وشهد السباق منافسة غير مسبوقة في تاريخ الألعاب الاولمبية الحديثة نظراً لجودة الملفات المقدمة من جانب المدن. وبدأت باريس بتقديم ملفها تلتها نيويورك فموسكو فلندن وأخيراً مدريد. وسينظر للفوز على انه انتصار شخصي لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير، والذي أمضى يومين في سنغافورة لخطب ود اللجنة الاولمبية، مما قد يترجم إلى نجاح سياسي في قمة الثمانية التي تعقد اليوم في اسكتلندا.
الملف الفائز
ركز القائمون على ملف العاصمة البريطانية على تقديم لندن كمدينة عالمية، فهي المدينة الأكثر تنوعا في أوروبا من حيث تعدد الأعراق. فقد ولد أكثر من ربع سكانها في الخارج كما أن المدينة يقيم فيها أكثر من 200 جالية عرقية مختلفة يتحدثون أكثر من 300 لغة. وتعتمد لندن كثيرا على سمعتها الثقافية بسبب وجود أكثر من 200 متحف و500 دار للسينما فيها إضافة إلى خمس فرق للاوركسترا. كما أن 39 في المئة من المساحة الإجمالية للندن تتكون من متنزهات ومساحات خضراء وهي تتفوق في ذلك على بقية المدن التي تنافست معها. وستستخدم لندن 31 مكانا لاستضافة الألعاب منها ملاعب الكريكت وملاعب ويمبلدون للتنس إضافة إلى استاد اولمبي جديد يتسع لثمانين ألف مشاهد وتعهدت العاصمة البريطانية بإتمام جميع منشاتها قبل 18 شهراً من الموعد المقرر لانطلاق الألعاب.
وأكد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الذي أمضى يومين في سنغافورة اجتمع خلالهما بأعضاء اللجنة الاولمبية الدولية قبل عودته لبلاده على اهتمام لندن بالشبان وبالتواصل معهم عن طريق الرياضة، وذلك في لقطة مسجلة على شريط فيديو عرضت على لجنة التحكيم. وقال بلير "فكرتنا هي أن نرى ملايين الشبان يشاركون في الرياضة ويحسنون حياتهم. لندن تتمتع بالقوة اللازمة لتحقيق ذلك". وأكد الفيلم الذي عرض لمساندة عرض لندن ولع بريطانيا بالرياضة والتنوع العرقي لسكان المدينة والخلفية التاريخية للعديد من الملاعب الرياضية. وركز عرض لندن ايضا على ترك ارث للاجيال القادمة عن طريق بناء متنزه اولمبي لتطوير منطقة قديمة في الجزء الشرقي من لندن. يذكر أن هذه هي المرة الاولى التي تتقدم فيها لندن لاستضافة الالعاب الاولمبية الصيفية. فقد منحت المدينة حق استضافة الاولمبياد مرتين بعد سحب العاصمة الايطالية روما طلبها في عام 1908 وفي عام 1948 بعد الحرب العالمية الثانية. وسعت بريطانيا جاهدة لتحسين صورتها الرياضية بعد أن اضطرت إلى سحب طلبها لاستضافة بطولة العالم لألعاب القوى لعام 2005 بسبب مشكلات تتعلق بإنشاء استاد في لندن.
المتنافسون
تولى الرئيس الفرنسي جاك شيراك شخصياً تقديم الملف الباريسي، وألقى بنفسه كلمة حماسية ومؤثرة أمام اللجنة الاولمبية الدولية اليوم الأربعاء قبل ساعات من تصويت اللجنة الاولمبية الدولية، وقال "تعتزم فرنسا تقديم دورة ألعاب اولمبية لذوي الاحتياجات الخاصة لا تنسى". وأضاف: "قلب باريس وقلب فرنسا يدق في انسجام على أمل أن تصبح المضيفة لاولمبياد 2012".
وباريس كانت أبرز المرشحين منذ فترة طويلة لاستضافة الألعاب، وحث وفد باريس أعضاء اللجنة الاولمبية التصويت لصالح عرضهم الذي يصفونه بأنه صريح ومفتوح ويتسم بالتواضع والطاقة. وعرض وفد باريس على أعضاء اللجنة فيلما أعده المخرج السينمائي لوك بيسون. وعرض الفيلم رؤية رومانسية للعاصمة الفرنسية وأوضح العديد من معالم المدينة الشهيرة بعد أن وضع عليها صورة للحلقات الاولمبية بألوانها الزاهية. وظهرت الممثلة كاترين دونوف والمغني الفرنسي جوني هاليداي في مشاهد صممت للفيلم لإبراز بريق باريس. وظهر أيضا رؤساء نقابة العمال الفرنسية وهم يتعهدون بألا تعطل الاضرابات الألعاب إذا حصلت باريس على حق استضافتها. وتضمن الفيلم ايضا تغطية بالابيض والاسود لدورة الالعاب عام 1924 والتي كانت ثاني العاب تستضيفها باريس واختتم بيسون الفيلم بلقطة لطفلة صغيرة جميلة تبتسم في الكاميرا قبل أن تجري صوب برج ايفل مع مجموعة من الاطفال.
حظاً أوفر المرة القادمة...
اما مدينة نيويورك فقد وعدت بتنظيم ألعاب تعود بإيرادات ضخمة لا سابق لها في تاريخ الألعاب الاولمبية وسيتم تقاسمها مع اللجنة والاتحادات الاولمبية الوطنية. وقال رئيس اللجنة الاولمبية الاميركية بيتر اوبيروث: "تنظيم الالعاب في نيويورك سيدر اموالا طائلة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الالعاب الاولمبية وهذا ما سيسمح بتنمية مصادر اللجنة الاولمبية واتحادات الالعاب ال28 المعتمدة رسميا في هذه الالعاب". واوضح اوبيروث ان "عام 2012 هو الوقت المناسب لنيويورك وللعالم اجمع ونستطيع ان نضمن بنسبة مئة في المئة العابا استعراضية"، في حين اعتبر عمدة مدينة نيويورك مايكل بلومبرغ بان الألعاب ستترك أثرا أبديا على المدينة.
في المقابل ركزت موسكو على الميزانية المحدودة في عاصمة تملك فائضا كبيرا من الملاعب والمنشآت الرياضية. وقال عمدة المدينة يوري لوجككوف: "سننظم العابا من دون أية اعباء مالية ضخمة" مشيرا الى ان "23 منشأة رياضية من اصل 34 موجودة حاليا او سبق لها ان استضافت احداثا رياضية عالمية". وفي سؤال حول المسألة الأمنية أجاب المسئولون عن ملف موسكو انه منذ أن نظمت موسكو الألعاب الاولمبية عام 1980 فإنها استضافت اكثر من 100 حدث رياضي او بطولات عالمية ولم يتخللها أي خلل امني مؤكدين بان المدينة ستجند 50 الف شرطي لحماية الأمن في حال نالت شرف تنظيم الألعاب مجددا.
أما عمدة مدريد البرتو رويز غالاردون فذكر بان مدريد هي إحدى اكبر المدن الاوروبية التي لم تنل شرف تنظيم الألعاب". وتابع "نريد أن نستضيف هذه الألعاب". وقال رئيس الوزراء الأسباني خوسيه لويس رودريجيث ثاباتيرو للجنة الاولمبية الدولية اليوم الأربعاء إن استضافة مدريد للألعاب سيروج للسلام وسيساعد على توحيد الدول. واستطرد "نحن الأسبان نلتزم بالمعايير التي توحد الناس وتجعلهم مواطنين أفضل. أسبانيا على علاقة جيدة بجيرانها على البحر المتوسط وكل دول العالم. وقبل كل ذلك فأسبانيا ملتزمة بالسلام والبيئة وبمحاربة الفقر".
تشكيل اللجنة الاولمبية
تضم اللجنة الاولمبية الدولية 116 عضوا يمثلون 78 دولة من القارات الخمس بينهم 9 سيدات فقط. وتتمتع اوروبا بحصة الاسد (54 عضوا) وتأتي اسيا في المرتبة الثانية (20) امام افريقيا (19) واميركا (18) واوقيانيا (5). والدولة الاكثر تمثيلا في اللجنة هي سويسرا بخمسة اعضاء احدهم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جوزيف بلاتر، واقدم عضو في اللجنة هو البرازيلي جواو هافيلانج رئيس الفيفا بين 1974 و1998 حيث انتخب في العام 1963. وتضم اللجنة 9 سيدات اثنتان منهن عربيات هما المغربية نوال المتوكل والمصرية رانيا علواني.
الألعاب الاولمبية هي تقليد يوناني عريق، فكان الرياضيون يجتمعون في حلبات السباق في أثينا ويتنافسون منافسة شريفة في كافة الالعاب. اما الالعاب الاولمبية الحديثة فتعود فكرتها إلى البارون الفرنسي بير دو كوبرتيني، وعقدت أولى العابها عام 1896 في مدينة أثينا. وتنظم الالعاب بانتظام كل اربع سنوات، الا في وقت الحربين العالميتين. وبدءا من العام 1924 تم تأسيس الألعاب الاوليمبية الشتوية بموازاة الالعاب الاوليمبية الصيفية.