بعد اليونان دول عدة مرشّحة على لائحة الإفلاس
٢٩ أبريل ٢٠١٠من الواضح أن للدين الحكومي المرتفع علاقة بحركة الاستدانة الجديدة، وبالضعف الذي تسجّله حركة النمو الاقتصادي في دول مثل البرتغال وايرلندا واليونان وإسبانيا، المنتمية إلى منطقة اليورو والمرشحة حسب بعض الخبراء للإفلاس. ففي ايرلندا وإسبانيا على سبيل المثال أصيب القطاع العقاري وقطاع البناء بضربة قاصمة بعد المضاربات العالية في الأسعار التي حصلت فيهما.
خفض قدرة البرتغال على تسديد الديون
تحتاج البرتغال خلال العام الجاري إلى نحو 20 مليار يورو من القروض والتسليفات، ستة مليارات منها يتوجب تأمينها قبل آخر شهر أيار/مايو المقبل. وبعد خفض شركات التقويم والتصنيف Rating Agency مؤخرا لمعدل الثقة في قدرة البلد على تسديد ديونه يتوجب عليه الآن دفع فوائد أعلى على ما يقترضه من أموال. صحيح أن مديونية لشبونه البالغة 9،4 في المائة غير عالية مقارنة مع اليونان (13،6 في المائة)، إلا أن قاعدة البلد الاقتصادية ضعيفة، كما أن أمكنة العمل فيه لا تزال قليلة القدرة على المنافسة مع غيرها، إضافة إلى وجود القليل من المصانع. وفي المقابل تعاني الشركات والعائلات من عجز ومن ديون عالية، ما دفع بالحكومة البرتغالية إلى إقرار برنامج تقشّف أثار احتجاجات كبيرة ضده في البلاد. ويتوقع المرء أن يبلغ الدين العام في الموازنة 8 في المائة العام الجاري. وفيما يشكل العجز المالي 85 في المائة من الناتج القومي السنوي فان المسموح به حسب معاهدة ماستريشت هو 60 في المائة فقط.
إسبانيا ليست اليونان، ولكن ...
وتصرّ وزيرة المالية الإسبانية إيلينا ساغادو على القول بأن بلدها ليس اليونان، وهي على حق في ذلك في ما يتعلق بالأرقام. فمجمل الدين العام الأسباني لا يتجاوز الـ 66 في المائة من إجمالي الناتج القومي السنوي، لكن العجز المسجل في موازنة السنة الحالية يبلغ 10 في المائة (بلغ العام الفائت 11,2 في المائة) والفوائد التي يتوجب على مدريد دفعها على قروضها لا تزال حاليا في نطاق معقول، لكنها ترتفع بدورها أيضا. وأقرَّت الحكومة الإسبانية التي ترأس حاليا الاتحاد الأوروبي تنفيذ برنامج تقشّف من 50 مليار يورو بهدف خفض العجز في الموازنة، لكن البطالة في البلاد وصلت إلى 20 في المائة. وعلى عكس الاتجاه السائد في الدول الأوروبية هذه السنة سيصاب الاقتصاد الإسباني بالضمور بعض الشيء بدل النمو علما أنه أكبر رابع اقتصاد أوروبي. وحسب الخبراء فان إسبانيا بعيدة بعض الشيء عن حافة الإفلاس.
ايرلندا:عقارات مهجورة ومحلات ميتّمة
يتَسم الاقتصاد الايرلندي منذ فترة بوجود قطاع عقارات ومكاتب مهجورة ومحلات ميتّمة. وانخفضت قيمة العقارات في بعض المدن بنسبة 50 في المائة وحصل بطء شديد في استعادة القروض العالية. ومن المنتظر أن يرتفع العجز في الموازنة الحكومية إلى 14،7 في المائة هذا العام (14،3 في المائة العام السابق)، وهو أعلى من عجز اليونان. وتحاول الحكومة الايرلندية التقشف بكل الوسائل. ووصلت البطالة في البلاد إلى 13 في المائة ، وفي برنامجها للتقشف وضعت الحكومة حدا للمخاطر الإضافية التي يمكن أن تنتج عن الأوراق المالية التي تملكها، الأمر الذي أعاد الهدوء بعض الشيء إلى الأسواق المالية.
إيطاليا: الأزمة واضحة "في نوادي مجانين كرة القدم"
يبلغ العجز في الموازنة الإيطالية 5،3 في المائة ، وهو وإن كان منخفضا عن غيره، إلا أنه يبلغ تقريبا ضعف ما ينص عليه معيار ماستريشت المحدد ب 3 في المائة. وتكمن المشكلة في إيطاليا في ارتفاع نسبة العجز في الناتج القومي السنوي البالغ 117 في المائة. وعلى ما يبدو فإن الأسواق المالية في إيطاليا وفي أوروبا تعوَّدت على هذه الحالة، إذ أن النسبة كانت 100 في المائة عند دخول روما منطقة اليورو وتمكنت حتى الآن من إظهار التماسك فوق الخيط الذي تقف عليه بفضل قاعدتها الصناعية المتمايزة عن دول الاتحاد الجنوبية. ويتوقع الخبراء أن تسجل إيطاليا هذا العام نموا من 0،7 في المائة ، لكن الأزمة فيها تبدو واضحة في نوادي كرة القدم العاجزة في فئة الدوري الثاني عن دفع معاشات اللاعبين بصورة شهرية، وذلك في البلد المعروف بمجانين كرة القدم.
دول عديدة داخل الاتحاد وخارجه حصلت على مساعدات
وخارج منطقة اليورو التي تضم 16 دولة تلقت المجر ولاتفيا ورومانيا العام الماضي مساعدات مالية من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لتفادي الإفلاس. ففي عام 2008 حصلت المجر على موافقة لتلقي 20 مليار يورو، لكنها اكتفت باستدانة تسعة مليارات بعد أن نجحت الدولة في تنفيذ تقشف كبير. وحصلت لاتفيا التي تعاني من بطالة عالية على 7،5 مليارات من صندوق النقد الدولي ومارست عملية تقشف أدت إلى فرط التحالف الحكومي فيها. وتلقّت رومانيا 20 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد والبنك الدولي.
ومن خارج الاتحاد الأوروبي حصلت أوكرانيا على 12،2 مليار يورو من صندوق النقد، ولكن عندما لم تنفذ برنامج التقشف الذي وعدت به أوقف الصندوق مواصلة عملية الإقراض. وحصلت روسيا البيضاء على ملياري يورو من الصندوق، كما نالت كل من صربيا والبوسنة ـ الهرسك ومولدافيا نحو 3 مليارات يورو معفية من الفائدة حتى عام 2011.
الكاتب: بيرند ريغرت / اسكندر الديك
مراجعة: عبدالرحمن عثمان