سلوكيات الاستهلاك في ألمانيا: بين الصورة النمطية والواقع
٤ أكتوبر ٢٠١٣يتميز الشعب الألماني بالتزامه بدقة المواعيد، وحسن تنظيمه، وحفاظه على البيئة، وقد يفتقد لروح الفكاهة لكنه شغوف بشرب البيرة ويعشق ارتداء الجوارب تحت الصندل في عطلته – هكذا يجري تصوير الألماني النمطي حسب بعض الأفكار المسبقة المنتشرة. لكن ما هي طبيعة حياته الفعلية؟ ما الذي يأكله؟ وكيف يفكر؟ وما الذي يستهلكه بالفعل؟
لقد حاولت دراسة Wissen, wie Deutschland lebt المعنية بطريقة العيش في ألمانيا إيجاد أجوبة على هذه الأسئلة، وتسعى الدراسة إلى تقديم صورة واقعية عن المجتمع الألماني. لم تدلِ الدراسة بأي معلومة عن ميول الألمان فيما يخص ارتداء الأحذية أو الصنادل خلال العُطَل، لكنها تفيد بأن الألمان يفضلون الملابس المريحة، فقد صرح 31.4 بالمائة من المشاركين في استبيان الرأي بأن ذلك ينطبق "إلى حد كبير" على ما يرونه، فيما أدلى ما يقارب نصف الألمان المشاركين (45.2 في المائة) بأنهم غير مستعدين لإنفاق أكثر من مائة يورو لاقتناء حذاء جديد.
معلومات مفيدة لقطاع التسويق
هل سنقترب من معرفة طبيعة الشعب الألماني بهذه الطريقة؟ سؤال قد لا يهم دور النشر الألمانية العظمى Axel Springer و Bauer Media Group وGruner + Jahr و Hubert Burda Media التي كَلَفَت بإجراء هذه الدراسة وذلك بهدف واضح، يشرحه السيد هارتموت كراوزه زولبيرغ المسؤول عن متابعة الدراسة لصالح دار Springer-Verlag للنشر: "إن نتائج الدراسة ممتازة وستمكننا من نشر الإعلانات والوصول للفئات المعنية بشكل جيد. وبذلك يكون الهدف الرئيسي من الدراسة قد تحقق".
وبالفعل جرى تقديم بعض الحقائق المثيرة لممثلي قطاع الإعلانات، إذ تفيد الدراسة بوجود فرق شاسع بين الأفكار والمبادئ من ناحية وبين التصرفات الفعلية من ناحية أخرى، حيث تشير الدراسة إلى تقارب مستوى الاهتمام بالبيئة ونظافتها بين أصحاب سيارات الـSUV Sport Utility Vehicles عالية الاستهلاك وبين أصحاب السيارات المجهزة بمحرك كهربائي، كما أدلى 44 في المائة من المشاركين الذين يترددون لعدد من المرات في الأسبوع على مطاعم الوجبات السريعة بأنهم يحرصون على صحتهم.
الرؤية الذاتية
ما هي رؤية الألمان لأنفسهم؟ تقول دراسة أخرى كلفت بها إحدى الشركات الكبيرة المصنعة للبيرة بأن 35 في المائة من الألمان يعتبر نفسه "ألمانياً نمطياً"، وبأن بقية المشاركين في الاستبيان غير واثقين من الجواب، حتى أن 73 في المائة من المشاركين صرح بأن " الألمان لا يتسمون بالصدق ودقة المواعيد والأمانة حسبما تقول صورتهم النمطية".
وقد كشفت الدراسة عن حقائق أخرى، منها أن استهلاك البيرة في ألمانيا في تراجع مستمر منذ سنوات، لكن ألمانيا لا تزال تحتل المركز الثالث في قائمة استهلاك البيرة السنوي للفرد بعد التشيك والنمسا.
الضحك مقابل روح الفكاهة
لم تُعنى الدراسة بموضوع روح الفكاهة التي يقال أنها ناقصة لدى الألمان، لكن دراسة أخرى أجراها ريتشارد وايزمان من جامعة Hertfordshire قبل عشر سنوات تمعنت في روح الفكاهة لدى شعوب مختلفة، وأفادت الدراسة بأن المشاركين الألمان هم الأكثر تفاعلاً مع النكت المطروحة عليهم، لكن وايزمان يضيف بأن الألمان أعجبوا بالنكت الجيدة والسيئة على حد سيان، الأمر الذي فسره وايزمان بعدم تبلور حس الفكاهة بشكل جيد لدى الألمان وبكونهم لا ينتقون بشكل دقيق ما قد يعتبرونه مضحكاً.
وقد حاول السياسيون الألمان تقديم بعض النكت في سياقات مختلفة، فروى نائب المستشارة الألمانية السيد فيليب روسلر في بداية حقبة حكم الحكومة الحالية النكتة التالية عن مديرته: "صدرت لعبة باربي جديدة، مصنعة على هيئة أنغيلا ميركل، وثمنها 300 يورو. اللعبة نفسها بعشرين يورو، لكن الأربعين بدلة هي التي قد تثقل الميزانية".