قطاع الصحة الفلسطيني يئن تحت وطأة قطع المعونات المالية
٣٠ مايو ٢٠٠٦
منذ تشكيل حركة المقاومة الإسلامية حماس للحكومة الفلسطينية في آذار / مارس والشعب الفلسطيني يعاني تحت انقطاع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي عن تحويل المساعدات المالية للفلسطينيين. يطالب الغرب حكومة حماس بالتخلي أولا عن موقفها المعادي لإسرائيل لقاء مواصلة تقديم الإمدادات المالية. غير أن حركة حماس لم تبادر حتى الآن بما يدل على تحرك بهذا الاتجاه. الآثار السلبية لذلك لا تقتصر على الموظفين الحكوميين، بل تتعدى ذلك بكثير لتطال المرضى في قطاع غزة.
نقص المستلزمات الطبية
يعتبر مستشفى الأقصى في مخيم دير البلح في قطاع غزة والذي يحتوي على 110 سريرا أول مركز صحي لـ 250 ألف إنسان. الطبيب أحمد جرنس العامل في قسم الأطفال في المستشفى، الذي درس الطب في مدينة روستوك الألمانية وتخصص في جامعة مايننغن في ولاية تورنغن، يقول: إننا وقبل كل شيء بأمس الحاجة إلى صمامات مفرغة وحقن ومستلزمات حقن ومحضنات وإلى مزيد من العاملين." في المستشفى ست حضانات للأطفال حديثي الولادة لا تعمل منها سوى أربع فقط. أما الأدوية والقطع البديلة فقد انتهت بعد عشرة أسابيع فقط من انقطاع الغرب عن تحويل المساعدات المالية للحكومة الفلسطينية. واضاف الطبيب:" ما لدينا يكفي لمدة أسبوعين فقط ولا بد لنا بعد ذلك من أن نحاول شراء المزيد من الأدوية والمعدات."
وتقول إحدى السيدات التي نقلت أخاها إلى المستشفى لأنه يعاني من آلام شديدة بعد أن رفض جسمه كلية غرست له عام 1998:" إن حالته اليوم سيئة جدا وأنا أعاني حقيقة معه. ليس بوسعي أن أقوم بأي شيء من أجله ولكنني أكافح إلى جانبه." ويقول الطبيب جرنس:" لا بد من القيام بعملية الغسيل الكلوي لهذا المريض حالا، وذلك على آلة مخصصة لحالات التهاب الكبد المزمن الإيجابي مع أنه مصاب بالتهاب الكبد السلبي. والسبب في ذلك يعود إلى عدم توفر الآلات اللازمة لدينا. وإذا لم نقم اليوم بعملية الغسيل الكلوي فسيموت المريض." وبما أن المستشفى يفتقر بالذات للأدوية وللمراشح اللازمة من أجل غسيل الكلى فقد تم تقليص عدد مرات غسيل الكلى في المستشفيات الفلسطينية من ثلاث مرات إلى مرتين في الأسبوع فقط.
انهيار الوضع الصحي
يقول أحمد حسين، أحد الممرضين في مستشفى الأقصى، إن "المرضى يعلمون ما نقصده حين نتحدث عن تقليص عدد مرات الغسيل. وهم على علم بالآثار الصحية لذلك. ولهذا السبب بالذات فإننا نأخذ الوقت الكافي لكي نوضح لمرضانا ولأقربائهم حقيقة الأمر. مرضانا يعرفون أن ذلك يأتي على حساب حالتهم الصحية ونحن، من يتعين علينا تقديم المساعدة، نقف بدورنا هنا مكتوفي الأيدي."
وجدير بالذكر أن أربعة من مرضى الفشل الكلوي قد توفوا في الأسبوعين الماضيين في المستشفيات الفلسطينية لعدم تلقيهم الأدوية اللازمة. ويقول يوسف أبو دلح المدير العام لوزارة الصحة إن الوضع في مستشفى الشفاء في مدينة غزة وهو أكبر مستشفى في القطاع بأسره مؤلم بنفس القدر. وأضاف الطبيب قائلا:" إن أغلب المرضى في هذا القسم يعانون من أمراض الكلى، وكما تعلمون فإن الأمر في غاية الخطورة إذا لم يتلق المرضى الأدوية اللازمة لمدة طويلة."
يحذر الفرع الإسرائيلي لمنظمة "أطباء لحقوق الإنسان" مع زملائهم الفلسطينيين من الانهيار التام للتزويد الصحي في قطاع غزة والضفة الغربية. ولم تتمكن منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الخيرية من الإشراف على مستشفيات الأراضي الفلسطينية لأن 75 بالمائة منها تابعة لوزارة السلطة وهي بذلك جزء من حكومة حماس التي ترفض المنظمات الدولية التعامل معها. ومن الجدير بالذكر أن العاملين في المستشفيات لم يتلقوا رواتبهم منذ مارس / آذار، وحتى الأموال التي تتلقاها وزارة الصحة والمخصصة لتحويل المصابين بالسرطان إلى مستشفيات إسرائيلية أو أردنية مجمدة هي الأخرى منذ ذلك الحين.