تعليق: المملكة بعد وفاة الملك فهد: إلى أين؟
إن وفاة ملك حكم بلد ما 23 عاما يؤدي في الحالات الطبيعية إلى حدوث تطورات كبيرة في هذا البلد. ولكن هذا لا ينطبق على السعودية التي ودّعت اليوم الملك فهد بن عبد العزيز إلى مثواه الأخير، فقد جُرد، أو لنقل تخلى الملك الراحل عن عمر يناهز 82 عاما منذ عشر سنوات بعد إصابته بجلطة من جميع مهام الحكم وتم نقل هذه المهام إلى ولي العهد عبد الله. والآن تم مبايعة عبد الله ملكا ووزير الدفاع الأمير سلطان وليا للعهد.
لا عجب في ذلك، فقد كان ولي العهد الأمير عبد الله الحاكم الفعلي للبلد البالغ عدد سكانه 24 مليون نسمة وحاول الظهور أمام الرأي العام وفي المحافل الدولية والمحلية كسياسي مصلح، فقد سمح عبد الله في بداية العام الجاري لأول مرة بإجراء انتخابات إقليمية، معلنا عن نيته في السماح بإجراء انتخابات لاحقة تشارك فيها حتى النساء السعوديات. أما على الصعيد الخارجي فقد تمكن عبد الله في القمة العربية التي نظمت في العاصمة اللبنانية في عام 2002 من تمرير مقترحات سعودية تبنت مشروعا سلميا للخروج من دوامة العنف في الشرق الأوسط والتوصل إلى حل سلمي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ولكن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون رفضت هذه المقترحات.
إذاً، قدم عبد الله وعودا بإجراء إصلاحات في بلد يستقي أهميته قبل كل شيء من كونه أكبر دولة مصدرة للنفط. ولكن في فترة حكم عبد الله للبلاد، ساءت العلاقات بين الرياض وواشنطن، وذلك بعد الهجمات التي تعرضت لها نيويورك في أيلول/ سبتمبر من عام 2001. ورافق سوء العلاقات بين البلدين امتعاض أوساط سعودية رفيعة المستوى من الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد الإرهاب، وذلك بشكل عشوائي دون التفريق بين الإسلام والإرهاب. في هذا الخصوص يجب القول إن الفضل في عدم تدهور العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة بشكل كبير يعود إلى الجهود التي بذلها ولي العهد عبد الله.
كما يشار في هذا السياق إلى أن العلاقات بين واشنطن والرياض شهدت أوقاتها الذهبية في بداية التسعينات أثناء قيام الديكتاتور العراقي السابق صدام حسين باحتلال الكويت. في حينها سمح الملك السعودي الراحل بعد طرد القوات العراقية من الكويت بنشر قوات أمريكية في الأراضي السعودية، الأمر الذي أثار غضب الإسلاميين من مؤيدي أسامة بن لادن زعيم تنظيم "القاعدة" وأدى إلى توجيه اتهامات للعائلة المالكة في السعودية بفتح أبواب الأراضي المقدسة أمام القوات الأجنبية. وهنا يجب التأكيد أنه تم سحب هذه القوات من الأراضي السعودية قبل وقت قصير من الحرب الأمريكية على العراق في عام 2003، وذلك تمشيا مع رغبات الأمير عبد الله. رغم ذلك لم يتمكن عبد الله من الحيلولة دون وقوع عمليات إرهابية داخل المملكة وما زالت خلايا إرهابية ناشطة في الأراضي السعودية.
صحيح أن هذه الجماعات الإرهابية لن تتمكن من التأثير على الملك الجديد، ولكن السعودية ستكون مجبرة عاجلا أم آجلا على الإجابة على السؤال التالي: ما هو تأثير قدوم جيل جديد إلى سدة الحكم في السعودية؟ علاوة على ذلك يجب علينا نحن أن نطرح السؤال التالي على أنفسنا: في إي اتجاه ستسير المملكة العربية السعودية؟
تعليق: بيتر فيليب
دويتشه فيله