تزايد ظاهرة الاحتراق النفسي لدى الطلبة الألمان
١٣ أبريل ٢٠١٢الحياة الطلابية الجميلة المليئة بالنشاط والحركة، هي مجرد حياة مفترضة لدى الكثير من الطلبة الألمان. فقد أطلقت وحدات الاستشارات النفسية التابعة لمكتب شؤون الطلبة الألمانية جرس الإنذار، حيث إن 83 بالمئة من الأخصائيين النفسيين لاحظوا تزايد الضغط والإرهاق النفسيين على الطلبة. وهذا ما أثبتته دراسة للباحثة في علم الاجتماع دورين ليبولد من مدينة كيمنيتس الألمانية:
DW: سيدة ليبولد، أصبح مصطلح" الاحتراق النفسي" يستعمل لوصف كل المشاكل النفسية الممكنة. لكن ما هو"الاحتراق النفسي"؟
دورين ليبولد: "الاحتراق النفسي" كما أفهمه، هو حالة إنهاك روحي وجسدي وعاطفي تتطور على مدى الزمن. وينبغي أن نعرف أن "الاحتراق النفسي" لا يتعلق بالضرورة بمرض بالمفهوم الحقيقي للمرض. هذا يعني أن الاحتراق النفسي لا يوصف بالدرجة الأولى كمرض، وإنما كتشخيص لاضطرابات في التكيف مع الأوضاع أو اكتئاب.
كيف يظهر " الاحتراق النفسي " على وجه التحديد لدى الطلبة؟
يعاني الطلبة من أعراض مختلفة، فمن جهة يتحدثون عن اضطرابات في الأداء والتركيز والنوم، وكذلك عن متاعب في المعدة. ومن جهة أخرى، يشعر الكثير من الطلبة بالإحباط والخيبة. وبالتالي يفقدون فرح ومتعة الدراسة وينعزلون عن أصدقائهم وأهلهم.
منذ إدخال تعديلات على النظام الجامعي في ألمانيا تحت بما يعرف ب"إصلاح بولونيا" منذ أكثر من عشر سنوات والذي أقر اعتماد نظام البكالوريوس والماستر، يقال إن هذا التغيير هو السبب في التوتر الذي يعاني منه الطلبة، هل أكدت دراستك ذلك؟
في إطار دراستي استطلعت آراء 14 أخصائيا نفسيا تابعا لمكاتب شؤون الطلبة لدى الجامعات الألمانية. ويرى هؤلاء في إصلاح بولونيا الجامعي سببا فعليا لزيادة الضغط النفسي والاجتماعي على الطلبة. خاصة في ما يتعلق بازدياد كثافة العمل المصاحبة لأنظمة دراسية صعبة. هذا بالإضافة إلى الضغط النفسي، الذي يتعرض له الطلبة من قبل الجامعات والمجتمع بسبب الانتظارات المتوقعة منهم. كما يعاني الكثير من الطلبة من الخوف من عدم الحصول على وظيفة في سوق الشغل، إن لم تتوفر بهم كل الشروط. وهو أمر صحيح فالشهادة الأكاديمية لا تقي من البطالة أو من عمل غير مستقر.
عند الحديث عن ظاهرة "الاحتراق النفسي" هل يمكن التفريق بين طلبة تخصصات معينة؟
لا، لم أتبين ذلك. لكن هناك فرق في الاحتراق النفسي بين الرجال والنساء. الطلاب الذكور يظهرون اضطرابات في الدراسة والعمل. و يعانون أيضا من فقدان خفيف للسيطرة، والرهاب الاجتماعي، أو يتوجهون إلى الإدمان بمختلف أشكاله كالإدمان على الانترنت مثلا. أما الطالبات فإنهن على العكس يعانين من اضطرابات نفسية تنعكس على الوظائف الجسدية أو يعانين من الاكتئاب. ولديهن باستمرار مشاكل تتعلق بتقدير الذات أو مشاكل الهوية، هذا بالإضافة إلى مشاكل الضغط التي تولدها المطالب بأداء جيد.
من يعاني أكثر من الاحتراق النفسي النساء أم الرجال؟
الرأي الشائع هو أن المرأة معرضة أكثر لتأثيرات الضغط النفسي و للإجهاد. لكن دراستي تبين أن الأمر ليس كذلك. الرجال أيضا معرضون بنفس الحجم للمشاكل النفسية، لكنهم لا يطلبون المساعدة أو يأتون بشكل متأخر لمراكز الاستشارات النفسية، وقد يكون الأوان قد فات أحيانا.
تعرض مكاتب شؤون الطلبة ومنذ وقت طويل المساعدة النفسية للطلبة. هل وجدت في دراستك بعض الأمور التي ينبغي أن يعيد فيها الأخصائيون النفسيون النظر؟
إعادة النظر هو أمر ضروري، لكنه في نفس الوقت أمر صعب. لكني أعتقد أنه ينبغي أساسا تقديم عروض أكثر للطلبة الذين يحتاجون للمساعدة، لأنه يوجد في الوقت الحالي عدد قليل من الأخصائيين النفسيين. وقد صرح 53 بالمئة من المتخصصين بذلك في الاستطلاع الذي أجريته. كما ينبغي أن ننطلق من أن ظاهرة الاحتراق النفسي ستتزايد، ففي السنوات الخمس الماضية لاحظ الأخصائيون تزايدا للظاهرة لدى الطلبة. ولأن ضغط الأداء الجيد وضغط المنافسة يتفاقم في المجتمع، وبما أنه لا وجود في الأفق لإصلاحات في نظام البكالوريوس والماستر، فإن ظاهرة الاحتراق النفسي لدى الطلبة ستتزايد في المستقبل.
أجرت الحوار: سفينيا أوينيش
ترجمة: ريم نجمي
مراجعة: شمس العياري