1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

سيناريوهات ما بعد سقوط الأسد.. أي مستقبل ينتظر سوريا؟

١٠ ديسمبر ٢٠٢٤

مهد سقوط بشار الأسد ونظامه الديكتاتوري إلى بداية جديدة لسوريا، لكن هذه البداية لم تتكشف ملامحها بعد، لأن ذلك يعتمد على العديد من العوامل والأطراف، منها داخلية وخارجية. فأي مستقبل ينتظر سوريا بحسب آراء محللين وخبراء؟

https://p.dw.com/p/4nv9R
سوري يحاول تمزيق صورة الأسد
تساؤلات عديدة حول مستقبل سوريا بعد سقوط الأسدصورة من: Mohammed Al-Rifai/AFP/Getty Images

كشفت وكالات الأنباء الروسية أن الرئيس السوري السابق  بشار الأسد  متواجد حالياً في موسكو. وذكرت وكالتي أنباء "تاس" و"ريا نوفوستي" الروسيتين الرسميتين الأحد (الثامن من ديسمبر/ كانون الأول)، نقلاً عن مصدر في  الكرملين، أن  روسيا4  منحته وعائلته  حق اللجوء  بناء على "اعتبارات إنسانية".

وبحسب  المرصد السوري لحقوق الإنسان  فقد غادر الأسد  دمشق  على متن طائرة خاصة حوالي الساعة العاشرة من مساء السبت (السابع من ديسمبر/ كانون الأول). وأكدت الدوائر العسكرية السورية هذا التقرير حول مغادرة الأسد البلاد بالطائرة.

من جانبه أعلن رئيس الوزراء السوري الحالي، محمد الجلالي، أنه لم يعد على اتصال بالرئيس السوري الفار، بشار الأسد. كما تم توثيق صحة خبر مغادرته من خلال العديد من التسجيلات ومقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي التي تظهر اقتحام مواطنين قصر الدكتاتور المخلوع ولحظات احتفالهم.

وفي هذه الأثناء، تطرح تساؤلات عديدة حول ما سيحدث بعد ذلك في  سوريا. وفي هذا الصدد أصدر اتحاد "هيئة تحرير الشام" الإسلامي بيانه الأول صباح الأحد: "إلى النازحين من كل أنحاء العالم، سوريا الحرة تنتظركم". وتظهر الصور المنتشرة على الإنترنت تحرير العديد من السجناء من سجون النظام، بما في ذلك سجن صيدنايا سيئ الصيت شمال دمشق، حيث تعرض الآلاف من معارضي النظام للتعذيب والقتل.

قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني
مع بدء هجوم المعارضة أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، انتقل الجولاني من خطاب إسلامي متطرف إلى نوع من الاعتدالصورة من: OMAR HAJ KADOUR/AFP/Getty Images

إسلاميون معتدلون؟

ولكن التساؤل الملح حالياً هو إلى أي مدى أصبحت سوريا حرة الآن حقا؟ التركيز ينصب في المقام الأول على زعيم ميليشيا "هيئة تحرير الشام" الإسلامية (النصرة سابقاً) أبو محمد الجولاني الذي يسيطر الآن إلى حد كبير على البلاد. فكيف يتصور الجولاني مستقبل سوريا؟

هناك تقييمات مختلفة لهذا التصور. فقد شهدت "هيئة تحرير الشام" تطوراً طويل الأمد، حسبما أوضح الخبير في الشأن السوري، أندريه بانك، من المعهد الألماني للدراسات الدولية والإقليمية في هامبورغ (GIGA) لـ DW. "لقد نأى الجولاني بنفسه عن تنظيم القاعدة منذ سنوات. كما يعد أيضاً معارضا للتنظيم. ما يعني أنه ليس في مهمة ضد الغرب، بل يركز على سوريا. ويمكن تصور أنه يعمل الآن من أجل نظام سلفي". الجولاني نفسه أرسل إشارات على أنه يسير في اتجاه الاعتدال. وخلال الهجوم على حلب، دعا إلى الحرص على المسيحيين والأقليات.

شباب سوريون في مدينة حماة يوم  ديسمبر7 / كانون الأول
شباب سوريون يقفون فوق تمثال لحافظ الأسد والد بشار الأسد في مدينة حماةصورة من: IMAGO/ZUMA Press Wire

وسبق للجولاني أن أوضح في مقابلة له مع قناة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، أنه يسعى إلى بناء مؤسسات دولة تتضمن كافة فئات المجتمع في البلاد. وفي هذا الصدد يوضح جيمس دورسي، الخبير في الشأن السوري من معهد الشرق الأوسط في واشنطن لـ DW إن حقيقة عدم وقوع أعمال عنف ضد الأقليات حتى الآن هي "علامة تبعث على الأمل."

غير أن السفير الألماني السابق في دمشق أندرياس راينيكه يبدو أكثر تشككاً، فهو يرى أن أيديولوجية تنظيم القاعدة لا تزال متجذرة في "هيئة تحرير الشام". وأضاف لوكالة الأنباء الكاثوليكية (ك.ن.أ) أن مستقبل الأقليات المسيحية والكردية في سوريا معرض للخطر.

دور الجيش الوطني السوري

إلى جانب "هيئة تحرير الشام"، تقاتل مجموعات أخرى لها نفوذ في سوريا، ومنها  الجيش الوطني السوري  الذي كان تحت مظلة  الجيش السوري الحر، وهو مجموعة من الميليشيات تقاتل ضد الأسد بعد بدء الانتفاضة السورية في عام 2011، ولها صلة كبيرة بتركيا.

وقد وُجهت اتهامات متكررة للجيش الوطني السوري بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وكذلك جرائم تعذيب ضد  الأكراد. ولكن في الوقت نفسه، يوجد أيضاً آليات ضمن المجموعة تهدف إلى منع ارتكاب مثل هذه الجرائم، حسبما قال الخبير في الشأن السوري عمر أوزكيزيلجيك من مركز أبحاث المجلس الأطلسي للمجلة المختصة بالشرق الأوسط" ميدل إيست آي".


الأمر يعتمد الآن على القوى التي ستبسط نفوذها داخل الجيش الوطني السوري وعلاقتها بهيئة تحرير الشام التي يُنظر لها على الأغلب على أنها علاقة منافسة. لكن الميليشيات المناهضة للأسد في جنوب البلاد تلعب دوراً أيضاً في هذا كله. والشيء الوحيد الذي يربطهم بهيئة تحرير الشام هو معارضتهم للديكتاتور المخلوع. لكن من الناحية الأيديولوجية، تختلف هذه الجماعات ذات التوجه العلماني بشكل كبير عن الإسلاميين. وفي الشمال، سيحاول الأكراد فرض أنفسهم ضد الجيش الوطني السوري وتركيا  التي تقف خلفه. وهذا الصراع أيضاً ينطوي على احتمالات كبيرة لاندلاع العنف.

دور روسيا وإيران وتركيا

اللاعبون الدوليون في الساحة لهم دور مهم للغاية في تحديد مستقبل سوريا/ وأبرزهم تركيا التي يرجح أن تكتسب تركيا نفوذاً كبيراً، كما يعتقد جيمس دورسي إنها من المحتمل أن تكون "صانعة الملوك" في سوريا والبناء على حكومة ذات تأثير إسلامي. لكنه يرى أيضاً تحديات تواجه أنقرة وتتمثل في "الصراع المحتمل مع الأكراد وجهود اللامركزية التي تبذلها هيئة تحرير الشام".

أما الخاسر الأكبر من سقوط النظام هي  إيران، حسب رأيه. بالرغم من أنها حاربت إلى جانب الأسد ضد المتمردين لسنوات وساهمت بشكل كبير في انتصاره. وقد مكّن ذلك طهران من ترسيخ وجودها عسكرياً في سوريا، وكانت فرصة مثالية للنظام في طهران للاقتراب من حدود إسرائيل وفي الوقت نفسه تزويد حزب الله التابع له والموجه أيضاً ضد إسرائيل، بالأسلحة. لكن الأيام الماضية شهدت انسحاب كل من إيران وحزب الله من سوريا.

وتعتبر دول عديدة حزب الله، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية من بينها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كمنظمة إرهابية.

في هذا السياق يوضح ماركوس شنايدر، مدير مشروع "السلام والأمن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" من مؤسسة "فريدريش إيبرت" لـ DW إن سقوط نظام الأسد من المرجح أن تكون له تداعيات على مصداقية إيران داخل ما يعرف بـ "محور المقاومة" برمته.

السفارة الإيرانية فسي دمشق في 8 ديسمبر/ كانون الأول
السفارة الإيرانية في دمشق خلال اقتحامها من قبل سوريين صورة من: OMAR HAJ KADOUR/AFP/Getty Images

لهذا السبب يرى شنايدر في هزيمة  طهران بسوريا تكرار سيناريو مماثل لهزيمة السوفييت في أفغانستان. ويمكن أن تبشر أيضا بنهاية النظام الإسلامي في طهران نفسها.

كما تأثرت روسيا، التي تدعم نظام الأسد في الحرب ضد المتمردين منذ عام 2015. وفي المقابل، أمّن الكرملين قاعدة بحرية قرب طرطوس وقاعدة حميميم الجوية قرب اللاذقية على ساحل البحر الأبيض المتوسط والتي سيعمل على حمايتها تحت جميع الظروف. "الأمر الذي قد يقود المنطقة إلى مزيد من العنف"، كما يقول شنايدر.

أعدته للعربية: إيمان ملوك

 

DW Kommentarbild | Autor Kersten Knipp
كيرستن كنيب محرر سياسي يركز على شؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا