تباين مواقف مثقفي مصر بشأن حظر فيلم "حلاوة روح"
١٨ أبريل ٢٠١٤في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ السينما في مصر، قرر رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب منع عرض فيلم "حلاوة روح". وقد أثار هذا الفيلم جدلاً كبيرا في مصر نظرا لما يتضمنه من مشاهد ساخنة، اعتبرها البعض خادشة للحياء ومخلة بقيم المجتمع المصري المحافظ، فيما اعتبره البعض الآخر تدخلا سافرا من قبل الحكومة في مسائل ليست من اختصاصها.
وقد أصدرت "جبهة الإبداع المصري" في هذا الصدد بيانا تنتقد فيه قرار مجلس الوزراء بإيقاف عرض الفيلم، معتبرة أنه يشكل "تعديا" على حريات الفكر والتعبير والفنون التي يكفلها الدستور المصري.
من جهته، يسلط صلاح سالم، كاتب مصري في جريدة الأهرام، في حوار مع DW عربية الضوء على أهمية أن يكون المجتمع هو الرقيب على الأعمال الفنية. ويقول: "من حق أي أحد أن يتجاوز النقد الفني، ومن يرغب حتى في توبيخ الأديان، فليفعل لأن المجتمعات الحرة تسمح بذلك". ويعزو سالم قرار إبراهيم محلب منع الفيلم إلى ما وصفه بحالة "الاضطراب التي تعيشها الحكومة الانتقالية". ويردف قائلا: "هناك حالات استثنائية تحدث في الدولة فيما يتعلق بالحريات والقمع. ومنع الفيلم يعد قمعا فكريا ولا يعبر عن سياسية بعيدة المدى". ويضيف في السياق ذاته: "قرار المنع يعد أيضاً محاولة لإرضاء الشارع. وهذا سلوك شعبوي غير مدروس."
"الدولة ليست وصية على أخلاق المجتمع"
ويعرب سالم عن استيائه من قرار الدولة قائلا: "قرار الدولة يعني بأنها ترى نفسها وصية على أخلاق الشعب، وهو سلوك يصب في خانة الدولة الدينية وليس الدولة المدنية."ويضيف قائلا: "وهي نفس الممارسات التي كانت تنتهجها جماعة الإخوان المسلمين. ويبدو أن الدولة تغافلت عن شيء مفاده أن الشعب يرفض أن تكون الدولة وصية على أخلاقهم." ويشدد سالم على أن الطريقة المثلى لمواجهة هذا الفن، هي كتابة المقالات التي تناشد الناس بعدم مشاهدة هذا النوع من الفن "الهابط"، وليس عن طريق الحظر.
من جانبها، تصف منصورة عز الدين، هي كاتبة وصحافية مصرية، قرار رئيس الوزراء بمنع الفيلم بـ "الكارثة". وتقول في حديث لDW عربية "مشكلة الحكومة المصرية أنها تعتبر نفسها طوال الوقت محافظة، وكأن هناك مزايدة بأنها الأكثر تديناً، أيا كان توجهها سواء إسلامي أو حتى علماني". وتلفت إلى أن الحكومة إنما تحاول التغطية على أشياء أخرى أكثر إلحاحاً مثل الفشل الأمني في مواجهة التفجيرات. ومن هذا المنطلق، تدعو عز الدين إلى تكثيف الضغط على الحكومة من أجل حماية حرية التعبير.
"الدولة حارسة لثقافة المجتمع"
في المقابل، ترى الدكتورة نورهان الشيخ، وهي أستاذة في العلوم السياسية بجامعة القاهرة، في حديث مع DW عربية الموضوع من منظور آخر، بحيث تقول:" غياب الرقابة على المصنفات الفنية أفضى إلى انخفاض الذوق الفني في مصر"، واصفة الأفلام الجديدة التي تقدمها السينما المصرية بـ "المبتذلة". وتوضح موقفها الداعم بحظر فيلم "حلاوة روح" بالقول: "الفيلم يشرع العلاقات غير الشرعية في المجتمع. كما أنه يضر بقطاع التعليم برمته". وتشير في هذا الصدد إلى أهمية دور الدولة في الحفاظ على الثقافة المصرية.
وبسؤالها عن مدى سماح الرقابة الفنية بعرض الفيلم، ترد بوصف الرقابة الفنية بأنها "فاسدة" وتسمح بعرض الأعمال الفنية المبتذلة. وتعرب في الوقت نفسه عن استنكارها من حديث البعض عن أن قرار الحكومة يمثل بداية للرقابة على الأعمال الفنية والسياسية، قائلة: "نحن قمنا بثورتين، فلا يمكن العودة إلى الوراء. وهناك فارق بين الفوضى والحرية."
أما هشام أصلان، وهو كاتب وصحفي في جريدة الشروق المصرية، فيرى أن القرار الحكومي بحظر الفيلم إنما أضفى عليه أهمية لا يستحقها، ويقول: "قرار رئيس الوزراء بمنع الفيلم نقله من مجرد فيلم تجاري تافه إلى فيلم يعاني أصحابه من المنع والقمع".
ويضيف في مقابلة مع DW عربية "لو تجاهلت الحكومة الأمر تماما، لكان سيمر مثله مثل كل الأفلام المثيرة للجدل". لكن قرار الحظر ساهم في زيادة نسبة المشاهدة عبر الإنترنت في مصر، على حد قوله.