تجربة تحاكي رحلة مأهولة إلى المريخ
٢ يونيو ٢٠١٠لن يرى رواد الفضاء أحدا غير زملائهم لمدة سنة ونصف السنة. يشارك في التجربة ستة رجال من روسيا وفرنسا وايطاليا والصين، وسيقضي الرواد في المركبة الفضائية الوقت اللازم لرحلة إلى المريخ والهبوط على سطحه ثم العودة إلى الأرض. كما لن يرى الرواد ضوء النهار خلال هذه المدة وستكون التجربة امتحانا جسديا ونفسيا صعبا لهم. والتجربة التي تشارك وكالة الفضاء الأوروبية فيها هي تمهيد للقيام برحلة مأهولة إلى المريخ في المستقبل.
قبل بدء التجربة خضع رواد الفضاء لفحوص طبية في مختبر الجهاز التنفسي في موسكو لاختبار لياقتهم البدنية، وهذا ضروري لأشخاص سينقطعون عن العالم الخارجي لهذه المدة الطويلة. ويقول ألكسندر سوفوروف المشرف على التجربة " نفحص اللياقة البدنية للمتطوعين مثل حالة القلب والدورة الدموية والتنفس، وهذا يوفر لنا بيانات واضحة عن الحد الأقصى لما يمكنهم تحمله".
الآلاف تطوعوا للمشاركة في تجربة المريخ 500
خضع للفحوص الطبية وشارك في التمارين أحد عشر شخصا، وهم ستة روس وأربعة أوروبيين وصيني، ووقع الاختيار على ستة أشخاص فقط سيقضون سنة ونصف السنة في نموذج لمركبة فضائية تم بناؤها في قاعة ضخمة في موسكو.
ويصف جيرومي كليفرز البالغ من العمر 29 عاما المركبة الفضائية المزيفة بقوله "الحجرة الأولى هي وحدة لاندر ونستخدمها للانتقال من المركبة الفضائية إلى سطح المريخ، والثانية هي وحدة المعيشة وهي مكونة من ست غرف فردية لكل فرد من أفراد الطاقم، وغرفة طعام وصالة ومطبخ".
يعمل جيرومي كليفرز، المولود في بروكسيل، مهندسا في شركة فرنسية لتصنيع محركات الطائرات المروحية. وهو أحد آلاف الأشخاص الذين تقدموا بطلب المشاركة في هذه التجربة وشارك في الاختبارات لكن لم يقع الاختيار عليه، ورغم ذلك فهو غير نادم على المشاركة، ويقول" لقد تقدم أكثر من ستة آلاف شخص للمشاركة في برنامج المريخ 500 وفي النهاية تم اختيار شخصين من أوروبا، وكانت الفحوص والتمارين والأسئلة صعبة للغاية لكن التجربة كانت ممتعة لأن المرء يتعلم الكثير عن نفسه".
لن يقلع نموذج المركبة الفضائية من مكانه طبعا، إلا أن الطاقم سيعيش نفس الظروف الحقيقية التي سيعيشها رواد الفضاء في رحلة إلى كوكب المريخ، فهم سيأكلون نفس الطعام الذي يتناوله رواد الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية، لكن لن يكون بالإمكان إمداد مركبة وجهتها المريخ بالمواد الغذائية كما يقول ألكسندر سوفروف، "هذه التجربة هي أكثر تجربة تحاكي واقع رحلة إلى المريخ من بين كل التجارب المماثلة، هذا إذا استثنينا الأشعة الكونية وانعدام الجاذبية. لكننا قمنا بفحص أثر التعرض للإشعاع الكوني لمدة طويلة على الحيوانات، أما انعدام الجاذبية فاختبرناه على أشخاص أمضوا سنة في الفراش". وتعتبر قدرة رائد الفضاء على تحمل المشاق الجسمانية هامة جدا، إضافة إلى قدرته النفسية على العيش مع آخرين في مكان ضيق لا يمكنه مغادرته.
رحلات الفضاء تساهم في تطوير العلوم الأخرى
يأمل الذين وقع الاختيار عليهم أن يكونوا من بين أفراد الطاقم الذي سيشارك بعد 20 أو 30 سنة في رحلة إلى المريخ، وهذا بالضبط ما يأمله ألكسندر سمولييفسكي البالغ من العمر 32 عاما، "إن رحلة إلى المريخ تعتبر هدفا علميا رائعا ستحفز باقي العلوم، فقبل أن ترسل مركبة فضائية إلى كوكب ما، عليك أن تجد حلولا كاملة لمجموعة من المشاكل العلمية ذات الصلة، والتي يمكن تطبيقها في مجالات أخرى أيضا، على سبيل المثال تطوير وجبات معينة ودعم القدرات الفكرية والمادية والتطبيب عن بعد، هكذا يمكن لرحلات الفضاء أن توفر حلولا للكثير من المشاكل".
إن إرسال مركبة فضائية مأهولة إلى المريخ ما زال يتطلب عقودا من الاستعدادات، فمعدل فشل الرحلات غير المأهولة يبلغ حوالي 50 بالمائة، لذلك مازال هناك الكثير من المشاكل التي تحتاج إلى حل. وقد دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما لتطوير نوع جديد من المركبات الفضائية يمكنه حمل رواد الفضاء إلى المريخ في موعد لا يتجاوز منتصف عام 2030. وبرنامج المريخ 500 سيوفر معلومات لا تقدر بثمن لتحقيق هذا الهدف.
الكاتب : غيرت غروت غوركامب / عبد الرحمان عثمان
مراجعة: حسن زنيند