سوريا: انتخابات رئاسية وسط حرب أهلية دامية
٢ يونيو ٢٠١٤يعرض التلفزيون الرسمي السوري إعلانا انتخابيا: موسيقى حزينة ودبابات عسكرية تجوب الحقول والتلال، رجال بزي عسكري يحملون رشاشات آلية، يتجولون في مساحات شاسعة. الجنود يدعون المشاهدين للتوجه إلى صناديق الاقتراع، مرددين شعار: "صوتك هو سلاحك، سندافع عن قرارك، فلنذهب جميعا للتصويت ..". هذا هو المشهد الدرامي الذي يصوّره الإعلان من أجل دفع السوريين للمشاركة في الانتخابات الرئاسية السورية.
المعارضة خارج اللعبة السياسية
لأول مرة منذ أكثر من خمسين عاما تشهد سوريا انتخابات رئاسية يتنافس فيها أكثر من مرشح واحد. بالإضافة إلى ذلك ينص القانون الانتخابي الجديد على أن يكون المرشح عاش عشر سنوات متتالية في سوريا، ولم يصدر بحقه حكما من محكمة سورية، وأن يحصل على دعم 23 من أعضاء البرلمان على الأقل. وهو قانون يقصي المعارضة، التي يعيش معظمها في الخارج من المشاركة في هذه الانتخابات. وبما أن مجموعات الثوار رفضت هذه الانتخابات، فوحدهم السوريون الذين يقيمون في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، سيكون بإمكانهم المشاركة، وهو ما يستثني ملايين اللاجئين السوريين سواء داخل سوريا أو خارجها. كما أن كثيرين يتساءلون عن جدوى الذهاب للاقتراع إذا ما كانت النتيجة محسومة مسبقا لصالح الأسد، رغم ترشح رجل الأعمال والنائب السابق حسن النوري، والنائب ماهر الحجار من الحزب الشيوعي القريب من النظام.
دعاية إعلامية زائفة
تجري الحملة الانتخابية أساسا في وسائل الإعلام الحكومية، ففي استطلاع أجرته وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا في شوارع دمشق يعبر المارة عن حماسهم وتعطشهم للمشاركة في الانتخابات المقبلة. وكثيرون منهم يتحدثون عن خطوة ديمقراطية تستجيب لحرية الشعب وإرادته وتطلعاته، كما تقول إحدى النساء، مضيفة: "أريد الرئيس الذي يجلب لسوريا الأمن ويتمسك بالثوابت الوطنية والقومية لسوريا. لأن سوريا للجميع".
حرب الأسد ضد " الإرهاب"
وسائل الإعلام الحكومية تشدد على أن التحضيرات للانتخابات جارية على قدم وساق، حيث يقوم رؤساء مراكز الاقتراع بأداء اليمين ورئيس اللجنة الانتخابية العليا يؤكد لوكالة الأنباء السورية الرسمية سانا، بأن اللجنة الانتخابية ستكون مستقلة ولن يسمح لأي من المرشحين التأثير على نتيجة الانتخابات. هذا في الوقت الذي تعرض فيه لقاءات بشار الأسد باستمرار على شاشة التلفزيون الرسمي، مثل لقائه مع أقارب الجنود الذين سقطوا من الجيش السوري. الصوّر تظهره مبتهجا برفقة زوجته، التي تستمتع بهتافات الأسر السورية. فالجيش السوري يقود حربا بطولية ضد الإرهابيين، حسب الموقف الرسمي للرئيس الأسد ونظامه.
حرب أهلية دامية
ولكن حتى الآن لم يتضح، كيف ستكون مجريات الانتخابات الرئاسية في بلد يعيش حربا أهلية دامية. فوفقا لأرقام الأمم المتحدة، فإن 40 في المائة من السوريين هربوا خارج البلاد. ثلاثة ملايين منهم يعيشون في مخيمات اللجوء بالبلدان المجاورة كالأردن ولبنان، في حين أن حوالي 6.5 مليون سوري مشردون داخل بلدهم. علاوة على ذلك فإن الحرب الأهلية حصدت حتى الآن أكثر من مائة وخمسين ألف قتيل. هذا بالإضافة إلى انقسام البلاد، إذ تسيطر فصائل المعارضة المسلحة والأحزاب الكردية على عدة مناطق شمال وشرق البلاد. في حين يحتدم الصراع بين المعارضة والنظام على مدينة حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا.
ويعتقد مراقبون أن السوريين، في المناطق التي يسيطر عليها النظام، سوف يذهبون للإدلاء بأصواتهم. وستسير الأمور كما كانت عليه في الانتخابات السابقة في سوريا قبل اندلاع الثورة وسيشمل ذلك خاصة الطلاب وموظفي الدولة، الذين سيضطرون للتوجه إلى صناديق الاقتراع.
ويصف الائتلاف الوطني السوري الذي يضم أطياف مختلفة من المعارضة والثوار هذه الانتخابات بالمهزلة، وأعلن في بيان أن "نظام الأسد لم يسبق له أن اُنتخب أبدا، وهو مسؤول عن دكتاتورية عائلية دامت أربعة وأربعين عاما".