رعاية المسنين في ألمانيا – ممرضات يعملن 24 ساعة يوميا
١٨ مارس ٢٠١٤يُشغِّل عشرات آلاف الألمان في بيوتهم نساء من دول شرق أوربا، حيث تونط إليهم مهمة رعاية الأقارب المسنين والمرضى منهم. ولا تعمل هؤلاء النساء الأجنبيات في بيوت المعنيين فقط، وإنما يقطنون فيها في حالات كثيرة. ويعني ذلك أنه يتم الاعتماد عليهن لمدة 24 ساعة يوميا. ورغم أن أغلب الممرضات يأتين من بولندا، إلا أن عددا كبيرا منهن ينحدر من رومانيا وبلغاريا وكرواتيا وأوكرانيا وغيرها من الدول الأوربية الشرقية أيضا.
وتجدر الإشارة إلى أنه لا تتوفر معلومات دقيقة حول عدد هؤلاء النساء العاملات في مثل هذه الظروف، فهن يعملن في حالات كثيرة بشكل غير قانوني أو شبه قانوني. ويقدر عددهن بين 100 ألف و150 ألف مرأة. إلا أن بعض الخبراء يتحدثون عن نصف مليون، كما تقول عالمة الاجتماع البولندية الدكتورة أغنيزكا ساتولا المتخرجة من جامعة فرانكفورت الألمانية.
رعاية لمدة 24 ساعة يوميا
خلال أبحاثها الدراسية أجرت أغنيزكا ساتولا مقابلات مع أكثر من 50 مرأة حصلن على عملهن في ألمانيا بدون مساعدة من جهة ثالثة وذكرت "أنهن يعملن في إطار نظام التناوب، أي أن عدة نساء يتولين مهمة العناية بشخص واحد ويتناوبن أسبوعياعلى القيام بذلك"، كما تلاحظ عالمة الاجتماع في حديث مع DW
ومقابل عملها هذا تحصل الممرضة الأجنبية في هذا القطاع على مبلغ يتراوح بين 900 و1500 يورو شهريا. غير أنها لا تدفع مصاريف مقابل الأكل والسكن. وبالنظر الى سعر مثل هذه الخدمات في ألمانيا و التي تتأرجح عادة في مستوى 4800 يورو وعشرة آلاف يورو شهريا، فإن أغلب الأسر المعنية لاتستطيع دفع مثل هذه المبالغ العالية الى مثل شركات التمريض هذه، في حين لاتساهم شركات التأمين الحكومية الخاصة بالتمريض إلا بمبلغ 1550 يورو فقط.
طلب كبير على ممرضات أجنبيات
في ألمانيا تحصل الأسر التي تقوم بتمريض أفرادها المسنين والمرضى بنفسها على مبلغ أقصاه 700 يورو شهريا، من شركة التأمين الخاصة بالتمريض. وقد أدى ذلك منذ إدخال التأمين الخاص برعاية المسنين عام 1995 إلى زيادة الطلب على الممرضات بشكل ملموس، حتى وإن كن غير محترفات. حاليا توجد عشرات الوكالات الخاصة التي تتوسط في البحث عن ممرضات أجنبيات للعمل داخل أسر ألمانية ورعاية المسنين فيها.
تكمن إحدى المشاكل المتعلقة بعمل الممرضات الأجنبيات في أنهن يخدمن المسنين والمرضى منهم ليلا ونهارا. ويشكل هذا الوضع انتهاكا للأحكام القانونية التي تنص على ألا تتعدى ساعات العمل 300 ساعة في الشهر، علما أن عمل هؤلاء الممرضات يتطلب عناءا جسديا كبيرا، خصوصا بالنسبة للممرضات في الخمسين أو الستين من العمر.
عمل صعب نفسيا وجسديا
وتؤكد الدكتورة أغنيزكا ساتولا أن هذا " هو الجيل الذي ذهب ضحية بسبب التحولات في بولندا"، مشيرة إلى أن عددا كبيرا من المواطنين في هذا الجيل أصبحوا عاطلين عن العمل أو لا يستطيعون تمويل حياتهم اليومية من مبالغ معاشاتهم التقاعدية المتدنية في بولندا. وتضيف عالمة الاجتماع أن الممرضات يعشن في بيوت المسنين المرضي في عزلة كاملة، "إذ إنهن يعشن في حالات كثيرة ولعدة أسابيع أو أشهر مع أشخاص لا يمكن الحديث معهم " خصوصا بسبب المعرفة اللغوية المحدودة أو بسبب إصابة المرضى المعنيين بالخرف أو غير ذلك من الأمراض.
ولذلك تطالب ساتولا بتقديم المزيد من المساعدات إلى الممرضات الأجنبيات، بما في ذلك توسيع عملية مراقبة ظروف عملهن وإتاحة الفرص لهن من خلال المشاركة في دورات تأهيلية طبية وسيكولوجية أو في دورات لتعلم اللغة وتنظيم العمل، ويعني ذلك "أن تقوم ممرضتان بالعناية بشخص واحد بالتناوب وبانتظام "لأن مثل هذا النظام الثنائي قد يخفف من الأعباء الجسدية والنفسية للممرضات"، حسب عالمة الاجتماع.