"لا مبرر لتهويل الإعلام الأوروبي من خطر الإسلام المتشدد"
٢٤ فبراير ٢٠١١قبل أن تشرق شمس العام الجديد على البلاد العربية انتفض الشباب في تونس معلناً ثورته ضد الظلم والفساد والديكتاتورية. شرارة الثورة التي انطلقت من تونس أجبرت رئيسها زين العابدين بن علي على الهروب من البلاد، قبل أن تمتد إلى مصر لتطيح بالرئيس حسني مبارك. وقد وصل لهيب الثورة هذه الأيام إلى دول عربية عديدة بدأت عروش الأنظمة المستبدة فيها تترنح على وقع هتافات الشعوب الغاضبة المطالبة بالحرية والإصلاح، لكن كيف ينظر الناس في ألمانيا إلى هذه الثورات وأثرها في بناء الديمقراطية والعلاقة مع أوروبا؟ دويتشه فيله استطلعت آراء بعض المواطنين الألمان للتعرف على آرائهم فيها.
تفاؤل بمجتمع ديمقراطي
عبر معظم الذين استطلعت دويتشه فيله آرائهم عن تأييده للثورات والتغييرات التي يطالب بها الجيل الشاب في البلاد العربية حيث يقول أحدهم (لم يرغب بذكر اسمه): "بالرغم من أنني فوجئت بما حصل، إلا أنني أؤيد هذه الثورات، فهي تعبر عن حالة الاحتقان الموجودة لدى الشارع العربي " كما اعتبر مؤيد آخر (لم يرغب أيضا بذكر اسمه) أن "الثورة في كل من مصر وتونس شكلت نموذجاً لبقية البلدان العربية الساعية إلى التغيير الديمقراطي، الذي سيحتاج بعض الوقت"، كما أعرب عن تفاؤله بقدرة الشباب على بناء الديمقراطية والحفاظ عليها حيث يؤكد بأن " جيل الشباب الذي قاد هذه الثورات هو جيل عصري استخدم التكنولوجيا الحديثة للتعبير عن احتجاجه، وسيبقى متسلحاً بهذه التكنولوجية لممارسة الرقابة على أجهزة السلطة ومنع تحولها إلى الفردية والتسلط"، لكن المواطن الألماني هاغدورن يرى أنه لا بد من الأخذ بعين الاعتبار"أن الديمقراطيات العربية ما تزال في بداية الطريق، وهي تختلف بذلك عن الديمقراطيات الأوروبية التي يعود تاريخها إلى قرون عديدة".
الشباب ضد التشدد
على ضوء حقيقة أن سكان الدول العربية في غالبيتهم من المسلمين ظهرت مخاوف أوروبية من الجماعات والتنظيمات الإسلامية المتشددة، إذ أعربت العديد من الجهات ووسائل الإعلام في أوروبا عن تخوفها من أن تسهم التغييرات في وصول هذه الجماعات إلى الحكم، كما طرحت التساؤل عن مدى استعداد الاتحاد الأوروبي للتعامل مع أنظمة ذات أساس أسلامي.
وحول هذا الموضوع أبدت سيدة ألمانية تخوفها من" تفاقم دور الحركات الإسلامية المتشددة في الفترة المقبلة على الساحة السياسية مما قد يؤدي إلى استحواذها على السلطة"، مشيرة إلى ما أسمته "فوائد لنظامي بن علي ومبارك في قمع تلك الحركات". من جهة أخرى أعرب آخرون عن عدم تخوفهم من قيام نظام حكم إسلامي متشدد كالشابة سارة التي قالت "أحترم التوجهات الدينية لسكان تلك البلدان، والذين قاموا بثورتهم من أجل الوصول إلى الحرية والديمقراطية، لهذا لا أعتقد أن أنهم سيسمحون بوصول حركات متشددة إلى السلطة". ويقول الطالب الجامعي بيتر: "قمت بالعديد من الزيارات إلى كل من مصر وتونس وتعرفت عن قرب على انفتاح الناس هناك، ولا أرى أي مبرر من محاولة بعض وسائل الإعلام في أوروبا التهويل من خطر الحركات الإسلامية المتشددة".
مخاوف من تدفق المهاجرين
وإذا كانت آراء الأغلبية تؤيد الثورات الشعبية في البلاد العربية، إلا أن البعض أبدى قلقه من أثرها على أوروبا، إذ تقول سيدة ألمانية: "إن حالة الانفلات في هذه البلدان ستزيد من أعداد المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا، والذين يهربون من بلادهم على الرغم من نجاح ثورتهم"، كما رأت في الأنظمة السابقة على علاتها "صمام أمان للدول الأوروبية في مسألة المهاجرين". إلا أن السيد هاغدورن، رأى بأن" نجاح الثورات سيؤدي إلى توثيق التعاون مع الاتحاد الأوروبي، الذي سيتخلص من الصورة السيئة الناتجة عن تعامله مع أنظمة ديكتاتورية تقمع الحقوق الديمقراطية لشعوبها"، أما الطالب الجامعي بيتر فيرى بأن " مساهمة أوروبا في بناء الديمقراطية في تلك البلدان من شأنه أن يؤدي على المدى البعيد إلى التغلب على المشاكل الاجتماعية التي تعد السبب الأساسي للهجرة غير الشرعية".
هبة عمر/ مأمون الصليبي
مراجعة: ابراهيم محمد