لاجئو ألمانيا وكابوس الترحيل لبلدانهم الأصلية
٢٨ سبتمبر ٢٠١٣في ساعات الصباح الأولى داهمت الشرطة الألمانية منزل أنور ناسو الكردي الأصل، والذي كان يقع بمدينة غيزن بولاية سكسونيا السفلى. كان أنور يبلغ آنذاك 15 عاما، وقد تمّ ترحيله هو ووالده إلى سوريا، رغم وجود تقارير لدى وزارة الخارجية الألمانية حول انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في ذلك البلد.
وعند وصولهما إلى هناك، اعتقلا لمدة شهر وثلاثة أيام، وكان "الحبس والتعذيب من نصيبه"، حسب ما أوضح أنور في حوار لـDW . وتقر وزارة الخارجية الألمانية، بارتفاع عدد المعتقلين من المرّحلين إلى سوريا فور وصولهم إلى أرضها، وذلك منذ خريف 2009 .
مصير اللاجئ بعد ترحيله
وحسب وزارة الداخلية الألمانية، تمّ ترحيل 6632 من طالبي اللجوء منذ بداية عام 2013. ومن بينهم من قامت الجهات المسؤولة باقتياده في ساعات الصباح الأولى من مكان إقامته إلى الطائرة، تماماً كما حدث مع أنور ووالده.
"غالبية حالات الترحيل تجري بسلاسة نسبياً، لكن الكثير منها ينتهي بكارثة إنسانية"، يقول بيرند ميزوفيتش من منظمة "برو أزول" التي تدافع عن حقوق اللاجئين. ويرجع الناشط الحقوقي السبب في ذلك إلى عدم اهتمام الجهات المختصة بطبيعة ظروف البلاد المرحّل إليها.
إلا أن الناطقة باسم وزارة الخارجية الألمانية تنفي ذلك، مؤكدة أنه يتمّ "مراقبة الأوضاع بدقة، وذلك اعتمادا على تقارير المكتب الفيدرالي للهجرة واللاجئين ولوزارة الخارجية الألمانية حول تقييم الوضع الميداني في البلدان المرحل إليها".
في المقابل، ينتقد بيرند ميزوفيتش السلطات التي "لا تهتم بمصير المرحّلين بعد ترحيلهم، إذ لا يرى الجانب الألماني أي واجب حقوقي أو إنساني يدعوه للقيام بذلك. والفكرة السائدة تقوم على إرجاع اللاجئين إلى بلدانهم الأصلية، وعلى الأخيرة تولي أمورهم".
ويبدو أن ما قاله ميزوفيتش جاري به العمل بالفعل، لأنه وحسب مصادر من وزارة الداخلية الألمانية، لم يتم تقصّي ظروف حياة الأشخاص بعد ترحيلهم، إلا في حالات نادرة فقط. وتعزو الناطقة عن الوزارة السبب في ذلك إلى "كون أن القانون الألماني لا يسمح بالترحيل من أساسه، إلا في حال عدم وجود أي معوقات تمنعه، كأن يكون الشخص مهددا بالتعرض إلى التعذيب أو لأي معاملة غير إنسانية، لا تتماشى مع مبادئ حقوق الإنسان".
ومن هذا المنطلق، مُنع في عام 2012 من ترحيل 8376 لاجئ، أي نحو 13.5% من طالبي اللجوء، لثبوت أن أجسادهم وحياتهم مهددة في بلدانهم، وغالبيتهم من سوريا وأفغانستان والعراق، مع العلم أن صربيا ومقدونيا وكوسوفو هي الوجهة التي يتم الترحيل إليها بكثرة من ألمانيا.
البلد الثالث
لا تقرر ألمانيا وحدها في مصير الكثير من اللاجئين الموجودين فيها، فقرار دبلن الأوروبي الثاني يمنح الدولة التي دخلها اللاجئ لأول مرة في منطقة الإتحاد الأوروبي الحق في تقرير مصير طلبه للجوء. وهي الدولة التي يطلق عليها الدولة أو البلد "الثالث". وإذا ما اعتبر الأخير "آمناً"، فإن الشخص يرحل إليه دون أدنى تقصيات. وقد رحلت المانيا العام الماضي 3037 شخص إلى بلدان أعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وبموجب قانون اللجوء الألماني، تعتبر السويد والنرويج على سبيل المثال، بلدانا ثالثة آمنة. لكن اليونان ليست كذلك، نظرا للظروف الصعبة التي يواجهها اللاجئون هناك. وقد قررت المحكمة الدستورية الألمانية في عام 2009 سحب وصف "البلد الثالث الآمن" عن اليونان. الأمر الذي أدى إلى وقف السلطات الألمانية ترحيل طالبي اللجوء إليها.
تعليق عمليات الترحيل إلى سوريا
حاليا، تم تعليق جميع عمليات الترحيل إلى سوريا حتى إشعار آخر. وقدمدد هانز بيتر فريدريش وزير الداخلية الألماني في مارس 2013 قرار منع الترحيل إلى ذلك البلد الذي يشهد صراعا داميا أودى بحياة أزيد من مائة ألف شخص منذ اندلاع الاحتجاجات ضد الرئيس بشار الأسد، وذلك لستة أشهر. وحسب وزارة الداخلية الألمانية تعود آخر عملية ترحيل إلى أبريل 2011. وأسابيع قليلة قبل هذا التاريخ، رحِّل أنور ناسو ووالده إلى سوريا. بيد أن الاثنين معا تمكنا عبر تركيا وبلغاريا من دخول الأراضي الألمانية مجددا، وأخيرا تمّ قبول طلبيهما كلاجئين بشكل رسمي.