تركيا ـ من لا يدعم عملية عفرين يدفع الثمن غاليا
٨ فبراير ٢٠١٨في برنامج لقناة تلفزة مقربة من الحكومة كان مذيعون يشاهدون الأسبوع الماضي أمام الكاميرا حسابات بعض المشاهير في وسائل التواصل الاجتماعي. ومن لم ينشروا شيئا في حساباتهم حول الحملة العسكرية التركية في شمال سوريا وصفوهم بأنهم "مشاهير لا يدعمون العملية العسكرية في عفرين".
وفي تركيا يواجه الأشخاص الذين يتخلون عن تعليقات سياسية في وسائل التواصل الاجتماعي الضغوطات مثل الممثلة الشهيرة غوبزه أوزاي، التي تكتب في العادة عبر "تويتر" عن موضوعات ثقافية. لكنها عندما عبرت بصفة عفوية عبر تويتر عن مشاعرها المتضامنة مع ضحايا الزلزال في ألاسكا، تمت مهاجمتها: "عوض أن تكتب عن عفرين هي تغرد عن ألاسكا".
وتدافع أوزاي عن نفسها بالقول: "عندما يحصل شيء حزين لا أنشر في العادة شيئا كي يتمكن الناس من تنفس الصعداء. ولكن في هذه الحال استيقظت في الصباح وقرأت أن الآلاف ماتوا. ومن هنا قمت بنشر شيء عبر تويتر". لكن يبدو أن الأوقات جد حساسة حاليا في تركيا، ويمكن تفهم ردود الفعل، فقد لجأت أوزاي إلى مسح تغريدتها حول ألاسكا.
"الآخرون يريدون تحديد ما نكتبه"
الموسيقي هالوك ليفينت يروج عبر موقعه في تويتر لمعلومات حول منظمة الإغاثة "أحباب AHBAP" التي يرأسها. فعندما عبر عن حزنه على الجنود الأتراك الذين سقطوا في عفرين، تعرض للانتقاد لأنه لم يكتب شيئا عن موتى الجيش السوري الحر، كما يقول الموسيقي. وأضاف: "نحن وصلنا إلى نقطة يريد الآخرون فيها تقرير ما نكتب ". ومؤخرا قال أحد المذيعين في الراديو: "من يقول شيئا معارضا للعملية العسكرية، أكان صحفيا أم برلمانيا اقتلوه". ومثل هذه التصريحات تكشف بوضوح كيف هي الأجواء السائدة في المجتمع.
في 2008 نشر خبير الشؤون الاجتماعية تانيل بورا كتابا بعنوان "نظام الانتقام في تركيا". وخلاصته هي أنه في السنوات العشر الأخيرة تقوى الميول إلى انتقاد وقمع من لهم أفكار مغايرة. وفي ديسمبر/ كانون الأول أصدرت الحكومة مرسوم حالة الطوارئ 696 الذي يضمن حماية المدنيين الذين جابهوا حتى بالعنف الانقلاب العسكري.
بدون حرية تعبير لا وجود للديمقراطية
حزب المعارضة التركي الكبير، حزب الشعب الجمهوري يحمل الحكومة مسؤولية أجواء العنف المتزايد، إذ أوضح رئيس الحزب أن الضغوط تمارس على من له رأي مختلف تجاه العملية العسكرية في عفرين وأن من يرفضون التدخل العسكري في شمال سوريا يتعرضون أكثر للاعتقال. وقال رئيس الحزب المعارض: "إذا لم تتوفر حرية التعبير في بلد، فإنه لا وجود للديمقراطية".
أما خبير الشؤون الاجتماعية تانيل بورا فقد لاحظ أن عقلية قمع من لهم أفكار مغايرة لا تقتصر على العملية العسكرية في عفرين، بل هي ظاهرة في الحياة اليومية. "وهنا يكمن الخطر، في التعود الذي يقود تقريبا إلى منافسة ومزايدات".
والسؤال هو ماذا يوجد خلف هذه العقلية؟ الشعور بأن الحكومة وأصحاب السلطة يدعمون الشخص المعني، والاعتقاد بأن لديه الحق في التدخل في حياة الآخرين فيما يكتبون وفيما يفكرون. لكن ما الذي يمكن أن يفعله الذين يعانون من الضغوط؟ الخبير تانيل بورا له ثلاثة اقتراحات: معرفة أن المجتمع بعيد عن المدنية، ولا يحق السماح بأن يصبح ذلك عاديا، والابتعاد عن تبني لغة وأسلوب مراقبي الأفكار.
بيكلان كولاكسيزوغلو/ م.أ.م