صحف ألمانية: مدى قدرة روحاني على التغيير في إيران ؟
٢٠ يونيو ٢٠١٣اهتمت تعليقات الصحف بفوز حسن روحاني بمنصب الرئاسة في إيران منهيا بذلك ثماني سنوات من حكم المحافظين، لكن التحديات التي تنتظر الرئيس الجديد كبيرة، وفي هذا السياق كتبت صحيفة زود دويتشه تسايتونغ:
"الناس في إيران سئموا تدهور ظروف معيشتهم المستمر. وهم يرون أن السبب في ذلك لايكمن في السياسة الاقتصادية الفاشلة لبطانة الرئيس المنتهية ولايته أحمدي نجاد حصرا ـ وإلا كانوا سيصوتون للمرشح قاليباف الذي يتمتع كرئيس لبلدية العاصمة طهران بسمعة جيدة كرجل أعمال.
الإيرانيون يعتبرون أيضا أن نهج السياسة الخارجية العنيف الذي يدافع عنه بوجه خاص كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي جليلي يضر بالبلد وبمصالحهم الشخصية. فهم لم يبدوا معارضة للبرنامج النووي المثير للجدل دوليا أو لمشاركة إيران في الحرب في سوريا، ولكنهم على الأقل صوتوا لمرشح يفضّل حسب تصريحاته خلال الحملة الانتخابية سبيل الدبلوماسية على المواجهة، وقد أعلن عن انتهاج "تفاعل بناء" مع باقي العالم. فهو بذلك سيختلف على الأقل عن سلفه في أسلوب العمل المتبع. ولكن هل سيقدر على مباشرة تقارب مع الغرب وإلى أي مدى؟ هذا سيقرره المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي حصرا.
فالأخير يملك الكلمة الأخيرة في قضايا السياسة الخارجية والأمنية، وقد ناشد مؤخرا في خطاب له الرئيس الجديد أن يعمل في إطار مصلحة إيران وليس في مصلحة الخارج، معلنا أنه ليس هناك دوافع لمنح الخارج "امتيازات". واعتبرت هذه التصريحات في إيران بمثابة تعليمات موجهة لروحاني الذي دافع قبلها عن تطبيع للعلاقات مع العالم الغربي".
صحيفة دي فيلت اعتبرت أن الانتخابات الإيرانية ليست انتخابات حقيقية، غير أن فوز المرشح المعتدل الوحيد حسن روحاني يعد مؤشرا واضحا على الحالة السائدة بين أفراد الشعب الإيراني. ولحظت أن كثيرا من الإيرانيين يأملون في حصول تغيير ما، وبهذا الصدد كتبت:
"بعد ثماني سنوات على حكم أحمدي نجاد يُجمع كثير من الناخبين على أنه يجب أن تتغير الأوضاع، إلا أنه سيكون من الصعب على روحاني الاهتمام فعلا بتحقيق رخاء البلاد كما طالب بذلك أنصاره مهللين عقب الانتخابات. فهو يعلن حقا أنه يريد تحسين العلاقات مع الغرب وضمان حقوق مدنية وحرية تعبير أكثر في البلاد. وربما قد تشهد لهجة الحكومة الإيرانية فعلا بعض الليونة، لكن ، وعلى الرغم من أن كبير المفاوضين السابق ملمّ بملف السياسة النووية الإيرانية، فإن الكلمة الأخيرة تبقى هنا على غرار السياسة الخارجية والأمنية في يد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. فالانتخابات تعني بالنسبة إلى هذا الأخير تزكية لشرعية سلطته... ففوز روحاني يمكن أن يوطد سلطة خامنئي، لأن حالة عدم الرضا السائدة لدى الشعب كانت بحاجة ملحة إلى متنفس".
صحيفة برلينر تسايتونغ اعتبرت في تعليقها أنّ حسن روحاني الفائز في الانتخابات الرئاسية الإيرانية ليس في الحقيقة سياسيا معتدلا، بل هو جزء من النظام القائم، وكتبت تقول:
"إنه ممثل خامنئي في مجلس الأمن القومي ويتمتع بثقته. فالرجل البالغ من العمر 64 عاما كان سابقا كبير المفاوضين بشأن الملف النووي الإيراني، لكنه عمل إلى حد الآن خلف الكواليس، وسيرته الذاتية تفاجئ الآن كثير من الإيرانيين، فهو شخصية كبيرة ومحترمة، وكان سابقا من المقربين من مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران آية الله الخميني، ونال تكريما وتقييما ملفتا خلال الحرب ضد العراق حين كان مسؤولا عن سلاح الجو".
صحيفة شتوتغارتر تسايتونغ تناولت بالتعليق قرار الولايات المتحدة الأمريكية تقديم دعم عسكري للمعارضة السورية في حربها ضد الجيش النظامي السوري مشيرة الى أن القرار الأمريكي لن يخدم الشعب السوري، بل سيؤجج الحرب ويتسبب في مزيد من القتلى، وبهذا الاتجاه كتبت:
"دكتاتور دمشق لا يترك شعبه ليموت بالغاز. فالناس يموتون لأن جهات أجنبية متزايدة تدعم القوات السورية. كما أنهم يموتون لأن عددا متزايدا من الأجانب يقدم الدعم للمتمردين السوريين. سوريا تشهد إحدى أعنف حروب الوكالة التي لم تحصل منذ مدة طويلة.
وفي خضم هذا الوضع ، سيقوم الحائز على جائزة نوبل للسلام أوباما بإرسال أسلحة إلى المعارضين المسلحين . ولا يحتاج المرء هنا لمزيد من الكفاءة في استبصار المستقبل للإقرار بأن عدد الموتى سيرتفع. وقد تجاوز عدد الضحايا 93 ألف شخص. أما دوامة العنف فستواصل حركتها بلا هوادة".
صحيفة راين نيكار تسايتونغ تناولت هي الأخرى إعلان الولايات المتحدة تقديم دعم عسكري للمعارضة السورية معتبرة أن سوريا تشهد منذ مدة حربا بالوكالة، وكتبت بهذا الخصوص:
"تشهد سوريا منذ مدة حربا بالوكالة، وهذا سيء للغاية، ولكن عندما ترفع الولايات المتحدة الأمريكية من وتيرة التدخل بتزويدها المتمردين بأسلحة، فيما تتمسك روسيا بمساعدتها العسكرية لصالح الأسد، فإن شيئا واحدا فقط سيترتب على ذلك، وهو أن عددا أكثر من الأشخاص سيلقون حتفهم. وقد تجاوز عدد ضحايا هذه الحرب 90 ألفا . وفي حال ارتفاع عددهم إلى الضعف، فإن هذا البلد العربي لن يشهد الهدوء".
صحيفة برلينر تسايتونغ قارنت الظروف الراهنة التي قررت فيها الولايات المتحدة الأمريكية تقديم مساعدة عسكرية للمعارضة السورية بالظروف السائدة عام 2003 إثر تعليل الرئيس الأمريكي جورج بوش التدخل العسكري في العراق بمزاعم امتلاك صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل ، وقد ثبت بعد التحري أن لا أثر لها ، وتابعت الصحيفة تقول:
"وبعد مرور عشر سنوات تعلل الحكومة الأمريكية مساعداتها المرتقبة بالأسلحة للمتمردين السوريين بحجة مماثلة. قوات الأسد العسكرية استخدمت غازات سامة ضد المقاتلين المعارضين، حسبما أعلن في واشنطن، فيما يصرخ المنتقدون الأوائل للولايات المتحدة ومنذ اللحظة الأولى بأن ذلك ليس إلا كذبا، معتبرين أن إصدار الحكم قد يكون سابقا لأوانه.
الشكوك هنا جائزة، لاسيما وأن المعلومات الأمريكية مستمدة من أجهزة الاستخبارات، لكن هناك نقطتين محوريتين تكشفان أن الوضع اليوم مختلف عما كان عليه قبل عشر سنوات: أولاهما أنّ من المؤكد عدم امتلاك الجيش السوري لأسلحة كيماوية. وثانيهما تنطلق من حقيقة أن باراك أوباما لن يكرر خطأ سلفه. ولكن هذا لا يقدم أي تفسيرات حول ما إذا كان قرار تسليم أسلحة أمريكية صائبا.
ليس هناك نقص في الأسلحة في سوريا، بل هناك نقص في الإرادة لإيجاد حل سياسي، فأوباما سيبدأ بتوريط الولايات المتحدة الأمريكية في نزاع لا يمكن التحكم فيه منذ مدة انطلاقا من الخارج، وهذا لا يعكس برنامجا ذكيا".