صحف ألمانية: "التدخل في أفغانستان قد فشل"
١٥ مارس ٢٠١٢صحيفة برلينر تسايتونغ افتتحت تعليقها بتسليط الضوء على الزيارة الخاطفة التي قامت بها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إلى شمال أفغانستان حيث تفقدت معسكر الجنود الألمان، وعبرت عن شكوكها في القدرة على الوفاء بالموعد المرتقب للانسحاب من أفغانستان، في حين كررت الخارجية الألمانية تشبثها بذلك الموعد. وجاء في تعليق الصحيفة:
"أفق الانسحاب يعد من المفاهيم الهامة النادرة في السياسة الخارجية لغيدو فيسترفيله. فالوزير الألماني من الحزب الليبرالي الديمقراطي يعتبر أن من إنجازاته القيام لأول مرة بتحديد موعد زمني واضح لانسحاب الوحدات الألمانية من أفغانستان. ويقول الوزير في كل مناسبة إن النهاية يجب أن تكون في 2014. المقولة نفسها يرددها وزير الدفاع توماس دي ميزيير الذي يضيف عادة: في حال سمح الوضع الأمني بذلك. في الحقيقة جميع دول قوة حفظ السلام الدولية ايساف سئمت التزامها في أفغانستان. فالتوقعات النبيلة التي ربطتها قبل عقد من الزمن بتدخلها لم يتحقق منها سوى القليل. الوضع في أفغانستان أصبح أحسن مما كان عليه قبل عشر أو عشرين سنة، لكن الفساد والخصومات القبلية والنزاعات الدموية بين مختلف فئات الشعب مستمرة في البلاد.
وعلى هذا الأساس بات أفق الانسحاب أكثر إلحاحا، لأن عدد الحكومات والبرلمانات المستعدة لتحمل التكاليف البشرية والمادية يتضاءل. ومنذ تحديد عام 2014 موعدا للانسحاب ينتاب الكثيرين القلق من أن تلجأ بعض البلدان بدءا بفرنسا إلى سحب قواتها قبل الموعد المتفق عليه".
صحيفة زود دويتشه تسايتونغ كتبت في بداية تعليقها حول آخر التطورات في أفغانستان:
"فيما يخص أفغانستان هناك تشخيصان مهيمنان يمكن إصدارهما عن بعد: فإما الانسحاب من هناك فورا، لأنه لا يمكن رغم كل شيء مساعدة هذا البلد، ولا أحد يستفيد من انتشار الجنود الأجانب، أو يجب الانسحاب في أسرع وقت ممكن، على أبعد تقدير في عام 2014 بشكل يحفظ نسبيا ماء الوجه، ودون التسبب في مزيد من الخسائر. الرسالة المنبثقة عن هذين التصورين الفكريين هي واحدة: التدخل في أفغانستان قد فشل. القضية لن تنتهي في إيجابية، لا يمكن بسط الاستقرار في البلد.
ولم يتبق سوى مجال ضيق لاحتمال ثالث مختلف بعض الشيء بعد اليوم الذي قام فيه جندي أمريكي برتبة رقيب في حالة هيستريا بقتل 16 أفغانيا، بينهم تسعة أطفال. أكان نفذ العملية ببرودة دم، أم كان فاقدا للصواب، ولماذا لم يكتشف أحد ذلك أو يمنعه، كل هذه الأمور تظل ثانوية. بشاعة هذه الجريمة الجماعية تتطلب جوابا حاسما".
صحيفة أوسنابروكر تستيتونغ تقيم في تعليقها التدخل العسكري الألماني في أفغانستان على ضوء الجريمة التي نفذها جندي أمريكي في شمال أفغانستان حيث تسلل ليلا إلى إحدى القرى، وقتل فيها 16 مدنيا أفغانيا، وكتبت تقول:
"الهيجان الهستيري للجندي الأمريكي يبرز فجوات جديدة. ولا تنفع في ذلك حتى اعتذارات الرئيس الأمريكي باراك أوباما والمستشارة أنغيلا ميركل... فميركل لا يمكن لها أن تصحح الأخطاء الإستراتيجية الكثيرة. كما أن دعوة المستشارة لحركة طالبان بإبرام سلام لا تعدو أن تكون أمنية. لكن على الغرب أن يعترف بهزيمته وينسحب. كما أنه لا يجوز منذ الآن صرف أي سنت من ألمانيا لصالح أفغانستان. الفساد والعنف يتفشيان تحت إمرة الرئيس الفاشل حامد كرزاي".
صحيفة تاغستسايتونغ الصادرة في برلين افتتحت تعليقها بتسليط الضوء على الأخطاء أو ما وصف بالاستفزازات المتتالية المرتكبة ضد الأفغان من قبل جنود أجانب، وكتبت تقول:
"الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي أدركا أنه لا يمكن حسم النزاع عسكريا في أفغانستان. ولذلك يريدان قريبا ترك القتال للأفغان أنفسهم. ومن المتوقع سحب آخر وحدات الحلف الأطلسي في 2014 من أفغانستان. والمخطط له هنا هو انسحاب بمسؤولية يحفظ ماء الوجه. غير أن الأحداث الأخيرة تفضح الهزيمة وتضعف فرص السلام".
وتابعت الصحيفة في تحليلها لآفاق الوضع في أفغانستان، وكتبت تقول:
"هذا يضعف الموقع التفاوضي للحكومة الأفغانية وحلف شمال الأطلسي أمام طالبان. لأنه كلما فقدت وحدات الحلف الأطلسي مصداقيتها في عيون الأفغان، وكلما زادت في أفغانستان، وفي دول الحلف الأطلسي وتيرة المطالب بالانسحاب، كلما ضعفت قوة الضغط على طالبان للدخول في مفاوضات وتقديم تنازلات جوهرية. وهذا يزيد بدوره من احتمالات تفجر حرب أهلية بعد 2014، إضافة إلى تحقيق طالبان الانتصار. فمخططات الحلف الأطلسي للانسحاب وللفترة ما بعده تبدو أكثر فأكثر غير واقعية".
إعداد: م أ م
مراجعة: أحمد حسو