قانون الانتخابات الجديد في الأردن يقوض المشاركة السياسية
٢٦ يونيو ٢٠١٢رغم أن قانون الانتخاب لسنة 2012 أنهى "نظريا" قانون الصوت الواحد الذي يثير الجدل في الاردن منذ 19 عاما، غير أن أحزابا وقوى سياسية اعتبرته "إعادة إنتاج للصوت الواحد مع إضافة بعض مواد التجميل"، وسط مخاوف من التسبب في "أزمة جديدة" لما يعاني منه الاردن من إشكاليات.
ويقول نائب المراقب العام لحركة الإخوان المسلمين في الاردن القيادي زكي بني ارشيد لموقع DW عربية، ان قانون الانتخاب يأتي "خلافا للتوافق الوطني" الذي تقدمت به مجموعة من الأحزاب والشخصيات الوطنية، وخلافا لما طلبه الملك عبد الله الثاني من مجلس النواب بضرورة سن قانون نيابي يحظى بتوافق وطني واسع. ويضيف أن إقرار القانون بهذا الشكل وبهذه الصيغة يعني دفع القوى الوطنية والفاعلة نحو مقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة، وبالتالي "إضافة أزمة جديدة" لما تعاني منه البلاد. فبدلا من أن تكون الانتخابات حلا أو مساهمة في حل المشكلة ستكون في هذه الحالة أزمة إضافية، وربما تقود الاردن إلى "احتقانات جديدة وتوترا سياسيا" من شأنه أن "يعزل" ما تبقى للمؤسسات الرسمية ومؤسسات الدولة من "مصداقية" وأن تدمر "ما تبقى من ثقة" لدى المواطنين.
"قطع الطريق أمام أي طموح لتداول السلطة"
ويرى بني ارشيد أن هذا القانون "سيعزز الحركة الإسلامية داخل المشهد السياسي الاردني"، ولكن من خلال مقاطعة الانتخابات، لأن "السياسة ليست صندوق اقتراع وليست انتخابات"، ويضيف أن قانون الصوت الواحد ُأقر في الاردن وعمل به منذ عام 1993 ولم يأت طوال 19 عاما بأية إضافة نوعية ، بل على العكس له آثار كارثية على المجتمع الاردني وعلى بنيته الوطنية ونسيجه الاجتماعي. ويضيف القيادي الإسلامي أن هذا القانون "فتت" مؤسسات الأحزاب وأضعف القوى المسيسة والوحدة الاجتماعية وحتى العشائر، وأنتج مجالس نيابية "ضعيفة وهزيلة لا تعكس إرادة الشعب الاردني" ، وأغلق الطريق أمام أي طموح سياسي لإيجاد آراء سياسية راقية أو تنمية حزبية، ما يعني "العودة إلى مربعات الإرادة بعقلية سوق العشيرة". كما أن القانون، والحديث لبني ارشيدة "قطع الطريق أمام أي طموح لتداول السلطة" من خلال تشكيل السلطة التنفيذية من خلال الأغلبيات البرلمانية.
ويرفع قانون الانتخاب الجديد عدد مقاعد مجلس النواب الاردني إلى 140، ويضمن للناخب صوتين ، واحدا لدائرته الانتخابية المحلية، والآخر للدائرة الانتخابية العامة التي خصص لها 17 مقعدا كقائمة نسبية مغلقة على مستوى المملكة.
ويقول الناشط في حملة "مقاطعون من أجل التغيير" وأحد منظمي الحراكات الشبابية في الاردن الدكتور فاخر دعاس لموقع DW عربية، إن الحملة تؤكد رفضها لقانون الانتخابات، ويرى أن العودة لقانون الصوت الواحد الذي وصفه "بالمجزوء" ما هو إلا "استخفاف بالقوى الوطنية والشعبية" التي أجمعت على رفضها العودة لهذا القانون "المشؤوم". ويضيف أن الحملة نوهت إلى أن إقرار القانون بهذه الصيغة يؤكد على نية النظام "العودة إلى المربع الأول بعد أن وصلته إشارات وتطمينات خارجية بالرضا عما تم إنجازه من إصلاحات" وفقا لدعاس.
"النظام يدفع الحراك والقوى السياسية لمقاطعة الانتخابات "
ويوضح الناشط الاردني أن اللجنة القانونية في مجلس النواب، على الرغم من رفض غالبية القطاعات لنموذج الصوت الواحد بما فيها الفعاليات العشائرية والقوى الحزبية، إلا أنها أوصت بالإبقاء على الصوت الواحد، وهو ما تم إقراره في مجلس النواب الأمر الذي يؤكد أن هذا المجلس ما هو إلا "أداة في يد النظام وأجهزته الأمنية".
ويقول دعاس إن حملة "مقاطعون من اجل التغيير" تؤكد على أن إقرار قانون الانتخاب بهذه الصيغة يؤكد على أن "النظام والحكومة يدفعان القوى السياسية والحراك والفعاليات ومؤسسات المجتمع المدني نحو مقاطعة الانتخابات"، ففي ظل هكذا قوانين سيكون من الصعب الترويج للمشاركة. وانطلقت حملة "مقاطعون من اجل التغيير" عام 2010 احتجاجاً على قانون "الدوائر الوهمية"، وقامت بسلسلة من الفعاليات لمقاطعة الانتخابات وتم "اعتقال العشرات من أعضائها في تلك الفترة"، كما يقول دعاس .
"القانون لم ينه الصوت الواحد بل جمّله"
ويرى المحلل الصحفي أنس المجالي في حوار مع موقع DW عربية، أن القانون الجديد الذي أقره مجلس الأمة الاردني لم ينه الصوت الواحد، بل "جمّله" رغم أن معظم القوى السياسية اتفقت على إنهاء الصوت الواحد، ويذكّر المجالي في هذا السياق بمقترحات لجنة الحوار الوطني التي "ألقي بها عرض الحائط"، وفي المحصلة تمت إعادة إنتاج الصوت الواحد مع إضافة بعض مواد التجميل.
ومن الانتقادات الأساسية للقانون الجديد أنه "لا يؤسس لحالة برلمانية سياسية"، وفقا للمجالي الذي يشير إلى أن الملك عبد الله الثاني تحدث عن برلمان وحكومات برلمانية، وأن تشكل الغالبية في البرلمان الحكومات المقبلة، ويتساءل "هل هذا القانون هو من يعطينا هذه النتيجة ؟ بالتأكيد لا". ويستدرك الإعلامي الاردني ويقول ان للقانون الجديد جوانب ايجابية كالقائمة النسبية الوطنية التي يرى في دخولها على القانون والحياة البرلمانية السياسية حالة سياسية ايجابية "ننظر لتطورها مستقبلاً".
ويقول المجالي إنه لا يعتقد أن قرار الإخوان المسلمين بالمشاركة من عدمه في الانتخابات يحدده شكل القانون كعنصر رئيس رغم أهمية القانون سياسيا وإعلاميا للحركة الإسلامية، ويشير إلى أن الحركة جربت المقاطعة وأدركت "حجم خسارتها السياسية". ويخلص إلى القول بأن ما يحدد قرار الحركة عوامل متعددة، من بينها "ضمانات بنزاهة الانتخابات"، وتطورات "حالة الشد والجذب داخل الحركة"، إضافة إلى ما سُيسجل على الساحتين المصرية والسورية.
ويأتي إقرار هذا المشروع تمهيدا لإجراء الانتخابات النيابية بالأردن قبل نهاية 2012 ، كما أكد على ذلك العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في أكثر من مناسبة.
محمد خير العناسوة – عمّان
مراجعة: محمد المزياني