حرب كوريا المنسية
٢٦ يوليو ٢٠١٣لم تتمكن لا قوات الأمم المتحدة بقيادة الولايات المتحدة، ولا قوات كوريا الشمالية بدعم من الصين وبترسانة سوفيتية عتيدة من تحقيق النصر. وعليه بقي كل شيء كما كان قبل الحرب، أي دكتاتورية شيوعية في شمال كوريا يدعمها الاتحاد السوفيتي والصين، ونظام نظام معادٍ للشيوعية بدعم من الغرب في كوريا الجنوبية.
وبهدف إخضاع الكوريتين للسيطرة الشيوعية، عبرت قوات الدكتاتور الكوري الشمالي كيم إل سونغ في صيف عام 1950، الحدود على درجة العرض الثامنة والثلاثين باتجاه الجنوب، بدعم من ستالين وماو تسي تونغ. وبعد ثلاثة أيام فقط، نجحت قوات كوريا الشمالية في الاستيلاء على عاصمة كوريا الجنوبية سيئول. وبعد أسابيع قليلة أجبر الجيش الشمالي القوات الجنوبية التي لم تكن تحظ سوى بدعم أمريكي بسيط، على التراجع إلى منطقة صغيرة محيطة بميناء بوسان في جنوب شرق شبه الجزيرة الكورية.
تدخل عسكري من قبل الأمم المتحدة
في غضون ذلك، أقر مجلس الأمن الدولي في الثلاثين من تموز/ يوليو عام 1950 وأمام غياب الاتحاد السوفيتي، التدخل في النزاع عن طريق إرسال قوات أممية إلى كوريا. ونجحت هذه القوات التي هيمنت عليها وحدات أمريكية، في الحد من تقدم الكوريين الشماليين. بل وعبرت القوات الدولية درجة العرض الثامنة والثلاثين واستولت على عاصمة الشمال بيونغيانغ إلى جانب مناطق أخرى. إلا أن إرسال مئات الآلاف ممن وصفوا بالمتطوعين من الصين أدى إلى طرد الجيش الكوري الجنوبي وقوات الأمم المتحدة مجددا إلى درجة العرض الثامنة والثلاثين؛ لتنطلق بعدها شرارة حرب الخنادق الدموية.
ورغم أن مفاوضات وقف إطلاق النار انطلقت في تموز/يوليو عام 1951، إلا أنها استغرقت سنتين إلى أن تمّ في الـ27 من تموز/ يوليو 1953 التوصل إلى الهدنة. ويقول المؤرخ رولف شتاينينغير إن ستالين على وجه الخصوص هو من يتحمل مسؤولية مواصلة القتال ومصرع مئات الآلاف من الأشخاص. ويضيف: "نعرف اليوم أن كيم إل سونغ وماو تسي تونغ أرادا إنهاء الحرب. إلا أن ستالين رفض ذلك". ويردد عن ستالين قوله: "لا نفقد إلا أناسا. ويتوفر لدينا عدد كاف منهم". ويعتبر المؤرخ شتاينينغير من جامعة إنسبروك النمساوية أن "إستراتيجية ستالين رمت إلى إضناء الأمريكيين في كوريا". ورغم أنه كان واضحا أنه لا يمكن حل نزاع كوريا عسكريا، إلا أن اتفاق الهدنة لم يكن ممكنا إلا بعد وفاة ستالين في آذار/ مارس عام 1953.
حرب منسية
مرت أربعون عاما، والرأي العام الأمريكي تناسى حرب كوريا إلى أن أسس عدد من الممثلين المعروفين ورواد الفضاء الأمريكيين جمعية لإقامة نصب تذكاري لهذه الحرب، تمّ تدشينه عام 1995 في العاصمة واشنطن. وإلى ذلك الحين كانت حرب كوريا، الحرب الوحيدة التي لم يخصص لها نصب تذكاري، حسب المؤرخ شتاينينغير.
وعكس الأمريكيين، لم ينس الكوريون الحرب أبدا. وشهد هان كيونغ لي اندلاعها في الـ25 من حزيران/يونيو عام 1950. وكان آنذاك في الثانية عشرة من عمره، ويعيش في قرية بقرب من درجة العرض الثامنة والثلاثين. ويرفض هان كيونغ مصطلح "الحرب المنسية" لأنه يعني أن الحرب منتهية. إلا أن كوريا "لا تزال في حالة الحرب حتى يومنا هذا. ولذلك، فإنه مصطلح غير مناسب".
هان كيونغ لي الذي بلغ اليوم 75 عاما ويعيش في ألمانيا منذ عام 1965، لا يمكنه نسيان ما شاهده في الحرب، فالغارات الجوية المتواصلة التي قامت بها القوات الأمريكية أدت بالدرجة الأولى إلى مقتل المدنيين والنساء والأطفال. كما أن البلاد تحوّلت إلى صحراء من الأنقاض. ويضيف شتاينينغير: "اشتكى الطيارون الأمريكيون في نهاية عام 1951 من عدم وجود أية أهداف لغاراتهم، لأن البلاد كانت مدمرة كليا".
قضية إعادة توحيد كوريا
وبعد توحيد الألمانيتين عام 1990 ، جرى الحديث عن احتمال توحيد الكوريتين. إلا أن عددا كبيرا من الكوريين الجنوبيين غيّروا من مواقفهم الداعمة للوحدة لأسباب اعتبرها شتاينينغير مبررة، نظرا لأن "انهيار النظام الكوري الشمالي من شأنه أن يضع كوريا الجنوبية أمام تحديات أكبر بكثير من تلك التي واجهتها ألمانيا الغربية بعد سقوط جدار برلين".