قداس الأقباط في دوسلدورف - قليل من الخوف ...كثير من الدموع
٧ يناير ٢٠١١دقت أجراس الكاتدرائية في مصر، وعلى وقعها خفقت صلوات الأقباط الأرثوذوكس في ألمانيا. ومن كنيسة "العذراء مريم القبطية"، في مدينة دوسلدورف، غربي ألمانيا، علت ترانيم الإنجيل تراقص بخور قداس عيد الميلاد، في أجواء احتفالية رغم التهديدات الإرهابية، التي كشفت عنها أجهزة الأمن الألمانية.
وسط أجواء هادئة، توافد المسيحيون الأرثودوكس على الكنيسة القبطية مساء أمس الخميس، لحضور قداس عيد الميلاد، الذي بدأ بعدد محدود أثار في البداية قلقا من احتمال إحجام الكثيرين عن المشاركة هذا العام، خوفا من التهديدات الإرهابية. غير أن تدفق العشرات من أبناء الجالية القبطية تدريجيا، من المقيمين في ولاية "شمال الراين ويستفاليا"، ومعهم سوريون وسودانيون وأثيوبيون وإريتريون أرثوذكس، أزال ذلك القلق، لتحل أجواء التهاني المتبادلة، مُختلطة بالتعازي في ضحايا كنيسة القديسين في الإسكندرية.
أوجاع الاسكندرية تفرض نفسها على عيد الميلاد
ويقول نبيل ثابت رزق الله، مهندس مصري، "كنيستنا بُنيت منذ حوالي 20 عاما، وفي قداس كل يوم أحد يزورنا مسيحيون من دول كثيرة أفريقية وغير أفريقية، بل ويزورنا أيضا أصدقاؤنا المسلمون". ويمضي "طوال الوقت داخل مصر وخارجها كنا نعيش معا، لكن التخريب بدأ خلال الـ عشر أو ال15 سنة الأخيرة على يد المتطرفين والمتعصبين".
ورغم أجواء الاحتفال، وجدت أوجاع وطنه طريقها بسهولة، فانفعل رزق الله وهو يتحدث مع دويتشه فيله عن دور الحكومة المصرية، الذي وصفه ب"الغائب"، فقال: "أريد أن أفهم لمن يعمل وزير الداخلية في مصر...؟!" وفجأة، التفت لصديقه السوري متسائلا باستنكار: "هل لديكم خانة للديانة في البطاقة الشخصية؟"، لافتا إلى الإجراء المعمول به في مصر بإدراج الديانة على الهوية الشخصية.
وبعدما وصف رزق الله الحديث عن قوى خارجية وراء اعتداء الإسكندرية بأنه "تهريج"، أبدى عدم اعتراضه على تصريحات نُسبت للأنبا داميان، طالب فيها بربط المساعدات الألمانية لمصر بالضغط على الحكومة في ملف الأقباط.
مسلمون من الجالية المصرية يشاركون في القداس
وشارك في قداس عيد الميلاد وفد من المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، إضافة إلى ممثلين عن الطوائف الإنجيلية والكاثوليكية والسريانية في ألمانيا، فضلا عن أعضاء النادي المصري، واتحاد الجاليات العربية، وغيرهم من الألمان، الذين حرصوا على إظهار تضامنهم مع الأقباط ومشاركتهم عيدهم.
وعلى المستوى الفردي، حرص شباب وفتيات مسلمون من الجالية المصرية على حضور القداس، وقام بعضهم بإلقاء كلمات أعربوا فيها عن تضامنهم مع الأقباط في مصر، ورفضهم للتفجيرات الإرهابية التي تستهدف المسيحيين في أي مكان. وأكدوا أن المشاكل في مصر لا تطول الأقباط فقط، وإنما تطول المسلمين أيضا، الأمر الذي لاقى استحسانا كبيرا وقبولا من الحضور.
الأب بولس : "للأسف أثق في الشرطة الألمانية أكثر من المصرية"
غير أنه وفي عبارة لافتة، قال الأب بولس، في ختام القداس، وبعد كلمات الوفود المسلمة، إن "الخطب سهلة"، واستشهد بآية من الإنجيل تقول "أرني إيمانك بأعمالك". وبسؤاله عن شعوره وهو يقيم القداس، وما إذا كان قد شعر بالخوف، قال "لا أخاف! أقصاها أن أموت! وإيه يعني.. ثم إني - وللأسف – أثق في الشرطة الألمانية أكثر من الشرطة المصرية".
وكان من اللافت عدم ظهور علامات لأي إجراءات أمنية من قبل الشرطة خارج المكان، كما كان الزوار يدخلون دون تفتيش، باستثناء لافتة على باب المدخل تطالب بعدم الوقوف في مدخل الكنيسة أو في فنائها الخارجي. وحول ذلك تباينت إفادات الجالية. ففي حين أكد البعض أن هناك دوريات للشرطة الألمانية تمر بين الحين والآخر، قال آخرون إن رجال أمن موجودون داخل الكنيسة بملابس مدنية. وهو على الأقل ما عكس هاجسا أمنيا لدى الناس، رغم تأكيد رضا حبيب، عضو مجلس إدارة الكنيسة، أنه لم يتم التنسيق مع الشرطة الألمانية، مشددا بالقول: "لأننا مش خايفين قوي، ولا نريد نشر الفزع بين الناس... كما أننا نؤمن بأن ربنا هو اللي بيحمي".
أميرة محمد - دوسلدورف
مراجعة: شمس العياري