قمة العشرين بين الصراع السوري وإصلاحات السوق المالية
٣ سبتمبر ٢٠١٣
لم يدخر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أي جهد أو تكاليف في التحضير لقمة الدول الصناعية العشرين التي ستعقد في مدينة سان بطرسبرغ الخميس المقبل (الخامس من سبتمبر/ أيلول 2013). كما أن مكان عقد القمة في قصر قسطنطين يعتبر مكاناً مثالياً للاجتماع ويمكن بسهولة منع أي متظاهرين من الوصول إليه. كما سيتم نقل مئات الصحفيين يومياً بالقوارب من المدينة إلى القصر.
ومن المتوقع أن تناقش القمة قضايا اقتصادية ومالية عالمية، إلا أن ملفات سياسية حساسة فرضت نفسها على هذا الحدث الدولي، لاسيما الصراع في سوريا، رغم أنه غير مدرج رسمياً على أجندة القمة، بحسب ما أعلن الاتحاد الأوروبي الجمعة الماضية في بروكسل. لكن الرئيس بوتين صرح بأنه سيناقش الوضع السوري على هامش القمة.
لكن لا يزال من غير المعروف ما إذا كان بوتين سيناقش الوضع في سوريا مع نظيره الأمريكي باراك أوباما في لقاء ثنائي، خاصة وأن العلاقة بين البلدين قد شهدت بروداً واضحاً على خلفية قضية تسريبات المحلل الأمريكي السابق إدوارد سنودن، الذي قبلت روسيا طلب لجوئه إليها.
الأولوية للقضايا الاقتصادية والمالية
وعلى الرغم من كل شيء، سيتطرق زعماء الدول الصناعية العشرين بشكل رئيسي إلى قضايا اقتصادية عالمية، وعلى رأسها استعراض ما وصلت إليها إصلاحات السوق المالية، خاصة وأن الأزمة المالية العالمية، التي سببها إعلان بنك "ليمان بروذرز" الأمريكي إفلاسه قبل خمس سنوات بالضبط، قرّبت وجهات نظر تلك الدول.
وفي رسالة عبر الفيديو، أكدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن قمة العشرين، التي ستعقد في سان بطرسبرغ، ستتطرق بشكل رئيسي إلى القضايا الاقتصادية والمالية، بالإضافة إلى قضايا التنمية أيضاً. وأضافت ميركل أن قمة العشرين التي عُقدت في كوريا الجنوبية قبل ثلاث سنوات أوضحت أنه "لا يجب أن ننسى وجود دول فقيرة ليست ضمن قائمة الدول العشرين، وأن الاقتصاد العالمي لا يمكن أن يمضي بشكل سليم دون دفع عملية التنمية في الدول الأكثر فقراً".
ومن المأمول أن يعرب قادة الدول المشاركة في القمة عن رضاهم عن الإصلاحات التي شهدها القطاع المصرفي، والتي أُقرّت في قمة العشرين بلندن سنة 2009. وفي هذا الصدد، يقول مارتن فاوست، من كلية فرانكفورت للمال والإدارة، لـDW إن "هناك تقدماً ملحوظاً. فالبنوك اليوم أكثر تماسكاً بفضل رأس المال الخاص بها".
مشكلة المصارف الكبرى
لكن فاوست يشير أيضاً إلى مشكلة كبر حجم بعض المصارف، وأنها إذا واجهت مصاعب فستضطر الدولة، وبالتالي دافعو الضرائب، إلى التدخل لإنقاذ المصرف، موضحاً أن "هناك مصطلح يعني أن المصرف أكبر من أن يفشل، وهنا كان من المفترض أن يتم السعي لتصغير حجم البنوك العاملة دولياً".
من جانبه، يرى سفين غيغولد، ناقد العولمة وعضو البرلمان الأوروبي عن كتلة الخضر، أن تنظيم القطاع المصرفي يسير على الطريق الصحيح، إلا أنه لا يعتبر أن الخطر بذلك قد زال تماماً. فعلى الرغم من أن البنوك تمتلك حالياً رأسمال أكبر خاص بها وأن الجوانب المظلمة من سوق الأوراق المالية قد أصبحت أكثر شفافية، إلا أن "خطر أزمة جديدة ما يزال قائماً، وذلك بسبب الارتفاع الهائل للديون (...) نحن ما زلنا نجلس على نفس فقاعة الديون التي يمكنها أن تنفجر في أكثر من مكان".
ورغم أن التقليل من الديون السيادية كان موضوعاً قد أراد قادة الدول العشرين مناقشته منذ قمة تورونتو سنة 2010، إلا أنه لم يؤد إلى نتائج عملية عدا في ألمانيا، التي اضطرت في أكثر من مناسبة إلى تبرير سياساتها التقشفية المفرطة.
وخلال قمة سان بطرسبرغ، لن يتم إدراج هذا الموضوع على أجندة المجتمعين الذين سيتباحثون بدلاً من ذلك في التقلبات الاقتصادية المحيطة بالاقتصادات الصاعدة مثل الهند والبرازيل. كما سيتم إقرار مبادرة في القمة لمكافحة التهرب الضريبي للشركات العالمية، بالإضافة إلى سبل تنظيم ما يسمى بـ"نظام الظل المصرفي" على مدار السنوات المقبلة.
هذا يعني أنه لا يوجد نقص في القضايا التي ستتطرق لها قمة العشرين الحالية، التي أمّن لها فلاديمير بوتين العمل دون أي إزعاج من المتظاهرين، لاسيما في ظل تشديد روسيا لقانون التظاهر فيها وحالة التأهب العالية لقوات الأمن. كما تم وقف حركة الملاحة بالكامل في مطار سان بطرسبرغ منذ الأربعاء وحتى يوم الجمعة المقبل.