خطط بناء المساجد في أوروبا تواجه احتجاجات يمينية
١٤ أغسطس ٢٠٠٧مشاريع بناء مساجد كبيرة في أوروبا بحاجة إلى أعوام من التخطيط. ومن خلال هذه العملية يتعرف زعماء الجاليات الإسلامية ومسئولو المدينة على بعضهم البعض بشكل أفضل وينتهي الأمر بمعظم رؤساء البلديات بدعم مثل هذه المشاريع التي تساعد على اندماج الأقليات الجديدة. ولكن السكان والنشطاء اليمينيين المتطرفين وفي بعض الاحيان ينضم اليهم زعماء مسيحيون بدأوا في الاونة الاخيرة يتحدثون ضد هذه المشاريع اذا أصبح واضحا أن سيكون هناك مسجد بجوارهم قريبا.
رايم سبيلهاوس الخبيرة في الشؤون الإسلامية بأوروبا في جامعة هامبولدت ببرلين قالت "عملية بناء مسجد ترصد التغيرات التي طرأت على المجتمع، انها تعيد فتح النقاش حول ما إذا كانت هذه التغيرات جيدة." وأضافت: "ولكن نادرا ما تجرى مناقشة ذلك صراحة فالنزاعات بشأن المساجد تركز على قضايا أخرى مثل الإرهاب ودور النساء أو ما إذا كانت هناك أماكن متاحة لتوقف السيارات."
ويذهب بعض المعارضين لبناء المساجد في البلدان الأوروبية إلى القول بضرورة المعاملة بالمثل، حيث أنه مادام لا يسمح ببناء الكنائس والمعابد في بعض الدول الإسلامية فإن حظر بناء المساجد في الدول الغربية مبررا من وجهة نظرهم. غير أن الكثير من المراقبين يرون أن مبدأ المعاملة بالمثل ليس منطقيا في مثل هذه الحالات. فالمسلمين الذين هم جزأ لا يتجزأ من مجتمعاتهم الغربية يعيشون في دول ديمقراطية تكفل دساتيرها مبدأ حرية العبادة قولا وفعلا وبالتالي لا يجب مقارنتها بالدول الديكتاتورية المتسلطة. لكن بصرف النظر عن مدى منطقية الحجج التي يستند إليها معارضو بناء المساجد فإن الظاهرة المتكررة هي استغلال الجماعات المتطرفة والأحزاب اليمينية المعادية للأجانب المخاوف الأمنية لتعبئة الناس ضد المسلمين وحشد المعارضة لبناء المساجد.
العزف على وتر الاندماج لمعارضة بناء المساجد
ففي مدينة كولونيا احتدم الجدل حول مشكلة اندماج المسلمين في المجتمع متزامنا مع إطلاق مشروع لبناء مسجد ضخم في هذه المدينة. فرغم موافقة جميع الأحزاب السياسية تقريبا على مشروع المسجد ورغم تأكيد عمدة الحي الذي سيبنى فيه المسجد على أحقية 120 ألف مسلم يعيشون في كولونيا في أن يكون لهم مكانا يصلون فيه، فقد حاولت مجموعة يمينية متطرفة ومعادية للأجانب تطلق على نفسها "من أجل كولونيا" حشد السكان ضد مشروع المسجد. ووصف زعيم هذه المجموعة مانفريد روهس المسجد بأنه "يكرس النظام الإسلامي ويساهم في خلق مجتمع موازي ويقوي سلطة الإمام الذي سيكون قادرا على فرض الشريعة". في هذا السياق قال بكر ألبوجا من الاتحاد الاسلامي التركي في كولونيا ان بعض المنتقدين الذين يرون هذه المساجد الكبيرة كاشارات على الانفصالية أو الاستعمار الاسلامي لاوروبا لا ينظرون للامر بشكل صحيح. وتابع "رغبة المسلمين في بناء دور للعبادة تعني أنهم يريدون أن يشعروا أنهم في وطنهم ويعيشون في وئام مع دينهم في مجتمع تقبلوه كمجتمع لهم."
وقد يبدو غريبا أن حيزا من الجدل الذي دار كان حول طول مأذنة المسجد إلى حد أن الجهة المتبنية للمشروع قررت تخفيض طول المأذنة من 55 إلى 50 مترا، وهو الأمر الذي سارع عمدة مدينة كولونيا فريتس شراما إلى الترحيب به. وربما هدأ هذا الأمر مخاوف البعض كالكردينال الكاثولكي يواكيم مايزنر الذي قال انه "يشعر بالقلق، لأن المسجد سيعطي المدينة صورة مختلفة".
وفي منطقة بانكو الواقعة شرق العاصمة برلين حدثت اشتباكات مؤخرا بين مؤيدي ومعارضي مشروع بناء مسجد، وكعادتها انضمت جماعات النازيين الجدد إلى الاحتجاجات، حيث أشعلت النيران في شاحنة عند موقع البناء في مارس/ آذار.
الخوف من الإرهاب مبرر أخر
صعوبات بناء مساجد لا تقتصر فقط على ألمانيا، ففي بريطانيا احتدم الجدل مؤخرا حول مشروع بناء مسجد بالقرب من المكان الذي ستقام فيه دورة الألعاب الأولمبية عام 2012م في لندن، حيث وقع حوالي 275 ألف على التماس أرسل إلى موقع رئيس الحكومة البريطانية جوردون براون على الإنترنت. ويقول منتقدو بناء المسجد الكبير في لندن إن المسجد الذي سيحول المنطقة السكنية إلى "منطقة عقيدة واحدة" وستستبعد أتباع الديانات الأخرى. كما يبررون معارضتهم بالقول بأن جماعة التبليغ التي ستبني المسجد تشكل خطرا امنيا، لأن متهمين بالإرهاب ينتمون إلى هذه الجماعة.
وفي فرنسا حيث يقيم خمسة ملايين مسلم وكانت المساجد تبنى فيها بمساعدة ودعم رسمي، قام حزب يميني متطرف برفع دعوتين قضائيتين هذا العام ضد هذا الدعم في منطقة في ضاحية باريس وفي مدينة مرسيليا. أما في سويسرا فقد قدم حزبان يمينيان بطلب إجراء استفتاء عام لحظر المآذن هناك. وفي ايطاليا دعت رابطة مناهضة للهجرة إلى إغلاق كل المساجد والقيام بحملات تفتيش أمنية عليها، فيما ترك محتجون رأس خنزير خارج احد المساجد في بلدة كولي دي فال ديلسا. وفي اليونان لم يتمكن المسلمون من الحصول على ترخيص لبناء أول مسجد لهم في أثينا إلا في يونيو/ حزيران الماضي فقط، بينما مازالت خطط بناء مسجد اكبر معلقة.