خبيرة تحمل السياسيين في فرنسا وتونس مسؤولية تنامي التطرف
١٦ يوليو ٢٠١٦أعاد اعتداء نيس الذي نفذه فرنسي من أصل تونسي، النقاش الموجود حول ظاهرة انتشار الأفكار المتطرفة في صفوف الشباب التونسيين، رغم أنه لم تتأكد حتى الآن الدوافع الحقيقية وراء الحادث. فقد أكد المدعى العام الفرنسي أن منفذ الهجوم شخص تونسي يدعى محمد لحويج بوهلال وكان يقيم في نيس، مشيرا إلى أن التحقيق لا يزال في بدايته.
إلا أن الكشف عن هوية منفذ اعتداء نيس أعاد الكثير من الأسئلة إلى الواجهة، في ظل وجود إحصائيات تشير إلى أن تونس تعتبر المُصدر الأول للجهاديين إلى سوريا والعراق. وهو معطى بات يلطخ صورة تونس كمهد لما سمي بالربيع العربي، وكحالة يرى فيها البعض نموذجا تتطلع إليه باقي شعوب بلدان المنطقة التي عرفت أيضا ثورات في السنوات الأخيرة.
فكيف تلقت الجالية المقيمة في فرنسا خبر تورط فرنسي من أصل تونسي في الحادث الدموي الذي هز فرنسا؟ وكيف يمكن التصدي لظاهرة انتشار الفكر الجهادي في صفوف الشباب التونسيين؟ DW عربية أجرت مقابلة مع اعتدال فضلون بربورة رئيسة مرصد التونسيين بالخارج ومقره ليون الفرنسية، وهي في نفس الوقت رئيسة رابطة حقوق الإنسان بفرنسا ومهاجرة من الجيل الثالث في فرنسا.
فيما يلي نص الحوار:
DWعربية: كيف تلقت الجالية التونسية في فرنسا خبر تورط محمد لحويج بوهلال وهو من أصل تونسي في الاعتداء الدامي؟
اعتدال فضلون بربورة: فعلا القاتل بحسب بعض المصادر فرنسي من أصول تونسية لكنه قبل كل شيء فرد خطير يشكل تهديدا للسلم الاجتماعي. بالتأكيد هذا أثر في الجالية التونسية تماما كما أثر في بقية المواطنين الفرنسيين الذين يعيشون في فرنسا. هل يجب أن نكون من جنسية معينة لرفض هذه البشاعة؟ لا يوجد شخص عاقل يقبل بما حدث.
بحسب المعلومات الأولية فإن الشخص المتورط في الهجوم نشأ في فرنسا كما هو الحال بالنسبة لعدد كبير من المهاجرين في فرنسا. هل تعتقدين أن الفكر الجهادي بات منتشرا بشكل كبير بين هذه الفئة من المهاجرين؟
بالتأكيد لا. لا ينبغي تصنيف هؤلاء حسب جنسياتهم ، كما يجب تجنب خلق الدعاية لهم عن طريق نشر هوياتهم وأسمائهم وأصولهم. أعتقد أنه يتم نشر هذه المعطيات عمدا لخلق فوضى في المجتمع. أما بالنسبة لي فالأمر يتعلق بفرد خطير ولديه اضطرابات نفسية.
بحسب الأرقام المتداولة إعلاميا، تونس تعتبر من أكبر الدول المصدرة للجهاديين، ما هي الأسباب وراء ذلك باعتقادك؟
تونس مثل بلدان كثيرة، كانت تأمل بربيع للشباب لكنها حصدت العكس: ثورة سرقت مكان الشباب، قوى قديمة تتنافس على الغنائم تاركة مستقبل العالم العربي للمجهول. تم تجاهل الشباب وهم الذين دعوا إلى الإصلاح والتغيير. بالتالي نرى اليوم نماذج لشباب محبطين (إما تجدهم كمهاجرين غير شرعيين أو منفيين أو انتحاريين أو متطرفين وجهاديين إلخ).
وبالطبع الأحزاب الحاكمة في كل من تونس وفرنسا تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية، وكل في سياقه التاريخي والاجتماعي.
وكيف يمكن مواجهة هذه الظاهرة؟
أؤمن بأهمية التعليم الجيد والحوار وتقبل الآخر وتبادل الأفكار وإشراك الشباب في القرارات العامة. كل هذه المقومات تعتبر مهمة في سبيل مساعدة شبابنا في الخروج من الضياع الذي يعيشونه. يجب أيضا بناء معايير للأجيال القادمة وهذا يتأتى كذلك عن طريق فصل المشاكل التي يعيشها الشباب المهاجر في فرنسا عن تلك التي يعيشها الشباب المهملون في بلدانهم الأصلية.
أنت تونسية من الجيل الثالث في فرنسا وتنشطين في المجتمع المدني. ما الذي يمكن أن يقوم به أمثالك من الشباب المسلم المقيم في فرنسا في سبيل توعية الشباب بخطورة تبني الفكر الإرهابي؟
خلال جلسة استماع للتونسيين المقيمين في الخارج في البرلمان التونسي، طرحت أهمية إدماج الإشكاليات الاجتماعية للبلدان المستقبلة للمهاجرين، ومنها مثلا فرنسا والجالية التونسية المقيمة فيها، من أجل مساعدتنا نحن الناشطين والخبراء المهتمين بحل الأزمات التي يعيشها المهاجرون. ولكن للأسف لا يهمهم سوى الجوانب السياسية والاقتصادية. وتم إلغاء الدعوة التي قدمت لي. في النهاية أنا واحدة من هؤلاء الشباب الذين يريدون التغيير والإصلاح إلا أنني للأسف على اللائحة السوداء.