1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أوروبا.. صناعة السيارات الكهربائية أمام تحدي المبيعات والصين

٢٦ فبراير ٢٠٢٤

تعاني سوق السيارات الكهربائية في أوروبا من صعوبات جراء تدني المبيعات والتنافس القوي مع الصين، التي باتت علامتها "بي واي دي" السيارة الكهربائية الأكثر مبيعا بالعالم. فكيف ستواجه الشركات الأوروبية ذلك والتغلب عليه مستقبلا؟

https://p.dw.com/p/4cLlR
ما زال سوق السيارات الكهربائية في ألمانيا وأوروبا يواجه العديد من التحديات
ما زال سوق السيارات الكهربائية في ألمانيا وأوروبا يواجه العديد من التحدياتصورة من: John Walton/PA Wire/picture alliance

قبل وقت قصير من الاحتفال بأعياد الميلاد، أصابت لعنة ميزانية الحكومة الألمانية فجأة قطاع السيارات الكهربائية  أيضا، إذ قررت الحكومة إنهاء العمل بما يُعرف بـ "مكافأة البيئة" التي بموجبها حصل المشترون على خصم يصل إلى آلاف اليوروهات عند شراء سيارات كهربائية، وذلك منذ بدء العمل بالخطة قبل سبع سنوات.

وجاء إنهاء العمل بـ "مكافأة البيئة" كجزء من سياسة التقشف الكبيرة التي اضطرت إليها الحكومة الألمانية. وأدى إنهاء خطة دعم المركبات الكهربائية إلى تفاقم المتاعب على كاهل الشركات المنتجة للسيارات الكهربائية في البلاد.

وقد نجم عن ذلك انخفاض حاد في  مبيعات السيارات الكهربائية الجديدة  في ألمانيا في نوفمبر/ تشرين الثاني و ديسمبر/ كانون الأول الماضيين، فيما قال اتحاد مصنعي السيارات الأوروبي إن مبيعات السيارات الكهربائية في ألمانيا انخفضت بنسبة 48 بالمئة في الشهر الأخير من العام الماضي. وقد انخفضت مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا بشكل عام بنسبة 17 بالمئة.

مجرد مطب أم أكثر؟

وأثار ذلك تساؤلا ملحا مفاده: هل الانخفاض في المبيعات مجرد مطب مؤقت وطارئ أم أنه يبشر بشيء أكثر خطورة؟ يرى باتريك شوفوس من مركز ماكينزي للتنقل المستقبلي، أن مبيعات السيارات الكهربائية كانت "ثابتة" في أوروبا عام 2023 بسبب انخفاض مبيعات السيارات الكهربائية الهجينة القابلة للشحن.

عامل يجري الفحص الأخير لسيارة فولكسفاغن قبل خروجها من المصنع في دريسدن
تراجعت مبيعات السيارات الكهربائية في ألمانيا في الشهرين الأخيرين من عام 2023 على وقع سياسة التقشف الحكوميةصورة من: Robert Michael/dpa/picture alliance

وفي مقابلة مع DW، أرجع السبب في ذلك إلى عدم دعم  السيارات الكهربائية الهجينة  القابلة للشحن وغيرها من السيارات الجديدة أو دعمها بشكل منخفض، متوقعا أن يظل مسار 2024 ثابتا مع حدوث تحسينات بين عامي 2025 و 2026 مع إنتاج سيارات كهربائية أكثر بأسعار معقولة.

ويقول مايك تيندال، رئيس أبحاث أسهم السيارات الأوروبية في بنك "إتش إس بي سي"، إن نمو السيارات الكهربائية في أوروبا في عام 2023 كان "قويًا للغاية" بشكل عام. وأضاف في مقابلة مع DW أن التحدي "تمثل في توقعات بنمو السوق بقوة وبوتيرة سريعة، لكن حدث النقيض، إذ شهدنا تباطؤًا في النمو".

ويقول خبراء إن نسبة مبيعات السيارات الكهربائية من إجمالي المبيعات  في أوروبا تسلط الضوء على قضية القدرة على تحمل التكاليف. ويشار إلى أنه منذ أواخر العام الماضي، أقدمت شركات صناعة السيارات في العديد من الدول الأوروبية على تقديم خصومات أعلى عند شراء السيارات الكهربائية في محاولة منها لجذب المشترين.

ويقول خبراء إن السيارات الكهربائية عادة ما تكون أكثر تكلفة من السيارات التقليدية التي تعمل بالوقود الأحفوري. وفي هذا السياق، يقول تيندال: إنه في الوقت الذي يحاول فيه سوق السيارات الكهربائية جذب مشترين جدد، أصبحت التكلفة مشكلة أكبر، مضيفا "سيكون هناك مستهلك أكثر وعيا بالتكلفة، لكن بسبب أسعار السيارات الكهربائية الحالية، فإنه من المحتمل أن يكون أكثر تحفظا قليلا للشروع في هذه التحول".

ويُضاف إلى ذلك بعض الاعتقادات التي ما زالت سائدة بين بعض الناس من أن البنية التحتية لشحن البطاريات أو أدائها بشكل عام ليست جيدة، مما قد يؤثر سلبا على قرار شراء سيارات كهربائية. لكن تيندال يعتقد أن مثل هذه المخاوف سوف تتلاشى تدريجياً مع تحسن التكنولوجيا والبنية التحتية خلال السنوات القليلة المقبلة.

هل تتخلف شركات السيارات الألمانية عن الركب؟

رهان العملاقة على السيارات الكهربائية

ويقول خبراء إن المخاطر لا يمكن أن تكون أكبر من ذلك بالنسبة لكبرى شركات السيارات الأوروبية وفي المقدمة العملاق الألماني "فولكسفاغن. ففي مارس /آذار الماضي، أعلنت فولكسفاغن عن خطط لضخ استثمارات بقيمة 180 مليار يورو (194 مليار دولار) بين عامي 2023 و 2027 وكانت حصة الأشد من نصيب قطاع السيارات الكهربائية  والرقمنة من خطة الاستثمار بنسبة تجاوزت الثلثين.

وعلى وقع ذلك، تراهن "فولكسفاغن" على خططها المستقبلية في الانتقال إلى السيارات الكهربائية، إذ تطمح أن تصل نسبة مبيعاتها من السيارات الكهربائية في أوروبا إلى 80 بالمئة و 55 بالمئة في الولايات المتحدة بحلول عام 2030. وكانت مبيعات "فولكسفاغن" من السيارات الكهربائية قد ارتفعت بنسبة 21 بالمئة في جميع أنحاء العالم العام الماضي.

وفي تصريح خاصة لـ DW، قال المتحدث باسم الشركة إنه "بينما نتوقع أن تكون بيئة المبيعات صعبة في عام 2024، فإن أرقام العام الماضي تظهر أننا في المسار الصحيح". وأضاف المتحدث "إننا على قناعة تامة بأن المستقبل سيكون للسيارات الكهربائية ونتحرك بحزم صوب هذا التحول".

وقال تيندال إن كبرى الشركات الأوروبية مثل "فولكسفاغن" و مجموعة "ستيلانتس" التي تضم علامات تجارية مثل بيجو وفيات وأوبل، باتت تدرك في الوقت الراهن الحاجة إلى الموازنة بين القدرة على تحمل التكاليف من جهة وتحقيق الأرباح من جهة أخرى.

بيد أنه قال أيضا: إن هذه الشركات يساورها القلق بشأن حجم المبيعات خلال الفترة الماضية، مضيفا "يشعرون بالتوتر بسبب احتمال أن هناك أسباب أخرى خلاف الأسباب التي ذكرناها، مما قد يؤثر سلبا على رغبة المستهلكين في شراء سيارات كهربائية".

جناح شركة  بي واي دي الصينية في معرض ميونيخ العالمي للسيارات 2023
تفوقت "بي واي دي" الصينية على "تسلا" وتربعت على عرش أعلى مبيعات السيارات الكهربائية في العالم عام 2023صورة من: Leonhard Simon/REUTERS

تحدي التنين الصيني

وتعد الصين  من بين الأسواق التي قررت "فولكسفاغن" اقتحامها، إذ أنفقت حوالي خمسة مليارات دولار العام الماضي وحده في محاولة للتغلب على أكبر المنافسين في مجال السيارات الكهربائية وهما "تيسلا" الأمريكية و "بي واي دي" الصينية.

وتحتل الصين مكانة كبيرة في أسواق السيارات الكهربائية في أوروبا والولايات المتحدة، فيما حققت "بي واي دي" نجاحا كبيرا حيث باتت السيارة الكهربائية الأكثر مبيعا في العالم.

ففي الوقت الذي عانت فيه سوق السيارات الكهربائية الأوروبية من تراجع أواخر العام الماضي، حققت "بي واي دي" مبيعات قياسية بنسبة بلغت 70 بالمئة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وقد باعت الشركة أكثر 526 ألف سيارة تعمل بطاقة البطارية فقط في الربع الأخير من عام 2023. وبهذا تفوقت "بي واي دي" على "تسلا" لتتربع على عرش أعلى مبيعات السيارات الكهربائية في العالم.

وفي تعليقه على ذلك، قال باتريك شوفوس من مركز ماكينزي للتنقل المستقبلي: إن السيارات الأوروبية التي تعمل بالبطاريات الكهربائية "عادة ما تكون أغلى بنسبة 15 إلى 20 بالمئة من السيارات التقليدية التي تعمل بالوقود الأحفوري، لكن هذا الفارق يصل في الصين إلى 10 بالمئة فقط. العديد من السيارات الكهربائية الصينية تُباع بسعر أرخص عن السيارات التقليدية الأوروبية".

لكن تيندال يشير إلى أن هذا الأمر لا يحمل بالضرورة في طياته نجاحا للسيارات الكهربائية الصينية في أوروبا، لأن "سوق السيارات الكهربائية في الصين ليست سوقا صحية، إذ هناك مجموعة كبيرة من الشركات تصنع منتجات رائعة، لكن القليل منها تجني أرباحا كبيرة". ويتوقع حدوث اندماجات في السوق فيما ستكون "بي واي دي" أقل عدوانية فيما يتعلق بأسعار سياراتها في أوروبا.

وقالت "فولكسفاغن" إن الشركات الصينية المنافسة لن يكون بمقدورها تحقيق  نجاحات في أوروبا  اعتمادا على السعر فقط، مضيفة أنه "يتعين على المنافسين الأجانب في أوروبا التكيف مع المتطلبات الجديدة للسوق". وقالت إن الشركات الصينية المنافسة لا "يمكنها إنتاج سيارات ذات أداء قوي وبأسعار رخيصة (في أوروبا) كما هو الحال في الصين". وشددت الشركة على أنها ترحب بالمنافسة وتأخذ التنافس الصيني على محمل الجد "كما فعلنا مع اليابانيين والكوريين".

 أعده للعربية: محمد فرحان

Arthur Sullivan
آرثر سوليفان مراسل ومحرر يركز على القصص الاقتصادية العالمية من منظور جيوسياسي.@drumloman86