Diplomarbeit Kopftuch
١١ يوليو ٢٠١١قطعة قماش ذات لون زهري، مزركشة بشكل فني أنيق وتغطي رأس إحدى الفتيات، وتمتد كذلك لتغطي الكتفين والصدر. تركيز الناظر ينصب على هذا الغطاء الجميل، بينما يختفي الاهتمام بوجه الفتاة. هذه الصورة هي جزء من أطروحة التخرج، التي أعدتها عائشة تاسكي في ختام دراستها لتخصص التصميم في جامعة إيسن.
نشأت عائشة في مدينة أيدين التركية، الواقعة بالقرب من ساحل بحر إيجة، وعن نشأتها تقول: "أعطاني والداي الكثير من الحرية"، ولم أرتدي الحجاب أبداً. وبعد إنهائها للمدرسة بدأت دراسة التصوير في جامعة مرمرة بإسطنبول. وهناك، وكما في جميع الجامعات التركية وفي الوظائف الحكومية، يسود حظر لارتداء الحجاب. "وحتى تلتف النساء على هذا الحظر يلجأن إلى أساليب عدة، كأن يرتدين قبعات أو حجاباً وفوقه شعر مستعار"، كما تذكر عائشة. وفي إحدى الصور الموجودة في أطروحتها يمكن رؤية إحدى النساء المرتديات للشعر المستعار.
المسلمات في ألمانيا والحجاب
قبل سبعة أعوام جاءت عائشة إلى ألمانيا من أجل تعلم اللغة الألمانية فقط ومن ثم العودة إلى تركيا. وخلال هذه الفترة تكوّن لديها "انطباع جيد عن مستوى الجامعات الألمانية"، فقررت البقاء هنا من أجل الدراسة، وتمكنت من الحصول على مقعد دراسي في جامعة إيسن.
وتبلغ عائشة 28 عاماً من العمر وهي متزوجة من شاب ألماني. ومنذ بدء إقامتها في ألمانيا لفت انتباهها أن كثيراً من النساء المسلمات في ألمانيا يرتدين الحجاب. كما أنها سمعت كثيراً من الأحكام المسبقة المنتشرة حول النساء المحجبات. فالبعض يعتقد بأن النساء يجبرن على ارتداء الحجاب من قبل أزواجهن أو أقاربهن، كما يعتقد آخرون بأن المحجبات لا يواصلن تعليمهن ويعانين من الجهل.
ولأن عائشة لا ترتدي الحجاب فقد أثار تعجبها أن يجد ارتداء الحجاب انتشاراً واسعاً في أوساط المسلمات في ألمانيا. وإذا ما تم سؤالها عن ذلك، فكانت تجيب دائماً: "أرى أن الناحية الدينية هي مسألة شخصية بيني وبين الله"، وتضيف: "المهم عندي هو أن أشعر شخصياً بهذه الرابطة وليس أن يرى الآخرون ذلك".
وغالباً ما كانت ردود أفعال النساء الأخريات مشككة وغير متفهمة لهذا الرأي. فتشعر عائشة بنفسها ضعيفة وتلتزم الصمت. قبل هذا الاحتكاك مع النساء لم تخطر على بالها أبداً مسألة الحجاب. ولكن بعد هذه التجارب خطرت لها فكرة إنجاز عمل بصري عن موضوع الحجاب.
المرأة التي وراء الحجاب
فكرة الأطروحة تقوم على تصوير نساء مرتديات للحجاب، وذلك بأن تكون وجوههن غير ظاهرة، مما يجعل تركيز الناظر ينصب على الحجاب فقط. ولا يقف الأمر عند ذلك، بل تأمل عائشة بأن يسهم ذلك إلى دفع المتابعين للتساؤل عن شخصيات هذه النساء، اللواتي تختفي وجوههن وشخصياتهن خلف الحجاب.
ولكن عملية إقناع النساء المسلمات ليقفن أمام عدسة التصوير لم تكن سهلة، فانطلقت عائشة باحثة عنهن في كل مكان. في المتاجر وفي المقاهي وفي الجامعات حاولت التحدث إلى الفتيات المحجبات، لكن "كثيراً من النساء كان لديهن خوف كبير من التصوير، لأنهن يعتقدن ربما بأن صورة سلبية ستقدم عنهن"، كما تقول عائشة. وبعد رحلة بحث طويلة تمكنت عائشة من العثور على عدد كاف من النساء اللواتي وافقن على إعطاءها صوراً لأغطية الرأس التي يرتدينها.
الحجاب والموضة
"لقد كانت النساء غالباً يشعرن بحياء شديد في ستوديو التصوير"، وفي الاستوديو تولت عائشة بنفسها ضبط هيئات النساء وحركاتهن، وكانت تركز دائماً على إخفاء وجوه الفتيات. وحول عملية اختيار أشكال وألوان أغطية الرأس المستخدمة للتصوير تقول عائشة: "كنت أتشاور مع الفتيات حول ذلك، إلى أن نصل إلى رأي مشترك".
وخلال عملها هذا اكتشفت عائشة بأن دوافع النساء لارتداء الحجاب لم تكن فقط دينية، بل أحياناً لحمايتهن من مضايقات الرجال. فالعديد من النساء أكدن على أن الرجال لا يتجرؤون على الكلام معهن، إذا كن يرتدين الحجاب. والبعض منهن يرتدين الحجاب لأنهن يعشقن الموضة والأزياء.
وحظيت الصور التي التقطتها عائشة والنصوص المتعلقة بهذه الصور باهتمام كبير في ألمانيا، وسيتم عرضها في متحف البيت التاريخي في بون وفي شتوتغارت. وفي متاحف أخرى في ألمانيا. ورغم أن عائشة سعيدة بهذا الأمر إلا أنها تتمنى أن يتم عرض صورها في تركيا أيضاً.
كريستينا بايرت/ فلاح الياس
مراجعة: عماد غانم