خبير ألماني: داعش في منافسة مع القاعدة في ليبيا
١٣ سبتمبر ٢٠١٧عدد متزايد من السياسيين مثل إيمانويل ماكرون أو بوريس جونسون يحاولون التوسط بين حكومتي ليبيا بقيادة فايز السراج والجنرال خليفة حفتر. والآن يظهر ما يسمى تنظيم "داعش" أكثر في ليبيا حيث ينفذ اعتداءات. هل قرر تنظيم "داعش" استغلال هذه الفترة بالذات لإفشال التقارب بين الحكومتين؟
لا أعتقد أن "داعش" في ليبيا قادر حاليا على التفكير في الأحداث السياسية الكبيرة. التنظيم ضعف منذ خسارة مدينة سرت وهو يقاتل من أجل البقاء. وذلك ليس فقط ضد ميليشيات متعددة وضد الحكومتين، بل أيضا ضد المجموعات المقربة من القاعدة. وعليه فإن سمات الحياة هذه ليست إلا مؤشر على أن التنظيم يشيد مجددا بنيانه ويحاول أن يظهر كفاعل، وأهدافه حاليا ليست طموحة.
هل غادر "داعش" يوما ما ليبيا ـ أم أنه ظل في البلاد في شكل خلايا نائمة؟
"داعش" لم يغادر أبدا ليبيا. في ديسمبر 2016 خسر سرت التي كانت معقله الكبير عندما تراجع في صيف 2015 من درنة. لكن كان واضحا حينها أن التنظيم انهزم في المدينة، لكنه ظل يتوفر في البلاد على عناصر. وكان أيضا واضحا بعد إعادة تنظيم أنه سيظهر مجددا ـ على الأقل عندما لا تنجح الدولة الليبية في تحقيق استقرار أكبر وتشكيل قوى أمنية فعالة. وهنا لا يُسجل أي تقدم.
ماذا تعنيه إعادة التنظيم؟
نعايش تنظيما يركز جهده على منطقة سرت ويراقب المدينة. وكان طوال نصف سنة من غير الواضح إلى أي مدى سيعيد "داعش" تنظيمه. أرى حاليا أنه ينشط في العلن. هو لا يتوفر على بنية تشبه الكيان الحكومي، بل إنه بالأحرى منظمة إرهابية تقليدية في الخفاء ـ لكن مع ارتباط مع العراق وسوريا.
في سوريا والعراق لم يتمكن أبدا من الاستيلاء على مدن في الساحل. ما هي إذن أهمية سرت الواقعة على الساحل بالنسبة إلى "داعش"؟
أعتقد أن الصدفة هي التي أتت بداعش إلى سرت. وإذا أردت بناء وجود في ليبيا يجب التمركز في العادة في الساحل، لأن جميع أهم المدن تقريبا تقع على الساحل. في 2013 كان "داعش" يشهد إقبالا كبيرا من الليبيين في سوريا. وتفاعل التنظيم مع ذلك استراتيجيا عندما قال:" الآن عليكم العودة إلى ليبيا وانظروا كيف يمكن بناء فرع هناك". هذا لم يكن في سرت، بل في درنة التي كانت منذ التسعينات معقلا للجهاديين، ولذلك تمكنوا من فرض أنفسهم هناك. الوضع مختلف في سرت، لأنها كانت مدينة معمر القذافي. وحتى في سرت نرى ولو بشكل أقل تداخلا لقوى النظام السابق مع الجهاديين الجدد.
ما هو حجم التطرف الموجود اليوم في ليبيا؟
في السنوات الأخيرة يمكننا ملاحظة أنّ الجهاديين موجودون في كل مكان تكون فيه الدولة ضعيفة أو غير موجودة ـ وهذا بغض النظر عن أية قابلية محلية للتطرف. أعتقد أن العامل الأهم هو فراغ السلطة في البلاد وأيضا النزاعات بين جميع الفاعلين الآخرين. والقوة الموجودة في ليبيا ليست أكبر مما هي عليه في بلدان عربية أخرى. لكن ما هو أكبر هو مجال التحرك لممارسي العنف. وهذا يستفيد منه "داعش" وميليشيات أخرى.
هل تستفيد إحدى الحكومتين من تجدد قوة "داعش" في ليبيا؟
نعم، على الأقل كدريعة. نحن نشاهد ذلك في كافة المنطقة حيث يصبح الإرهاب ـ أكان إرهابا واقعيا أو إرهابا خياليا مثل ما يُنسب للإخوان المسلمين ـ مبررا لأولئك الذين يريدون الظهور كرجال أقوياء. وهذا هو الحال بالنسبة إلى الأسد في سوريا والسيسي في مصر وحفتر في ليبيا. هو يستفيد من ذلك لأن الكثير من الليبيين يتساءلون بأي قوى تريد الحكومة الانتقالية تأمين سلطتها، وبالتحديد في هذا الوضع: إذا عاد "داعش" وإذا تقوت القاعدة، والميليشيات ليست تحت السيطرة. هذه كلها مبررات لشخص مثل حفتر الذي يقوم بدعاية بسجله العسكري وصورته الذاتية كرجل قوي.
ما هو حجم القوة الذي يمكن لداعش أن يكتسبها مجددا في ليبيا؟
"داعش" كان في 2015 و 2016 قويا جدا. كان له ربما أكثر من 5000 عنصر. وهذا عدد كبير بالنسبة إلى تنظيم صغير في بلد لا يعيش فيه سكان كثر. أعتقد أن بإمكانه العودة، لكنه سيواجه صعوبات أكبر في الاستيلاء على مدن. وهذا له ببساطة علاقة بأن الكثير من الفاعلين مدركون للخطر المحدق. ففي الوقت الذي يحاول فيه السيطرة على أراض، فإن وحدات حفتر والأمريكيين والفرنسيين يتحركون. وحتى الحكومة الانتقالية لها تأثير على بعض الميليشيات المناهضة لداعش. وهناك بوجه خاص وحدات وفية للقاعدة، وهذا هو المثير للانتباه في ليبيا. يمكن في ليبيا مشاهدة أن "داعش" رغم قوته لم يكن قادرا حتى الآن على فرض نفسه أمام مجموعات مقربة من القاعدة.
أجرت المقابلة ديانا هودلي
*غيدو شتاينبيرغ أستاذ للعلوم الإسلامية وخبير شؤون مكافحة الارهاب، وهو باحث في معهد العلوم والسياسة في برلين. كان يعمل مستشارا في قضايا الإرهاب في مكتب المستشارية لغاية تشرين الأول/ أكتوبر 2005.