عنان يقترح مسودة إصلاحات للأمم المتحدة لم تشهدها منذ تأسيسها
الأرقام التي قدمها مؤخرا مسؤول لجنة المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة يان إغيلاند بشأن ضحايا الصراع في إقليم دارفور السوداني صعقت الرأي العام وبرزت على أثرها تساؤلات كثيرة عن سر وقوف مجلس أمن المنظمة الدولية مكتوف الأيدي حيال جرائم ميليشيات الجنجويد بحق طائفتي "فور" و"مساليت" والتطهير العرقي الذي يتعرض له مواطنو الإقليم. وجاءت هذه الأرقام التي أفادت أن عدد ضحايا الصراع الدامي بلغ لغاية الآن 180 ألف ضحية، وليس كما كان متوقعا 70 ألفاً، وأن عدد المُهجرين بلغ ستة ملايين مواطن، جاءت لتقدم مثالا آخرا على عجز منظمة الأمم المتحدة عن احتواء صراعات يئن تحت وطئتها في الدور الأول مواطنون أبرياء. إن تناولنا للصراع في دارفور يأتي على سبيل المثال فقط، وليس على سبيل الحصر، إذ أن الأمثلة على عجز الأمم المتحدة ومجلس أمنها عن تدخل مجد وفعال لحل صراعات كثيرة وفضائح الفساد والبيروقراطية وتورط بعض موظفيها في فضائح جنسية هي أكبر مثال على أن المنظمة الدولية تعاني من أزمة تتطلب إجراء إصلاحات عاجلة وشاملة في مؤسساتها وهياكلها.
مجلس الأمن
والآن وفي بادرة هي الأولى من نوعها منذ تأسيس المنظمة الدولية قبل 60 عاما، قدم أمينها العام مسودة اقتراحات ترمي إلى إجراء أكبر إصلاحات في تاريخ الأمم المتحدة. ووفقا للخطاب الذي ألقاه عنان تمهيدا لتقديم المسودة رسميا اليوم في نيويورك، فإن توسيع مجلس الأمن وإصلاح لجنة حقوق الإنسان سيكونان في خضم اقتراحاته. وتأتي اقتراحات المسؤول بخصوص زيادة عدد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن لتتوافق مع توقعات المراقبين وتؤكد على مقترحات لجنة رفيعة المستوى قدمت في ديسمبر/كانون الاول الماضي تقريرا دعا إلى زيادة العدد من 15 دولة إلى 24 دولة. تجدر الإشارة إلى أن أهم الدول التي رشحت نفسها لعضوية دائمة في المجلس هي ألمانيا واليابان والهند والبرازيل.
لجنة حقوق الإنسان والإرهاب
أما الاقتراح المركزي الثاني فيتعلق بإجراء إصلاحات على لجنة حقوق الإنسان المكونة من 53 دولة. وحسب اقتراحات عنان، فإنه سيتم تصغير هذه اللجنة، ولكن في الوقت ذاته زيادة فاعليتها وتحسين أدائها. كما سيتم انتخاب أعضائها مباشرة من الجمعية العامة وحصولها على صلاحيات لا تقل عن صلاحيات مجلس الأمن بحيث تؤهلها لاتخاذ قراراتها باستقلالية. تجدر الإشارة إلى أن تشكيلية لجنة حقوق الإنسان التي تضم دولا لا تحترم حقوق الإنسان اصلا أدّت دائما إلى توجيه انتقادات لاذعة إلى الأمم المتحدة. وعلى صعيد محاربة الإرهاب، اقترح عنان برنامجا خماسيا يرمي إلى تجفيف المنابع المالية للمنظمات الإرهابية وردع جميع الدول عن دعمها للإرهاب. ويدعو تقرير الأمين العام جميع الدول لمحاربة الإرهاب بفعالية وفي الوقت ذاته احترام حقوق الإنسان. كما اقترح عنان اتخاذ إجراءات لتحديد انتشار الأسلحة النووية وأخرى ترمي إلى تخصيص الدول الأعضاء 0.7 بالمائة من ناتجها القومي للمساعدات الإنسانية.
ألمانيا في مقدمة الدول المرشحة
في حين تؤيد الحكومتان الفرنسية والبريطانية حصول ألمانيا على مقعد دائم في مجلس الأمن، أعربت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس أول أمس في خطاب لها في العاصمة اليابانية عن تأييد بلادها لانضمام اليابان إلى المنظمة الدولية. وقالت الوزيرة الأمريكية إن اليابان "حققت من خلال جهودها الخاصة إنجازات تسمح لها بتسلم منصب في مجلس الأمن." ولم تشر الوزيرة الامريكية الى ألمانيا من قريب أو بعيد. أما وزير الخارجية الفرنسي ميشيل بارينيه فقد أعلن بوضوح عن موقف باريس المؤيد لمنح ألمانيا مقعدا دائما في مجلس الأمن. وقال ".... من خلال حصول ألمانيا على مقعد دائم في المنظمة الدولية، سيتم إضفاء شرعية أكثر على قرارات المجلس." من جانبه أعرب وزير الخارجية البريطاني جاك سترو في كلمة ألقاها في ديسمبر/كانون الأول الماضي أمام مجلس الأمن في نيويورك عن تأييد لندن لألمانيا واليابان في مساعيهما الرامية إلى لعب دور أكبر على الساحة الدولية، مشيرا إلى أن البلدين يقدمان 28 بالمائة من ميزانية الأمم المتحدة.