فرط عقد التحالف الاميركي الباكستاني
٦ ديسمبر ٢٠١١العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وباكستان معقدة جدا بحكم المصالح المتبادلة مابين البلدين فتحصل باكستان على التمويل الاميركي مقابل تعاونها في ما يسمى الحرب على الارهاب في المنطقه وخاصة عند الحدود الباكستانية الافغانية وترجع هذه العلاقة الى عام 1949 . هذه العلاقة بدات تعاني من ازمة الثقة فاميركا تنظر الى الباكستان بانها تلعب دورا مزدوجا في محاربة طالبان وتنظيم القاعدة في افغانستان رغم استمرارية التمويل الاميركي للباكستان وعلى وجه الخصوص المؤسسسة العسكرية الباكستانية بالاضافة الى اتهام الولايات المتحدة للباكستان بايوائها جماعة معسكر طيبة المتطرفة والتي كانت وراء هجمات بومباي 2008 اما باكستان فانها فقدت الثقة بالتحالفات الاميركية عبر التاريخ واستمرارية تمويلها بالاضافة الى ادخال الولايات المتحدة الهند كطرف منافس في افغانستان .
بعد مضي 10 سنوات على التهديدات الاميركية يعلن رئيس اركان الجيوش الاميركية مايكل مولن بان اجهزة الاستخبارات الباكستانية تدعم شبكة حقاني التي كانت متورطة بالعديد من الهجمات ضد القوات الاميركية وقوات التحالف في افغانستان وعلى السفارة الاميركية في كابل في 13 سبتمبر 2011 .
القاعدة الترسانة النووية الباكستانية
لا تخفي الولايات المتحدة مخاوفها من تمدد المجموعات المسلحة تحديدا تنظيم القاعدة وطالبان اقليميا مابين الباكستان وافغانستان وسيطرتها على المستقبل البعيد على الترسانة النووية الباكستانية التي باتت موضع تحذير من قبل كبار الخبراء الاميركيين في الشان العسكري والاستخباري ابرزهم المؤرخ العسكري فردريك كيغان احد مهندسي خطة تعزيز القوات الاميركية في العراق 2007 والذي حث ادارة بوش في دراسته ضرورة ارسال قوات نخبة اميركية للاستيلاء على ترسانة الباكستان النووية .هذه الاراء والدراسات تعكس مدى الذعر والقلق مقابل الترسانة النووية الاسلامية.
وصعدت وتيرة التهديدات الاميركية للباكستان قبل الغزو الاميركي لافغانستان على لسان كولن باول وزير خارجيتها انذاك عندما حذر فيها الحكومة الباكستانية قائلا " : اما ان تكونوا معنا او ضدنا " كذلك تهديدات ريتشارد ارمتياج مساعد وزير الخارجية الاميركية السابق ـ الى الحكومة الباكستانية بان الولايات المتحدة ستعيد الباكستان الى العصر الحجري في حال رفضها التعاون ضمن ما يسمى الحرب على الارهاب ، هذه التصريحات كشفها برويز مشرف الرئيس الباكستاني السابق في كتابه " على خط النار " .
الباكستان تعد العدة لتحضير نفسها لمابعد الانسحاب الاميركي من افغانستان والتي وجدت في التحالفات الاقليمية بديلا افضل لحل مشكلة الارهاب وزعزعة الامن في المنطقة تحديدا في افغانستان هكذا تنظر الباكستان الى الولايات المتحدة بانها حليف لايمكن الاعتماد عليه بالاضافة الى ان المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة للباكستان تكلفها الكثير من الخسائر البشريه والسياسية في اعقاب عملياتها العسكرية وضربات الجوية الاميركية لاهداف تنظيم القاعدة وطالبان خاصة طائرات بدون طيار والتي باتت مرفوضة من قبل الشارع الباكستاني لذا دفعت الباكستان بتحالف ثلاثي ايراني باكستاني افغاني ثم دخلت تركيا كطرف وسيطا مع طلبان للخروج من تحت السيطرة الاميركية بعد ان كانت خير حليف لها في جنوب اسيا . ان ايران تتفق مع الباكستان في مواجهة مجموعة جند الله السنية وافغانستان مصلحتها تقتضي انهاء حالة عدم الاستقرار مع حدود الباكستان ومواجهة تنظيم القاعدة وطالبان بشقيها الباكستانية والافغانية ، هذه الرؤيا الباكستانية القائمة على ابعاد التحالفات الخارجية الدولية وابدالها في تحالفات اقليمية لحل المشاكل في اماكن الصراع والازمات ممكن ان تكون نسخة لدول الخليج والدول العربية بحل صراعاتها الاقليمية بعيدا عن التحالفات الدولية والتي ممكن ان تاتي بنتائج افضل لدول المنطقة طالما ان التحالفات الاميركية لاتكون الا بشروط التدخل السياسي والعسكري وغالبا ماتنتهي بكوارث سياسية وانسانية .
"انسحاب باكستان من الحرب على الارهاب"
المشكلة في العلاقات الباكستانية الاميركية تكمن ايضا في اختلاف الرؤيا حول عدم الفصل مابين طالبان الباكستانية والافغانية ، فالباكستان مستعدة للتعاون مع الادارة الاميركية ضمن حدودها وعدم تورط قواتها في الخارج اي عدم مواجهة طالبان داخل افغانستان من جانب اخر ممكن تفسير ذلك انسحاب الباكستان من التزاماتها في مايسمى الحرب على الارهاب رغم ان المسؤولون في ادارة اوباما يعتقدون بان الباكستان تلعب دور العميل المزدوج مابين وكالة المخابرات الاميركية وطالبان افغانستان وهذا مايدفع الخبراء الاميركيون للتصريح بوجود علاقة استخبارية سرية مابين الاستخبارات الباكستانية وطالبان الافغانية هذا الموقف تعزز بعد حادث اغتيال الرئيس الأفغاني الأسبق برهان الدين رباني الذي يقود جهود السلام في أفغانستان في 20 سبتمبر 2011 والهجوم على السفارة الاميركية في كابول .
وهذا مؤشر اخر على تدهور العلاقات الاميركية الباكستانية في المنطقة . ان مصداقية الولايات المتحدة مع حلفائها باتت موضع شك وقلق مما دفع الباكستان للبحث عن حليفا بديلا في المنطقة وهوالصين بالاضافة الى التحالفات الاقليمية لتكون الصين بديلا للولايات المتحدة في مصدر سلاحها الجوي خاصة بعد تبرع الصين للباكستان مؤخرا 50 طائرة نوع جي اف 17 .
الخبراء العسكريون يتوقعون فشل السياسة الاميركية في افغانستان مثل فشلها في العراق وسوف تنسجب انسحابا غير مشرف يثير قلق حلفائها في المنطقة وقد يترك المنطقة على صفيح ساخن يدخل المنطقة في حالة فوضى وانفلات امني مثل ماحصل في الصومال والعراق ، لذلك هي تحاول الحوار مع طالبان لحفظ ماء الوجه والانسحاب باقل الخسائر ، ويبدو ان الادارة الاميركية لحد عاجزة عن تطبيق نظرية باتريوس مسؤول وكالة المخابرات المركزية في استخدام العامل السياسي بموازاة العامل الامني والعسكري لحل المشكلة في افغانستان وما زالت تعيش اوهام النصر .
باكستان لا تريد ان تدفع ثمن تحالفها مع الولايات المتحدة
تاتي السياسة الباكستانية الجديدة ضمن قراءتها الموضوعية للوضع الامني والحقائق وتصدع التحالفات الاميركية مابعد الانسحاب الاميركي من افغانستان المقرر نهاية 2011 و تسليم كافة مقاليد السلطة الى الجيش الافغاني عام 2014 .
الباكستان مازالت تنظر الى عمليات وكالة المخابرات المركزية باغتيال بن لادن في شهر مايس من العام الحالي واستخدام الكوماندوس والقوات الاميركية طائرات بدون طيار باستهداف قيادات طالبان والقاعدة انتهاك لشؤونها الداخلية مما يدفعها التفريط بتحالفها مع الولايات المتحدة بل يعتقد البعض ان السياسة الاميركية في افغانستان وبالتحديد في وزيرستان القائمة على استهداف قيادات القاعدة وطالبان بطائرات بدون طياراوعمليات عسكرية اخرى تؤدي الى مزيد من الضحايا المدنيين والابرياء وراء اعتبار وزيرستان وباكستان محمية لتفريخ خصوم للولايات المتحدة التي باتت تنتج المزيد من معدل تورط اصول باكستانية في عمليات ضد اميركا خلال السنوات الاخيرة يرجح هذا الراي .
وضمن هذه التطورات قتل 25 جنديا باكستانيا واصيب 14 اخرون جراء قصف طائرات تابعة لحلف شمال الاطلسي حاجز تفتيش عند الجدود الباكستانية يوم 26 نوفمبر 2011 وذكر تقرير للامم المتحدة ان افغانستان شهدت زيادة في معدل ضحاياها بلغت 40 % من عدد الحوادث الامنية مقارنة بنتفس الفترة من عام شهر اوكست/ايلول 2010 .
ستبقى الولايات المتحدة تدفع بعلاقتها وتحالفاتها مع الباكستان رغم ذلك بتقديمها وعود والتزامات اطول لطمئنة المسؤوليين الباكستانيين لكن مهما حاولت اميركا من جهود في تحالفاتها مع الباكستان ستبقى المؤسسة العسكرية والاستخبارية بعيدة عن مصادر وكالة المخابرات المركزية على خلاف دوائر صنع القرار السياسي الباكستاني وكانه توزيع للادوار داخل الباكستان وهذا مايزيد من حجم التحدي المستقبلي للادارة الاميركية اقليميا .
جاسم محمد
مراجعة ملهم الملائكة