كتاب عرب يقربون صورة الربيع العربي للشباب الألمان
٢٨ أكتوبر ٢٠١١" التحول الديمقراطي في شمال إفريقيا..حلم مهدد" كان هو شعار الحوار الثقافي الذي عقد في المعهد الفرنسي بمدينة كولونا الألمانية. وحل كل من الكاتب المصري طارق باري و الكاتبة البلجيكية ذات الأصول المغربية مينة ولاد الحاج كضيوف شرف على هذه الندوة. لكن قبل هذا الحوار قام الكاتبان بجولةفي مدارس مختلفة في ألمانيا. الهدف كان هو إعطاء التلاميذ الألمان صورة حقيقية وملموسة عما يجري في مختلف الدول العربية. اهتمام التلاميذ الألمان كان كبيرا حيث أنهم لم يكفوا عن طرح الأسئلة وفضولهم كان كبيرا حتى أن بعضهم استغنى عن الاستراحة من أجل إتمام النقاش. هذا مايؤكده أيضا طارق باري، أستاذ محاضر في مادة الأدب الألماني في جامعة عين شمس في مصر."فوجئنا بالاهتمام والإقبال الكبير للشباب الألمان وبشغفهم لمعرفة كل صغيرة وكبيرة عما يجري في الدول العربية".
الشباب هو القلب النابض للربيع العربي
الكاتب والشاعر طارق باري عاش وعايش في القاهرة كل فترات الثورة المصرية عن كثب وهو يتفهم اهتمام التلاميذ الألمان، خاصة لأن" الشباب كانوا هم أبطال وزعماء الربيع العربي." حيث أن أول من خرج إلى الشارع كانوا هم الشباب الواعون والذين لم يجدوا بديلا لتغيير حالتهم المزرية سوى بالتظاهر.آلاف الشباب خرجوا إلى أزقة تونس وفي ميدان التحرير في مصر وفي باقي الدول العربية منادين بحقوقهم وبإسقاط الأنظمة المستبدة التي حكمتهم غصبا لسنوات عديدة.
الشباب هم الذين أفاقوا مجتمعاتهم من سبات الشتاء العميق من أجل تحقيق ربيع عربي مزهر.بكل سلمية وتحضر ونظام طالبوا بالحرية والديمقراطية ودولة الحق والقانون. ومن أجل تحقيق هذه المكاسب استعانوا أيضا بتقنيات الاتصال الحديثة مثل الفايسبوك والتويتر كما عبروا عن رأيهم أيضا عن طريق التدوين عبر الأنترنيت.
الشباب الأوروبي ملهم بالثورات العربية
بالرغم من الدورالفعال الذي لعبته وسائل الإعلام الحديثة في الحراك العربي، ترى مينة ولاد الحاج أنه لايجب الاستهانة بدور الأدب والفن في المشاركة والمساهمة في هذا الحراك." حقيقة أن الرسالة الأدبية أوالثقافية لاتصل إلى كافة شرائح المجتمع لكن يبقى لها دور حقيقي في طرح مواضيع جديدة ومثيرة". مينة ولاد الحاج ترى في كتابها الموجه بالدرجة الأولى للشباب خير دليل على ذلك. في كتابها " ميمي وعائشة" تتطرق مينة ولاد الحاج إلى المشاكل والصعوبات التي يعاني منها المهاجرون وخاصة الإناث منهم في المجتعمات الأوروبية. هذا الكتاب الذي أصبح من المقررات المعتمدة في المدارس البلجيكية يتطرق إلى مواضيع الكرامة الإنسانية والتلاؤم الاجتماعي والمشاركة السياسية. مينة تعتبر هذا الكتاب هوبمثابة رسالة "سلم وسلام" من أجل فتح حوار اجتماعي جديد." الكتاب ينادي إلى الحوار بين الثقاقات ويفتح نقاشات جديدة بإمكانها أن تغير الآراء السائدة والمغلوطة". هذا ما استطاع شباب الربيع العربي تحقيقه. أي فتح نقاشات جديدة وتغيير الصور النمطية السائدة حول العرب. هذا ماتؤكده مينة كما تضيف:" لأول مرة في التاريخ نرى أن الشباب الألماني ملهم بالروح العربية وبشجاعة الشباب العربي". نفس الرأي يشاطره أيضا طارق باري الذي يرى أن التقلبات التي يشهدها العالم العربي من شأنها أن تكسر الأحكام المسبقة وأن تعطي للشباب العربي، خاصة منهم في أوروبا، روحا معنوية كبيرة وشعورا أكبر بالثقة. طارق كان من الناس الذين نزلوا إلى ميدان التحرير في مصر مطالبا بالحرية التى افتقدها أيضا ككاتب.طارق لازال يتذكر كل اللحظات المؤثرة التي عايشها :" عايشنا الثورة بكل أحاسيسنا وواجهنا كل أشكال التعسف، لكننا حققنا الأهم."
"ككتاب يتعين علينا كسر كل التابوهات"
رغم حدة الموقف والاشتباكات القوية في ميدان التحرير لم تخلوا الثورة من أساليب المزح والدعابة." الثورة وحدت المصريين وأعادت إليهم الفرحة التي افتقدوها لمدة طويلة". طارق يعترف من ناحية أخرى أن الفترة التحولية أو الانتقالية لن تكون سهلة وأن الاستقرار الأمني لازال مهددا." لكن الأهم هو أن الناس استرجعوا كرامتهم وشعورهم بالإنسانية والحرية". وهذا كان هو شعار الثورة في مصر:" الكرامة والعيش والحرية". هذه الحرية التي افتقدها طارق أيضا في مؤلفاته وكتاباته. حيث أن السلطة لم تترك للكتاب والأدباء التعبير عن آرائهم ومشاعرهم بكل حرية. طارق كتب العديد من الكتب لكنه لم يجرؤعلى نشرها." أولا لأننى كنت خائفا من العواقب وثانيا قناعتي لاتسمح لى أن أكتب وأنشر أشياءا ليست صريحة وصادقة". طارق اضطر في بعض الأحيان إلى ترك بعض الفقرات أوتغييرها حتى يتمكن من نشرها دون أن يثير حفيظة السلطة. هذا ماجعله يشعر أحيانا بالإحباط والاكتئاب. طارق يرى أن الكتابة من أجل الشباب يجب أن تكون خالية من كل القيود والضغوطات الخارجية." المؤلفات الشبابية يجب أن تكون واقعية وصريحة حتى تتمكن من معالجة مشاكلهم الحقيقية". لهذا يرى أن الكتاب والمؤلفيين الشباب مطالبون أكثر من غيرهم بكسر كل التابوهات،حتى منها المتعلقة بالأمور الدينية أو الصراعات الاجتماعية.".
"لماذا تعاملت أوروبا طيلة الوقت مع هذه الأنظمة الديكتاتورية؟"
أما الكاتبة مينة ولاد الحاج التي تعيش في بلجيكا لم تكن هناك قيود تمنعها من الكتابة. في قصتها "ميمي وعائشة" تكسر العديد من التابوهات وتناقش العديد من القضايا الاجتماعية الحساسة بكل حرية وصراحة. فهي تتكلم في قصتها مثلا عن التعسفات والاضطهاد الذي تعيشه المهاجرات المغاربيات في بلجيكا. لكنها أيضا تشعر بالإحباط والاكتئاب، ليس بسبب قيود أوضغوطات فرضت عليها في كتابتها، لكن ما يحيرها ويؤلمها هو رد الفعل المتهاون والمتردد لبعض الدول الأوروبية إزاء الربيع العربي. " بكل صراحة كنت دائما أطرح السؤال: لماذا ساندت أوتعاملت بعض الدول الأوربية طيلة الوقت مع هؤلاء الطغاة، هذا مالا أستطيع فهمه، لماذا كان مبارك أو بن علي أوالقدافي مثلا في فرنسا يستقبلون بكل حرارة وترحاب؟".
لكن مينة ولاد الحاج رغم انتقادها لبعض الحكومات الأوروبية فهي لازالت تعمل على تعزير وتشجيع الحوار بين الدول المغاربية وأوروبا حيث ترى في الشباب حلقة وصل مهمة من أجل تحقيق هذا الهدف." الشباب الذي أرجع الثقة والأمل للعالم العربي قادر أيضا على تغيير صورة العرب لدى الشعوب الأوربية". هذا ما يؤكده طارق باري الذي يرى أن أهداف الثورة ستتحقق رغم كل الصعاب والحواجز." في الأخير ستنتصر الثورة حتما لأن الحرية التي اكتسبها الناس بأيديهم لن يتركوا أحدا يأخذها منهم أبدا".
أمين بنضريف
مراجعة: هبة الله إسماعيل