زيارة البابا للبحرين.. رسالة سلام وحوار وتعايش
٣ نوفمبر ٢٠٢٢قبل بدءالبابا فرانسيس، زيارته للبحرين اليوم الخميس (الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر) أعطاها ما يشبه العنوان بقوله إنها "زيارة من أجل الحوار". وفي قداس مفتوح أقامه يوم الثلاثاء أشار البابا إلى الحوار مع المسلمين، وقال إنه في زيارته الـ 39 إلى الخارج سيجتمع "مع الكثيرين من ممثلي الأديان وخاصة المسلمين منهم". ويتعلق الأمر بالنسبة إليه بالسلام حيث العالم بأمس الحاجة إليه .
ومن المعروف أن كل زيارات بابا الفاتيكان إلى الخارج متعلقة بالكاثوليك في البلد الذي يزوره، وفي البحرين هم المهاجرون والعمال الوافدون من دول أسيوية. واللافت في زيارة البابا إلى البحرين أنه سيشارك في "ملتقى البحرين للحوار- الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني"، والذي يُعقد تزامنا مع زيارته.
من كازاخستان إلى البحرين
ومثل زيارته لكازاخستان أواسط شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، تأتي زيارة البابا للبحرين ضمن نفس السياق، حيث يزور بلدا مسلما فيه جالية مسيحية صغيرة. وخلال زيارته إلى كازاخستان، التي تقع وسط آسيا بين الصين وروسيا، تم الحديث كثيرا عن إمكانية لقاء البابا فرانسيس مع رأس الكنيسة الروسية الأرثوذكسية البطريرك كيريل، وهو ما لم يحدث. وليس هناك مكان يمكن أن يقترب فيه البابا من السعودية، مثل البحرين.
وما لا يثير الاهتمام في أوروبا هو أنه في كازخستان والبحرين، يتطور حوار الأديان. ففي كازخستان شارك البابا في "المؤتمر العالمي للأديان"، وفي البحرين سيشارك في ملتقى البحرين للحوار. وفي أواخر أيار/ مايو الماضي تم عقد مؤتمر في البحرين بمشاركة العديد من ممثلي الأديان في دول الاتحاد الأوروبي، حول قضية الحرية الدينية وتعايش الأديان. وتجدر الإشارة إلى أن العديد من الحاخامات اليهود ورجال الدين المسيحي شاركوا في المؤتمر.
أقرب مكان إلى السعودية!
في حوار مع DW قال فيليكس كورنر، أحد أهم الخبراء بالشأن الإسلامي، في الكنيسة الكاثوليكية، إن البابا يقوم بزيارة "بلد مثير للاهتمام" لأن هذا البلد "كثيرا ما يقوم بوظيفة الجسر". فهول قبل كل شيء يقع بين إيران الشيعية والسعودية السنية. وثلث سكان البحرين بما في ذلك العائلة المالكة من السنة، فيما يشكل الشيعة أغلبية السكان، "وفي ظل مثل هذه التوترات، يمكن للبابا أن يدعو إلى النظر للآخر كأخ وأخت".
واللافت أن البابا منذ شباط/ فبراير عام 2019 دائما يلجأ إلى العالم الإسلامي. فحين ذاك، كان أول حبر أعظم يقوم بزيارة إلى دولة الإمارات العربية المتحدةووقع مع شيخ الأزهر، أحمد الطيب على وثيقة أساسية حول أخوة كل البشر. ومنذ ذلك الحين تتكرر لقاءات البابا وشيخ الأزهر أو يتحدثان هاتفيا مع بعضهما.
وبعد زيارته للإمارات عام 2019 بأسابيع، قام البابا بزيارة المغرب، وبعد ذلك بعام كان أول حبر أعظم يزور العراق، حيث التقى خلال الزيارة المرجع الشيعي الأعلى أية الله العظمى علي السيستاني أيضا.
وضع حقوق الإنسان ليس على ما يرام!
مثلما الإمارات تتبع البحرين أيضا سياسة دينية متسامحة نسبيا، حيث هناك كنائس للمسيحيين وكنس لليهود ومعابد لأتباع الديانات الأخرى. وفي عاصمة البحرين المنامة، تم افتتاح أكبر كنسية كاثوليكية في شبه الجزيرة العربية أواخر العام الماضي 2021.
ورغم هذا الانفتاح المحدود على الأديان، ينتقد المدافعون عن حقوق الإنسان، قيادة البلاد. ففي عام 2011 تم قمع انتفاضة شهدتها البحرينضمن موجة ما يسمى " الربيع العربي " بعنف شديد ودموية. وقبيل زيارة البابا ناشدته عوائل المعتقلين المحكومين بالإعدام، التدخل لإنقاذ حياتهم والإفراج عنهم، لكن ليس معروفا بعد فيما إذا كان البابا سيطرح هذه القضية خلال زيارته أم لا.
وفي جميع الاجتماعات الرسمية والخطب العامة، سنرى كيف سيتحرك البابا ويتحدث خارج الحدود الضيقة للأسرة الحاكمة، "حيث يمكن الاستماع بهدوء إلى صدى هذه الزيارة في السعودية أيضا"، يقول الخبير بشؤون الإسلام، فيليكس كورنر أستاذ علم اللاهوت بجامعة هومبولت في برلين. وبالتأكيد سيجد البابا أنه أمر "مثير وجذاب ومهم" أن يقوم بزيارة السعودية التي تعتبر "شريك حوار. والبابا يريد أن يعمق صداقته مع شيخ الأزهر وجذب قادة مسلمين آخرين إلى دائرة أصدقائه الحميمين" وسيخصص البابا وقتا لذلك خلال زيارته التي تدوم أربعة أيام. ومدرج على جدول أعمال الزيارة لقاء البابا مع مجلس حكماء المسلمين الذي يضم شخصيات تعمل من أجل الحوار واحترام الأديان.
وقبل أسبوع كان أمين عام رابطة العالم الإسلامي، الدكتور محمد العيسى، في روما، والذي استقبل البابا عام 2017، ولم يكشف النقاب عما إذا كان قد زار الفاتيكان أيضا خلال تواجده في روما.
"ممثل كل المؤمنين"
يرى أستاذ علم اللاهوت، فيليكس كورنر، من خلال محادثاته الخاصة أن الدور الذي يلعبه البابا يتجاوز المحيط الكنسي. فالكثير من المسلمين يشعرون "بقرب كبير" من البابا وينظرون إليه "على أنه شخص عظيم". شخص يمثل حقيقةً "الإيمان ببساطته وجو الاحترام المتبادل".
والمسلمون الذين يعرفونه يرون ذلك "مثالا يحتذى". فالمسألة لا تتعلق بالحبر الأعظم رأس الكنسية الكاثوليكية، وإنما بممثل لجميع المؤمنين، بمن فيهم المسلمين. وهذا يتناسب مع نهج البابا فرنسيس، كما يرى كورنر. والأمر بالنسبة إليه لا يتعلق بالمصطلحات اللاهوتية، وإنما "أن يتقرب الجميع من الرب".
كريستوف شتراك/ ع.ج